حسام البرغوثي
قديـمًا عاشوا في بيوتٍ من طينٍ وحجارة، لا أبواب فولاذية تحرسهم، ولا أسوار عالية تحميهم،
لكنهم حملوا الأوطان في قلوبهم، وجاهدوا، وضحّوا، وبنوا المجد حجراً فوق حجر.
كانوا ينامون على الأرض، ويصنعون الكرامة في اليقظة.
الجوع رفيقهم، والتعب صديقهم، لكنهم لم يُفرّطوا في شبر من ترابهم.
أمّـا اليوم: في بيوتٍ من زجاج وحديد، بأثاث فاخر ووسائد ناعمة،
لكن القلوب خاوية، والعقول أسيرة الشهوات والمصالح.
باعوا الأوطان من أجل مال، أو منصب، أو وهمٍ اسمه “راحة”.
لم يحملوا الوطن في صدورهم، بل حملوه كشعار يُرفع ساعة التصفيق، ويُنسى عند أول اختبار.
أولئك عاشوا في فقرٍ ولكنهم أغنياء بالكرامة،
وهؤلاء عاشوا في رفاهٍ ولكنهم فقراء في الوفاء.
شتّان بين من ماتوا لإعلاء كلمة الله ودفاعًا عن الوطن، ومن باعوه في سوق المساومة.
