هل ثقافة الحوار من المحرمات في تركيبتنا الاجتماعية ومنظومتنا السياسية؟ وهل العربي بطبيعته شخص غير قابل للحوار والمجادلة رغم أن الخطاب الديني يدعو للمحاورة والتشاور في الأمر؟
إن الطبيعة لدى العربي أنه يملك السيطرة الفائقة على معتقده، لأن ثقافة الحوار هي ثقافة تستند إلى الإحساس أولاً بقبول فكرة الندية وعدم الشعور بالتعالي وأحياناً بالدونية، لأن هذا الشعور يخلق تذبذباً كبيراً في مستوى الحوار الذي يؤدي بالتالى إلى نوع من العدائية وقمع الآخر أو الخنوع والفشل في إثبات الذات، وخير مثال على ذلك بما يسمى بمعاهدات السلام والمفاوضات التي أثبت العرب فيها عدم اهليتهم ومقدرتهم على المحاورة.
يندرج تحت هذا الاستنتاج الكثير من الأمور الحياتية والمشاكل المستعصية التي لا نجد لها حلولاً رغم تفاهتها والتى تعرقل مسيرة حياتنا على كافة الأصعدة وتتشتت بنا الدروب وتبتلعنا المتاهات وتنأى بعيداً عن محرر الفكرة التى نود البناء عليها والطلوع إلى عوالم أكثر تحضراً ورقياً، وهذا ما يفسر عجز العرب عن خلق وطن عربي واحد رغم كل المقومات التى تندهش أمامها حينما نتعامل بعقلانية وبذهنية صافية أمامها.
نحن لا نقبل الحوار الذي ربما يفضح بعض هناتنا ونقاط ضعفنا وهذه هي الطامة الكبرى المواربة والمدارة التي لا تؤدي إلا إلى الكثير من التحلل وتفتى النسيج الداخلي لمنظوماتنا وذواتنا، ونظل نتخبط في مستنقع يجرنا إلى الهاوية غافلين أو متغافلين عن مد أيدينا للآخرين لنخلق كتلة متجانسة نقاوم بها هذا التهادى الحوار، هو مفتاح السر لكل أزماتنا وفتح المساحة للانصات والتداول والابتعاد عن الأحكام المسبقة لكل السرطانات المتقوقعة في داخلنا لإلتهام كل الخلايا السليمة وتحويلها إلى جينات مريضة لا تلد لنا سوى الإعاقة والمرض.
ترى لو أننا جلسنا لحظـات متوازية وتعمقنا في دواخلنا قبل التجديف على شواطئ الآخرين ألن نكسب الدور ونفوز بالنفيس والنفس من افكارنا ونؤسس لمجتمع متوازن ومستقر بدلاً من كيانات متشنجة مهووسة باستعداء المحيط وبالتالى لا نجني سوى الدمار والكساح المزمن عفانا الله وإياكم.
28.05.2010