متابعات

مصطفى حقيِّة يروي تاريخ طرابلس

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

أمسية ثقافية بعنوان (طرابلس تاريخ وحضارة)

أطلقت بلدية طرابلس المركز برنامجها الثقافي لمنتصف شهر رمضان المبارك، وذلك بإقامة أمسية ثقافية بعنوان (طرابلس…تاريخ وحضارة) قدمها المهتم والباحث “مصطفى حقيِّة” بقاعة القبة الفلكية بطرابلس مساء يوم الخميس 6 من شهر إبريل الجاري، واستعرض حقيِّة المراحل التاريخية لنشأة وتأسيس مدينة طرابلس عبر حقب زمنية مختلفة مشيرا بالقول إلى أن طرابلس مدينة أسسها العرب الكعنانيون والفينيقيون اللذين عاشوا في منطقة جبل بلاد الشام بلبنان حيث كانوا يمتازون بركوب البحر، وعندما قويت شوكتهم أرادوا التمدد والتوسع بتأسيس مدن خارج مناطق صور وصيدا وبيروت فأسسوا المدن الثلاث على الساحل الليبي وهي لبدة وصبراتة وأويا، وكانت الغلبة لمدينة لبدة نظرا لأهميتها بينما كانت أويا معبرا استغله الفينيقيون للذهاب نحو قرطاجنّة بتونس لبناء إمبراطوريتهم هناك.

طرابلس عبر التاريخ
وأردف حقيِّة قائلا : وبعدما اضمحلت لبدة أصبحت تحولت الأنظار لأهمية طرابلس باعتبارها مرفأ وميناءً آمنا لسفنهم للتحرك إلى إسبانيا، ومع مرور الزمن صار اسم أويا (تريبولوس)وهو اسم يوناني الأصل يعني المدن الثلاث المتمثلة في لبدة وصبراتة وأويا، وكبرت أهمية هذه المدينة لتتحول لاحقا لمطمع لدولة روما التي نشأت وتأسست فيها الإمبراطورية الرومانية، واشتد الصراع بين الفينيقين والرومان الذي انتهى بانتصار الرومان واحتلالهم لمدينة طرابلس سنة 46 قبل الميلاد وامتد حكم الرومان مايقارب الأربعة قرون ونيِّف ثم جاء بعدهم الوندال وهم مجموعات بربرية احتلت مدينة طرابلس سنة 455 ليستمروا حوالي مائة عام خرّبوا المدينة وعاثوا فيها فسادا ومن ثم واجه الوندال البيزنطيين وكان “جوستنيان” يطمح لاحتلال طرابلس المطلة على البحر المتوسط فأرسل جيوشه وانتصر على الوندال لتتكون الدولة البيزنطية، وأضاف حقيِّة إن هذه المرحلة لم تترك أية آثار وراءها كون أن الجيوش الغازية كان همها التنقل والتجارة ولم يستفد الأهالي والسكان من هذا الغزو وتلت هذه المرحلة حقبة الفتح العربي الإسلامي وهي مرحلة شديدة الأهمية لهذه المدينة عندما جاءت أرتال الفتح الإسلامي مبعوثة من الخليفة “عمر ابن الخطاب” بقيادة “عمرو ابن العاص” فدخلوا لطرابلس بعد فتح مصر وبرقة، وأردف حقيّة أنه منذ تلك اللحظة اكتسبت طرابلس هويتها الإسلامية ثم العربية في ضوء هجرات قبائل بني هلال وسليم فهذه الفترة من 642 إلى 1510 كانت مرحلة الدويلات الإسلامية مثل الأغالبة والعبيدين، وأشارحقيِّة إلى أن الأغالبة أخفقوا في نشر المذهب الشيعي داخل طرابلس وصولا لفترة حكم الحفصيين أوائل القرن السادس عشر حيث اتسمت تلك المرحلة بالازدهار الاقتصادي وأمني تزامنا مع سقوط غرناطة في الأندلس 1492، واللذين تم طردهم في أعقاب هذا السقوط توزعوا على بلدان الشمال الإفريقي لاسيما في طرابلس.

