استطلاع : محمد القذافي مسعود
ليس بالسهل وصف المشهد العربي ضمن ماسمي بالربيع العربي ، فالصورة تبدأ تكوينها بمظاهرات فقتل فجتث .. مفقودين ..آرامل وعلامات استفهام كبيرة وكثيرة لااجابات شافية لها سوى المجهول والانتظار عند المواطن العربي البسيط ، وضمن هذا المشهد المتحول نبحث عن المثقف والمبدع العربي في دول الانتفاضات التي لم تنتهي بعد ولم يتحقق حلم مواطنها بالأمن والرفاهية ، فهل وجد فيها المبدع بعض ماكان ينشد؟؟ ام أنه هو الآخر لازال يحلم وينتظر ان يغير مسار هذه الأحداث مستقبل ابداعه وطموحاته ..؟ سؤال نطرحه على بعض من مبدعي دولة ليبيا التي انتفض شعبها ضد نظام قمعي طاغي استمر لأربعة عقود من الزمن ..
مستقبل الإبداع العربي بعد المتغيرات الحديثة سيجد ضالته
التي طالما بحث عنها : الحرية ، والتي وجدها فعلاً .
*
الإبــــداع صــنــو الحــــــــــرية !!
عبدالباسط بوبكر محمد / شاعر وكاتب من ليبيا
ثوارات الربيع العربي غيرت العديد من المعطيات ، ويبدو تأثر الإبداع واضحاً وجلياً نظراً لأن ثوارات الربيع العربي ، أفرزت العديد من المفاهيم التي أبرزت مثقفها الجديد
العديد من الكتاب في لبيبا مثلاً عاني كثيراً من مواكبة التغيير ، على الرغم من أنه في السابق – أي قبل الثورات – كان من المنظرين لمفهوم التغيير والحداثة ، إلا أنه لم يكن على مستوى التغيير الثورات قدمت مفاهيم جديدة ، وهدمت الكثير من الثوابت والمسلمات ، المبدع الذي كان يخاتل الرقيب انتهي ، وظهر جيل جديد تربى على قيم التغيير.
أفرزت الثوارات العربية العديد من النماذج المبدعة على كافة المستويات ، فظهرت صحافة جديدة ، واعلام جديد ، وتجارب إبداعية جديدة
وأرى مستقبل الإبداع من زاويتين :
– زاوية التجارب السابقة التي تحتاجُ إلى تقييم تجربتها السابقة بالكامل والتعامل مع المفاهيم الجديدة بروح جديدة.
– زاوية التجارب الجديدة التي تحتاج إلى الخروج من حالة الثورة إلى حالة التعايش مع التغيير ورسك مساره الصحيح نحو بناء الدولة.
نحتاجُ مع هذا كله إلى مساحة هائلة من الحرية المتسعة الأن بعيداً عن الفوضى التي تتسيد المشهد ، لنرسم مسار التغيير إبداعياً
لكن مساحة الحرية الموجودة حالياً هي صنو الإبداع وروحه ، وهي أيضاً اختباره الحقيقي !!
عبداللطيف البشكار / شاعر وكاتب من ليبيا
إن حدوث هذا الزلزال الكبير في المنطقة العربية كان يعد مطمحا مستحيلا طالما حلم به المبدع الحقيقي وهو بكل تناقضاته وسلبياته انفجار فوراني ومحصلة طبيعية للكبت والتكميم الذي لحق بالإبداع في ظل أنظمة ديكتاتورية شمولية ألجمت البوح بدء بمقص الرقيب وعصابات مصادرة الرأي من أجهزة أمنية قمعية كانت جاثمة ومرورا بالاغتيالات والسجون ووسائل التعذيب البشعة والإعدامات وحدوثه ضرورة ملحة في حد ذاته أما ما بعده هي خطوة أخرى تعتمل فيها صراعات جديدة وتنوع فكري وإبداعي تجترح مكوناتها وتؤصل ثباتها تبعا لمقومات كثيرة يصعب التنبؤ بما ستؤول إليه … فكريا يزدهر الإبداع في ظل مناخات تتمتع بآفاق فسيحة ولا متناهية من الحرية وهذه الثورات هي ارهاصات مبشرة في بيئات تعاني من أسوأ حالات التخلف بكل مظاهره الفكرية والمادية لذا لا نستغرب بما سينشأ عن ذلك من صدمات للمبدعين وعليهم تحمل ذلك والتصدي له بمعرفية سديدة بالنسبة لي أستشرف مستقبلا أفضل إذا لم تحدث نكسات وتسرق الثورات للعودة من جديد للأنظمة الشمولية المقيتة ويبقى القلق مسيطرا على أحاسيس المبدعين مالم تتأطر الكيانات الجديدة وتؤسس السياقات والدساتير التي تضمن للمبدع حقوقه كاملة كي يمكنه البوح بسلاسة وشفافية يجد فيها ضالته المنشودة لتشع جذوة الإبداع ولا يهم فالتنوع بكل نقائضه سوف تتولد عنه الصفوة والنخبة المأمولة فكريا متنصلة من كل أدوات الإقصاء الحزبي والطائفي والشمولي والثيوقراطي وأظن أنه في سنوات قريبة سنحظى بمنجز إبداعي مرموق رغم الإخفاقات التي نشاهدها في الواقع القائم .
