قصة

قصص قصيرة جداً

إحتجاجٌ

حينَ لم يأتِ الرَّبيعُ في موعدِهِ ، ولم يجدْ في الحدائقِ زهرًا ، قرَّرَ النَّحْلُ اقتحامَ مصنعٍ كبيرٍ للعطورِ .. هربَ العمَّالُ فزعينَ .. خلعَ النَّحْلُ أغطيةَ الزُّجاجاتِ العطرِ ..فانطلقَتْ تفرغُ دواخلَها في الهواءِ .. سَالََتْ شوارِعُ المدينةِ عطرًا .. تلفَّحَتِ بغيمَاتِ الشَّذا .. زُكِمَتْ بالأريجِ .. اشرأبَّت جدرانُ الحدائقِ بأعناقِها ، فيما كانَ ربيعٌ كَسُوْلٌ يَمُدُّ عُنُقَّهُ متسوِّلاً الأجنحةَ الصَّغيرةَ المستحمَّةَ بالعبيرِ..!

بنغازي/ 11/8/2009

 _*_*_*_

خيبةٌ

عندَ بابِ محلِّ كبيرٍ للملابسِ وقفَ يتأمَّلُها ، فَبَعْدَ خمسينَ عامًا صارَ بإمكانِهِ أن يحقِّقَ حلميهِ الغاليينِ ؛ أن يبصرَ النُّورَ ويرى المرأةَ .. الفتنةَ الأرضيَّةَ التي يتغنَّى بها الشُّعْرَاءُ.. أوَّلُ خطوةٍ مُبْصِرَةٍ كانت باتجاهِ أنثى حِنْطيَّةٍ البَشَرَةِ.. توهَّمَ أنَّها كانت تمدُّ يَدَهَا لَهُ .. اقتربَ منها مادًّا يدَهُ .. قلبَهُ.. قبلَ أن يَبْصُقَ على جمودِهَا الصَّنِميِّ متمنِّيًا لو أنَّهُ لازالَ كفيفًا ..!؟

بنغازي/ 11/8/2009

 _*_*_*_

قِرَاءَاتٌ

كتبَ قصيدَتَهُ إليها .. أرسلَهَا للصَّحيفَةِ .. جلسَتْ تقرؤها : ” أنا سيفُ لهيبٍ .. أَحْضَانُكِ غِمْدِي “

قالت: هل كانَ هذا الأحمقُ يُحبُّني..!؟

استغفرَ رجلُ الدينِ اللهَ وهو يلعنُ كلماتِهِ فيحمِّلُها موبقَةَ الفسوقِ.

قالَ أحدُ النُّقَّادِ: لا يخلو النَّصُّ من مدلولاتٍ جنسيَّةٍ ، إذ يحاولُ إطفاءَ شهوةٍ بَوَاحٍ في حِضْنٍ مفتوحٍ بالحبِّ.

وفيما كانَ القرَّاءُ يعبرونَ نصَّهُ بعيونٍ مغمضةٍ تمامًا ، كان يفتحُ عينيهِ على ربيعِ أعماقِهِ فيراهُ خريفيَّ الوجهِ ..وثمَّةَ سيف لهيبٍ يحرقُ أعماقَهُ بلا هَوَادَةٍ..!

بنغازي/ 11/8/2009

 _*_*_*_

حياةٌ

على نافذةِ غرفتِهَا الوحيدةِ رسَمَتْ رَبيعًا.. حينَ دنا اللَّيلُ ذبلَتْ أزهارُهُ.. اتَّكأتِ النافذةَ وأهدرَت بحرَ دموعٍ .. ثمَّ نامَتْ أسفلَ النَّافذةِ حيثُ كانَ ربيعُهَا يَذْرِفُ صُفْرَةٍَ الموتِ ذبولاً.. في الصَّباحِ نَّدتِ النَّافذةُ على غفوتِها رذاذاً معطَّرًا .. قفزت صَاحِيَةً فيما كانَ الرَّبيعُ يستعيدُ على أجفانِها نضارتَهُ..

حلب/ 12/8/2009

 _*_*_*_

عَدْوَى

اقتحمَ الغريبُ غرفتي ناحِبًا .. عانقني مُهْرِقًا على صَدْرِي نهرَ دموعٍ .. أغرقني فبكيتُ معهُ طويلاً .. حينَ تقرَّحَت عيونُنَا انسَلَّ من بينِ أحضاني واختفى .. غيرَ أنِّي لا زلتُ أبكي وحيدًا باحثًا عن أَحْضَانِهِ..!؟

اجدابيا/ 16/8/2009

 _*_*_*_

وَسْوَاسٌ

أَهْدَى لكلِّ واحدةٍ من زميلاتِهِ في الشِّركةِ عَبَاءَةً تُرْتَدَى لِلصَّلاةِ .. للدُّعَاءِ لَهُ كلَّما قُمْنَ يصلِّينَ .. غيرَ أنَّ كلَّ واحدةٍ منهن كانت تَسْرَحُ بها الْوَسَاوِسُ حُلمًا بفستَانٍ أبيضَ يمكنُ أن يحضرَهُ لها يومًا ..!

اجدابيا / 16/8/2009

_*_*_*_

نفيٌ

أرادَ أن يكونَ عاقلاً فاحتجَّ العقلاءُ ..

أن يكونَ مجنونًا فرفضَهُ المجانينُ ..

نفى نفسَهُ إلى بلادٍ لا عقلاءَ فيها ولا مجانينَ..!