ملامح الدولة
وواصل حقيّة استعراضه لمرحلة احتلال جماعة فرسان القديس يوحنا عندما سلمتهم إسباينا مدينة طرابلس1530م، وذكر حقيّة بأن أسوأ ما ارتكبته هذه الجماعة هو تحويل معظم مساجد وجوامع المدينة إلى كنائس ما دفع بالأهالي لتنظيم صفوفهم وإرسال نداء استغاثة للباب العالي فاستجاب السلطان “سليمان القانوني” جيشه بقيادة سنان باشا ودرغوت باشا وتمكنوا من طرد فرسان القديس يوحنا وأوضح حقيِّة أن لدرغوت باشا دور تاريخي هام في تحرير مدينة طرابلس ووضع حد لحملات التبشير والتنصير ليعيد كل الكنائس لمساجد مرة أخرى بما فيه المسجد المسمى باسمه وأقام الأسوار والتحصينات وبدأت مرحلة العهد العثماني الأول عام 1551 وحتى عام1711م حتى جاءت مرحلة حكم الأسرة القرمانلية التي أسسها أحمد باشا القرمانلي عام 1711 وامتدت لعام 1835م ولفت حقيِّة أنه خلال هذه المرحلة شهدت طرابلس نقلة تاريخية فكانت الدواوين باللغة العربية علاوة على ظهور ملامح الدولة بطرابلس واستقل الطرابلسيون بشكل أو بآخر عن الآستانة، ودليل ذلك وجود الممثليات والبعثاث الدبلوماسية لعدة دول وممالك أوروبية، ومرت طرابلس في هذه الحقبة بأحداث جسيمة وكبرى أبرزها الصراع الطرابلسي الأمريكي في البحر المتوسط.

التراث المعماري
من جانب آخر أوضح حقيِّة أن العهد العثماني الثاني خصوصا إبّان عهد “راسم باشا” قد تميّز بتشييد بعض المعالم والمستشفيات والمرافق، ومدرسة الفنون والصنائع وصولا لهزيمة تركيا وتسليمها إيالة طرابلس لإيطاليا عام 1912م، وبيّن حقيِّة أنه يتجلى لنا عبر كل هذه المراحل أن الشعب كان يناضل ضد الوجود الأجنبي سواء بالتمرد أو بعدم دفع الضرائب، فيما عرّج حقيِّة بظروف حكم المستعمر الإيطالي مرورا بفترة الإدارة البريطانية وإرهاصات ما قبل الاستقلال في أربعينيات القرن المنصرم مضيفا بأن كل هذه المراحل امتازت بالتنوع المعماري وأهم المعالم المعمارية المتبقية حتى اليوم هي آثار المرحلة الإسلامية وتحديدا بقايا السور الذي بناه “عمرو ابن العاص” ناحية البحر وأردف أن المعمارة بطرابلس أخذت تتطور من مرحلة لأخرى بدءا من المساجد التي بنيت داخل الأحياء السكنية التي كانت في أصلها بيوت للسكان نتيجة للعاطفة الدينية علاوة على اختلاف تصاميم المنازل سيما بين المسلمين وأبناء الطائفة اليهودية مما أكسب المدينة تراثا معماريا وثقافيا متنوعا ومختلفا، وتطرق حقيّة لصور من تفاصيل الحياة الاجتماعية داخل طرابلس أوان ذاك الزمن ومدى التواد والتراحم بين العوائل والأسر فشكلت طرابلس قِبلة لكل أهالي وسكان المناطق والمدن الأخرى، فيما ذكر أيضا تناول جوانب من الحياة الثقافية والأدبية خصوصا في سنوات الستينيات وأوائل السبعينيات.

مقالات ذات علاقة

دار الفنون في طرابلس تختتم «أيام الخط العربي» الثلاثاء

أسماء بن سعيد

جدلية العلاقة بين القرآن واللغة مثار نقاش عمر العالم

مهنّد سليمان

كيف ستحتفل ليبيا باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف

أسماء بن سعيد

اترك تعليق