تشكيل

مريم الصيد.. همس الريشة بين مواطن الثلج والشمس

بوابة الوسط

الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

تستند الفنانة مريم الصيد في تجربتها اللونية على خلفية تمزج بين منابتها الثلجية «موسكو» وعوالمها الشمسية «ليبيا»، وفيما تمثل الأولى مسقط الرأس 1973 ومهد الطفولة، ستشهد جامعة طرابلس لاحقا على دراستها فن التصميم والزخرفة، لتنطلق مدفوعة بروح الثقافتين إلى نحت أحاسيسها، مصبوغة بالقلق كإرهاصات تترجم تدافع التيارين اللذين سيشكلان لاحقا مصدر إلهام وهي تحاول اكتشاف ذاتها، أولا عبر المعارض الجامعية، ثم حياتها الوليدة خلال ثلاث سنوات بعد تخرجها 1998 معلمة لمادة التربية الفنية، ملتمسة ثقافتها التشكيلية وهي تؤسس لأطوارها الأولى.> روح التشكيلتلك الأحاسيس المختلطة في بواكيرها تترك مسحتها الفنية الخاصة، حيث تتجه الذائقة إلى تتبع المسار الزخرفي ورسمه بالارتشاف من الفضاء الفلكلوري عبر الإكسسوار والحلي، وكذا تصوير نماذجه الحياتية في ما ترتديه النسوة من ملابس، وتفاصيل المجال البيئي المكون لهذه الأبعاد، إذ تبرز الصحراء كإحدى أهم مفازاته، والدلالة العميقة لمظاهره التراثية، ليرتفع عند نضوج آخر ممتاحا من ذات الروح إلى عوالم الخط العربي وجماليته الحروفية، مطورة تلك الرؤى اللونية خلال دراستها العليا فى الأكاديمية الليبية.تدفع مريم مخيلتها في كل جولة عبر الريشة، إلى التحرر من ربقة التكرار والجمود وتطوير نتاجها بالتجريب المستمر، مستفيدة من مشاركتها في ورش العمل والمعارض المحلية والعربية.

توظيف تتشابك فيه تقنية الفرشاة مع ألسنة الضوء، مستلهمة موضوعاتها من تواقيع الفوتوغراف التي توثق لرحلتها في مواطن الشمس، مداعبة في أعمالها سحر ابتسامات فتيات فزان بعفويتهن وفساتينهن المزركشة، وتتبلور هذه الدوائر تجريديا لتصبح المرأة عبر لغة الجسد، المنظور الشامل المجسد لهوية وشخصية الطابع التشكيلي للفنانة الذي ينهض من عجين الصحراء والثلج.عبر الريشة تستطلع لغة الجسد، لا بمفهومه الفيزيائي فقط، بل تتجاوزه إلى مداخله الجوانية عبر سبر مكنون الذات وصراع رغائبها مع الزمن، بل مشاكسة القاموس الأنثوي، بتلك السحنات المتماوجة، وكأنها تقذف بحزمة من الإشارات الساكنة، لتأخذ وضعها في النهاية قارة في ذاكرة حواء، منتظرة ارتداداتها النافرة من السكون، دافعة عنها قوالب الطين التي صفدت بوصفة السلطة العرفية أرواح القوارير.تستند الأجساد النحيفة الحالمة على ستار أزرق متفاوت القتامة، ربما كترمومتر يعكس درجة انفعالاتها الداخلية، وكثافة الأسئلة التي تتناوب تباعا في أذهانها، متلازمة مع دفائن أفكارها وتصوراتها وأحلامها وهي تلتحم بطقسية المكان.تقف الفتاة دون ملامح تحاصرها القتامة وتنفتح في لون وردي على أفق مجهول متحدية وحشية السواد، وقد تجد في لوحة أخرى شريكا لها في عالم الصمت، تستند حواء على رفيقاتها والعكس، تتلاصق الأجساد وتنتصب أحيانا كشموع عيد الميلاد محافظة على بقايا بشريتها التي بدت تتآكل تبددها معاول الاغتراب، وبرغم تجاورها تبدو بصمة الكآبة ماثلة في الوجوه والرؤوس المنحنية والمائلة أو تلك الساهمة في عوالمها الخاصة، باحثة عن شمعة تنقذها من سراديب التيه.

مقالات ذات علاقة

نوافذ «العباني» تطل على السواد في زمن الرصاص

المشرف العام

تعرف على مجموعة «وصال» للنحات الليبي عبدالله سعيد

المشرف العام

الفنان التشكيلي محمد عبية ذاكرة التراث الشعبي الليبي

عدنان بشير معيتيق

اترك تعليق