الكيلاني عون / شاعر وكاتب من ليبيا
يبدو السؤال مقلقاً بعض الشيء خاصة وأنه يفترض وعياً مسبقاً بحركية الإبداع بدقائقه المحايثة للمتغيرات في المنطقة العربية التي عانت الكثير بسبب هيمنة الطغيان الفردي والتأويلات الدكتاتورية لكل منجز ثقافي / اجتماعي ، إن مسألة الواقع الإبداعي المرتبطة بالراهن ـ كما فهمتُ على الأقل ـ لا يمكن قراءتها وهي تسير معبِّرةً عن خلاصها ضمن خطابات عديدة تظل مندمجةً ونشوة الانتصار والخلاص من الكبت والقمع ، إنها ترتقي تدريجياً بينما ينتظر التوصيف ما تؤول إليه لاحقاً من تظافرات إيقاعية تحاول تأسيس اختلافات وماضي الخطاب الإبداعي . لقد عاش المبدع العربي لعقود وهو يختطف لقمته ليحيا أو حتى لينشر نصّاً وهي تجربة مريرة كممت الكثير من الأصوات وجعلت الإبداع يسقط أحياناً في ممارسة الحذر خاصة وأن مبدعين تعرضوا للقتل بسبب اختلاجاتهم المرّة ومحاولاتهم قول الحقيقة .
ببساطة أعتقد أن مستقبل الإبداع العربي بعد المتغيرات الحديثة سيجد ضالته التي طالما بحث عنها : الحرية ، والتي وجدها فعلاً لذلك ستثمر هذه الحدائق جميعها وربما ننتظر زمناً إبداعياً مختلفاً وقادراً على ترجمة الأحاسيس الصافية بعيداً عن التهميش والإقصاء والمزايدات التي لن تنتج إبداعاً بقدر ما تكرّر الماضي البغيض وتستعير أدواته الشهيرة بتعذيب المبدعين .
الأمل كبير جداً بمستقبل الخطاب الإبداعي العربي بعد زوال الطغاة وبداية تأسيس الحقائق .
عمر الكدي / شاعر وكاتب وناشط سياسي من ليبيا
بعد الثورات التي شهدتها المنطقة سيتجذر مفهوم حرية التعبير، وحتى لو فشلت هذه الثورات وعادت الأنظمة الاستبدادية في شكل جديد، إلا أنها لن تستطيع تتضيق هامش حرية التعبير في ظل هذه التطورات المذهلة في وسائل الاتصال والإعلام، وأتوقع أن المنطقة دخلت في نفس الفترة التي عاشت فيها أمريكا اللاتينية وهي تتقلب بين حكم الجنرالات والديمقراطيات الرثة، قبل أن تصل أخير إلى الديمقراطية الحديثة، وأهم إنتاج أمريكا اللاتينية الأدبي ظهر في الفترة التي شهدت فيها القارة عدم استقرار. أتوقع أن تصبح الرواية العربية أبرز رواية على مستوى العالم في غضون عشر سنوات، كما أتوقع تطورا كبيرا في الشعر الذي آن له أن يتخلص من أمراضه السابقة وفي مقدمتها الاتكاء على الايديولوجيا والغنائية الفاقعة، وسنرى قصائد تكمل الانجاز الكبير الذي حققه محمود درويش
خالد المغربي / شاعر من ليبيا
