ناصر الدعيسي
تظل الخرافة، رغم هذا التطور الكبير الذي يشهده العالم من تقنيات حديثة وعلوم تطبيقية ومعرفة، لم تخرج من ذاكرة الكثيرين، بل ما زالت ذيولها باقية في مجتمعاتنا، وفكرتها تطل بظلالها على العقل كلما كان مناخ الغيبيات سائدًا.
وهي التي تُشكل جزءًا من ميراث تقليدي غائر في رؤية الناس ومعتقداتهم، لقد امتد زمن الخرافة من العصور القديمة للعصور الوسطى. حيث في العصور الوسطي كانت الخرافة تمثل جزءًا من الثقافة والدين، وحتى مع ظهور عصر التنوير استمر لون الخرافة يمتطي عقول وأفكار الناس وسيطرت الخرافة على المجتمع.
وارتهن لها العقل الذي لم يستطع أن يفكر خارج دائرتها، وفي العصر الحديث انخفض مستوى التعلق بالخرافة لأن العلم، والتحليل المعرفي أفقد الخرافة سيطرتها، لا بل أفقدها الكثير من مناصريها. وأصبحت هناك رؤى جديدة قدمها العلم في مواجهتها بقناعات مستفيضة أزالت الكثير من الغموض حولها.
وببروز الذكاء الاصطناعي في العالم أسقط الأوراق كافة من جسد الخرافة، وفي الأصابعة كان التحدي الآخر معها فقد أصيب الأهالي في المدينة بالهلة من النار التي اندلعت في بيوتهم دون سابق إنذار، وفي غياب الدولة ووسائل الإعلام، اقتحمت الخرافة المشهد القائم من جديد من خلال طرح السحر والشعوذة خلف هذه الحادثة وأن النار تأتي بالسحر دائمًا والجن أصله من نار، وذهبوا إلى أن هناك كنزًا فتح بعد قتل طفل في المدينة ومنها قام الجن بالانتقام للطفل. شكلوا لجنة حصانة من السحر من قبل الأوقاف.
وبدأ العبث الفكري والتكهنات البائسة، وحين كلفت لجنة علمية كشفت عن حقيقة الذي جاء بالنار، عُرف بأن هناك زلزالًا في المنطقة من تداعياته في الأرض شقوق كثيرة كانت على عمق خمس كيلومترات وهي التي تسرب منها غاز الميثان الذي ليس به رائحة وهو الذي سبب الحريق.
رغم انتصار العلم على الخرافة، يظل الوعي وثقافة الناس من الأهمية بمكان في ظل فكر ما زال يعيش ترهات الخرافة.