حلب/11/8/2009

_*_*_*_

عصفورٌ

” عصفورٌ في اليدِ خيرٌ من عشرةٍ على الشَّجرةِ .. “

لم تقنعْهُ المعَادَلةُ المجْحِفَةُ..

نظرَ للعصفورِ في يدِهِ فرأى في عينيهِ قفصًا .. ودمعةً .. وبحرَ استجدَاءٍ ..

ازدادتْ يدُهُ حولَ جسدِ العصفورِ النَّحيلِ اتِّساعًا .. في داخلِهِ كانَ عصفورٌ تصطفقُ جَنَاحَاهُ بحثًا عن هَوَاءٍ .. وَسَماءٍ .. وكومةِ قشٍّ على غصنِ شجرةٍ..

اجدابيا/16/8/2009

_*_*_*_

فخٌّ

يمتدُّ الغُصْنُ ذراعًا .. تنبسطُ ورقةٌ منهُ يدًا .. يحطُّ سِرْبُ عصافيرَ .. يهتزُّ الغصنُ فيستيقظُ الصَّيَّادُ .. يدَوِّي صَوْتُ البَارودُ .. يعلو دخانٌ رماديٌ .. يتأرجَحُ الغصنُ كذراعٍ مكسورٍ.. تطيرُ العصافيرُ مذعورةً إلاَّ واحدًا مطلقًا زقزقَتَهُ الأخيرَةَ تهمةً سَافِرَةً للغصنِ الكسيرِ..!؟

اجدابيا/16/8/2009

 _*_*_*_

ذاكرةٌ

حينَ قرَّرتِ الحربُ أن تتوبَ .. وأن تكفِّرَ عن ذنوبِها بقتلِ الملايينِ .. جعلت يومَ توبَتِهَا عُرْسًا سِلْميًّا تتعانقُ فيه جيوشٌ كانت متحاربةً متقاتلةً .. جيوشٌ منَ المفترضِ أن تتقاتلَ الآنَ بضراوةٍ ..

تتقدَّمُ الجيوشُ للمصافَحَةِ ..تَتَعَانَقِ .. تَصْحُو رُوْحُ الْقِتَالِ فيها.. تستيقظُ ذاكرةُ الدِّماءِ.. تتحوَّلُ القبلاتُ إلى عَضٍّ .. خنقٍ .. صراعٍ .. فيما تُسْمُعُ في مسرحِ العرسِ دويُّ انفجاراتٍ هائلٌ جدًّا ..

حلب/ 13/8/2009

_*_*_*_

أقواسٌ

يفتحُ قوسًا ..

يعبرُ رَجُلٌ تقوَّسَ نخاعُهُ الشَّوْكيُّ للأمَامِ ..

قالَ: إِنَّهُ قُرْبُ الأجلِ..

يفتحُ قوسًا آخرَ ..

تمرُّ امرأةٌ تقوِّسَ نخاعُهَا الشَّوْكيُّ للخلفِ

فقالَ : إنَّها بوادرُ الحملِ ..

وفيما كانَتْ فكرتُهُ تغيبُ بينَ قوسي تبلُّدٍ قاتمٍ ، ظلَّ يملأُ الصَّفْحَةَ البيضَاءَ نقاطًا بينَ قوسينِ كبيرينِ يجثوانِ أعلاها وأسفلَهَا ككلبي حِرَاسَةٍ..!

حلب/ 13/8/2009

_*_*_*_

لعبةٌ

صَحَتِ الشَّمْسُ مبكِّرًا .. نادت على سكَّانِ الأرضِ .. فلم يصحُ أحدٌ .. قرَّرت أن تتمرجحَ بينَ المشرقِ والمغربِ تحرَّكت بسرعةٍ هائلةٍ .. شرَّقت .. غرِّبت ..

تشظَّى ضؤها كانكسارِ الأشعَّةِ على أوجْهِ المرَايا .. امتلأَ الكونُ احتجاجًا صارخًا .. فيما كانت أشعَّتُهَا تُفْرِغُ العيوْنَ من نومٍ ثقيلٍ..!

بنغازي/11/8/2009

_*_*_*_

وهمٌ

في يدِهِ الغليظةِ تتلكَّأُ ساعتُهُ الذهبيَّةُ الجديدةُ.. تَتَأَخَّرُ ساعةً ثمَّ تتقدَّمُ اثنتينِ .. مطمئننًا نفسَهُ قالَ إِنَّهَا قليلةُ الخبرةِ .. ومعَ الوقتِ ستتعلَّمُ الانضبَاطَ ..

لكنَّها لم تتعلَمْهُ قطُّ.. ومعَ أنها أخَّرتهُ على ألفِ موعدٍ مهمٍّ إلا أَنَّهُ ظلَّ ينتظرُ أن تكسبَ خبرةَ الانضباطِ ..

بنغازي / 11/8/2009

_*_*_*_

شرف البنت مثل الكبيرت..

كهذا تمامًا ..

سحب العود على السواد الخشن .. فلم يشتعلْ

نظر مستغربًا

أو كهذا ..

سار على درب سابقيهِ..

رمى عليهِ الكبريتَ على الأرضِ..

أحيانًا يُداسُ الشَّرَفُ كهذا .

اجدابيا/ 16/8/2009

مقالات ذات علاقة

من قصص طوفان درنة

عبدالعزيز الزني

مبروكة

إبراهيم الصادق شيتة

التاكسيستي

عزة المقهور

اترك تعليق