عندما نتحدث عن واقع الإبداع حاليا إن قلنا أنه إبداع .. نجد أنه إبداعا مواليا لما يحدث في المنطقة العربية التي يحدث فيها مايسمى بالربيع العربي ، وهذه التسمية روجت لها جهات كانت تعد مسبقا لما يحدث الآن من استحواذ على ما يمكن أن يكون ربيعا وتجريد البقية منه هذا الربيع !! إذا قلنا أنه ربيع ولكن في حقيقة الأمر هذا الواقع أحرج المبدع الصادق الذي لايريد أن يكون أداة من أدواة الترويج لمشروع لازالت حقيقته لدى البعض مبهمة وخفاياه لازالت طي كتمان الزمن عندما تريد التعبير من هذا المنطلق سواء بقصيدة أو لوحة تشكيلية أو غير ذلك ستجد نفسك أثناء قيامك بالعملية الإبداعية في عملك محاطا بإرهاب فكري أنتجه الواقع ، أي أنك ستجد أفكارك تمارس عليك تهديدا ووعيدا بالخطر المحدق بك وهذا الشعور كان ينتابنا فترة الأنظمة السابقة لكنه لم يصل إلى درجة الترهيب من الموت فأي ربيع هذا ، لذلك سيلزمك الواقع إما بالتوقف إذا كنت صادقا أو بالتملق والتلفيق والسير باتجاه تزييف الحقائق لتكون أداة من أدوات التحايل والتلاعب بعقول البسطاء وهذا لايعتبر إبداعا أو أنك تواجه هذا الواقع بأن تكون مرآة تريه حقيقته في محيطك البسيط ، فالإبداع أراه أن تكون صادقا في مشاعرك تجاه عملك وتجاه من تقصده بهذا العمل وغالبا ما يكون التاريخ هو المقصد لكل مبدع حقيقي لأن العمل الذي يبقيه التاريخ لابد وأن يكون عملا صادقا ويعبر عن المرحلة بكل مضامينها وواقعها دون التزلف والنفاق ، فأنا كمبدع يمكن أن أبارك شيئا عظيما أكون على قناعة به وهذا الشيء لايعود علي بالمنفعة بل بالعكس قد يعود على بالضرر ولكن شعوري بأهمية هذا الشيء لصالح الأمة والعروبة والإسلام مثلا يحتم علي أن أتجاهل مصالحي الشخصية ، أباركه بصدق دون النظر في نتائجه علي .
ومن حيث المستقبل لا أعرف ماذا سنترك للمستقبل خصوصا هنا في ليبيا بعد أن اختلطت الأوراق واختلط الحق بالباطل وقسم الحق إلى نصفين كل جانب أخذ النص الذي يناسبه وأصبح يرى غيره من النصف الآخر الذي يرى تضرره من خلاله هذه هي الحقيقة وأنا كمبدع لايمكن إلا وأن أكون عند المستوى الذي أجد فيه ذاتي وهو المستوى الذي يرتقي بالجميع ولايبحث عن الكفة الراجحة ليزيدها ثقلا على حساب الكفة الأخرى التي قهرتها عدة ظروف ، هذه المشاعر تجعلك مبدعا مشوها إذا لم تستطع أن تخرج من أعماقك حقيقة المشهد الذي من حولك بصدق.
رامز رمضان النويصري / شاعر وناقد من ليبيا
الإبداع كتجربة لا يمكن فصلها عن المتغيرات الكثيرة التي يعيشها المبدع، سواء الخاصة أو العامة؛ فما بالك بتغيرات كالتي حدثت في المنطقة العربية، والتي قلبت الكثير من المفاهيم، وكشفت الكثير مما كان مخبأ ومسكوتٍ عنه.
ما حدث في المنطقة العربية، غير الكثير من الثوابت على الصعيدين العام والخاص، وهذا التغيير في رأيي يخدم مصلحة الإبداع، يعني تجربة جديدة، وتحدٍ جديد للمبدع ليكون قادراً على إنتاج إبداع هو ابن المرحلة.
فالمتغيرات الجديدة، تعني في ذاتها تغيرا ثقافياً في المجتمع، فعلى سبيل المثال في تجربتنا الليبية، نهاية نظام القذافي، أوجدت معها الكثير من المكونات الثقافية الكثيرة والجديدة في المجتمع، وهي على الوجهين، السلبي والإيجابي، فمثلاً: معنى السلطة لم يعد يرتبط بالمنصب، كما إنها أوجدت حراكاً اجتماعياً جديداً في المجتمع واستخدام مصطلحات كان من الصعب تداولها بشكل علني؛ كالحرية، وحرية التعبير، والأحزاب، والمشاركة السياسية، وغيرها. والمبدع لا يستثنى من هذا الحوار، وإن كان هو المهموم من قبل، مسرباً أحلامه وأمنياته في إبداعه بشكل موارب، وها هو الآن يكتب نصه بشكل واضح دون خوف من رقيب. أمر آخر يضاف إلى هذا، حالة القلق التي تعيشها الدول العربية التي عاشت تجربة الربيع العربي، وهذه الحالة القلقة –المستمرة- سوف يكون تأثيرها المباشر على الإبداع في بعض الأجناس الأدبية، كالشعر والقصة، كونهما يتأثران بشكل أكثر باللحظة، ويعولان عليها وعلى اليومي، أما في الرواية فالأمر يحتاج إلى بعض الوقت للراوي للتأمل وانتظار النتائج، لصياغة رواية المرحلة، المسرح يعمل في ذات الاتجاه. وفي التجربة الليبية، هذا يظهر بشكل واضح وجلي، فالشعر والقصة يرصدان نبض الشارع، أما الرواية فتنتظر، فرواية التحرير أرخت لمرحلة نضال الشعب الليبي ضد نظام الطاغية، كما في رواية “إبراهيم الكوني”. أما مرحلة ما بعد التحرير فهي تنتظر.
المهم، إن هذا التأثير حتى وإن لم نرى تأثيره بشكل مباشر وواضح، سنره قريباً، بعد أن تختمر التجربة أكثر، ويعاد إنتاجها أدبياً.
فتحي نصيب / كاتب وقاص من ليبيا
بداية ارى انه من المهم الاشارة الى ان الأبداع الادبي يتفاوت من حيث الجنس وفق نظرية الاختلاف النوعي ، فمن المعروف أن الشعر أكثر الاجناس الأدبية تأثرا بالواقع ، وهو الاسبق في التعبير عن المتغيرات ( الاجتماعية او السياسية او الفكرية )، وينطبق هذا ايضا على الفن التشكيلي والموسيقى والغناء، اما الرواية و( القصة ) فتحتاج الى وقت ( قد يطول أو يقصر) كي تلتقط تفاصيل الاحداث والانفعال بها ثم التعبير عنها. فيما يتعلق بما وصف (بالمتغيرات الأخيرة) في المنطقة العربية..هناك من يرى انها ثورة ضد أنظمة استبدادية شمولية (امنوقراطية) ترى الحل الأمني الوسيلة الناجعة لحماية سلطتها واستدامة حكمها ، ولم تحقق أي منجز على صعيد التنمية البشرية او الاقتصادية ،فلا حرية ولاقوانين ولاتنمية ،مع استشراء الفساد ونهب الثروات من قبل العائلة الحاكمة وأقلية مستفيدة. وهناك من يرى انها (انتفاضة شعوب مقهورة) لم تنجز ثورة كمثيلاتها الفرنسة او الروسية او ثورات الدول الاشتراكية السابقة.
وفريق ثالث يرى أن الغرب نصب حكاما ليكونوا (وكلاء) لهم تنحصر وظيفتهم في تأمين وصول ثروات بلدانهم الطبيعية (كالبترول والغاز) الى الغرب ..وفتح اسواق البلدان العربية امام السلع والاسلحة (الخردة) لامتصاص ماتبقى من ثروة مالية ، والغرب نفسه من أطاح بمن نصبهم بعد انتهاء صلاحيتهم.
ولذا فان الابداع الادبي والفني سيكون انعكاسا لهذه الرؤية او تلك.
بشكل عام وبصرف النظر عن وجهات النظر السالفة ، فان هناك ثوابت أنجزت ولااتوقع الرجوع عنها ومنها: حجم حرية التعبير المتاحة مقارنة بالأوضاع السابقة التي وصلت حدا لايتفق ومعطيات العصر ، حيث طاردت الانظمة الشمولية كل الشرائح ومعظم المثقفين والكتاب حيث سجنتهم واعدمتهم وهجرتهم بل وصادرت حتى احلامهم في العيش بكرامة ومنها ايضا بروز ادوات ووسائل تعبير لاتعول على قنوات الاعلام الرسمي المقرؤ والمسموع والمكتوب كاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي او رسوم الجداريات (الجرافيك) في الشوارع والميادين العامة، ومنها التوسع في صدور الصحف المستقلة عن الخط الرسمي للدولة التسلطية.
من خلال كل هذه المعطيات يمكن ان نتلمس اجابةعن السؤال المطروح ، حيث صدرت بالفعل اعمال ادبية مواكبة للأحداث الاخيرة ولكنها – بشكل عام – ضعيفة فنيا ويشوب معظمها التسرع لأنها جاءت منفعلة واّنية اي تتعاطى مع الحدث وكأنها أخبار صحفيه واتوقع انه في المستقبل المنظور ستخرج اعمال ادبية وفنية أكثر نضجا وأقل تسرعا وهي التي ستصمد في وجه الزمن.
ان الاحداث التي أطاحت ببعض الانظمة الشمولية العربية لابد ان تنتج ابداعا جديدا..بمعنى أن الادب والفن لن يكون كسابق العهد، على مستوى المضمون او الشكل، الاتي سيكون مختلفا عن الماضي وسيشكل قطيعة مع الموروث من الخوف والرعب المزروع منذ قرون طويلة.
سعاد الورفلي / كاتبة من ليبيا
الإبداع مثل الكائن الحي يتغير ويتأثر بالمحيط أو البيئة التي ينبثق منها وفيها …وحري بنا أن نعلم جيدا أن هناك خطوط إبداعية تدل على مستقبل واعد لأصحابها خاصة بعد الثورات والتغيرات بمنطقتنا العربية ..حتى أن المخيلة باتت تتسع وتتسع لتحميل خيال أكبر من حجمها الذي عاشته طيلة سنوات جمود معينة . ونحن نعلم جيدا أن الثقافة والفكر تعدد بالمنطقة الواحدة بعد أن كانت بعض المناطق لاتحوي أفكار متنوعة بل لاتحضنها أصلا …فالمبدع المفكر سيصاب بحالة ذهول ودهشة فكرية حيال ما يعيشه من انفتاح مفاجئ لكافة أوجه الثقافة والفكر ..حتى أنه يقع عليها — ربما — دونما تمحيص فيلتقط دون فحص فيقع في الاختلاط المتشابه عليه ..إلا أن حال المبدع يستطيع الفكاك من كل تلك المشارب المتنوعة والثقافات المتداخلة بيئة ومكانا وزمانا ووجوها وحيثيات وكثير من الأمور التي لاتعد ولاتحصى. بعد المتغيرات بالمنطقة : انفتحت انفتاحا فكريا رهيبا فالأدوات موجودة : الإنترنت والمواقع والصفحات والشخصيات التي كانت تقبع في مركزية خاصة ظل يناقشها ويجادلها كل من رغب في ذلك …هذا الانفتاح هو سمة ذاك التغيير الذي أثر على كثير من الأيدلوجيات والعقليات ..بل أصبح الفكر البروبجندي الذي يعني التشريد الفكري أو الانشغال بسذاجة وسطحية الأمور لامكان له في عالم الإبداع . وصارت مكانة المبدع تتدرج وتتسع وينمو الخيال …إلا أن هناك بعض المؤثرات السلبية على المبدع كتأثير الحروب سلبا وسياسة قفل الأفواه بطرق غير مباشرة …العمليات الأخيرة على المنطقة جعلت من بعض المبدعين يعودون لمحارة مقفلة يتقوقعون فيها على ذواتهم خوفا من قيادة الكلمات فتهوي بهم في صراع التيارات … لكن مستقبل الإبداع اتضحت معالمه أكثر …رغم وجود بعض السلبيات الكثيرة وعدم تأثيرها الدائم : فصار من لايفقه الإبداع وليس بمبدع أصلا ..تراه يقود دفة الإبداع ويتداخل في كل المجالات ..وهذا لايضير لأن المبدع الحقيقي هو الذي يصمد ولايتهاوى بينما المدّعين سرعان ما يختفون من على الساحة …
______________________________
نشر بالملخق الثقافي لصحيفة الاتحاد – الخميس 13-2-2014
تعليق واحد
[…] لقراءة الاستطلاع كاملاً: على موقع بلد الطيوب (هـــنـــا) […]