دانِيا قدّح


ألِيثُ إلى ما كان في طُرِّ تِلعَةِ
ظهور النوازلِ لَحقُها غيرُ آيلِ
وعِند حُظوظِ العيِّ تبرأُ ذِمّتِي
ويَخلِيني مِن رداءَها كلّ نائلِ
وإني وإن بدّأتُ نفسي بِطعنةِِ
فلا لومَ للعواذل صَحبِ المغاوِلِ
صحوتُ فما قلبي بِوجسةِ ساكنِِ
ولا لِسنِي إذ تُرمى المشاينِ بِقافلِ
غدوتُ على مُحلِ العثراتِ أخُوضُها
فما فتِئتُ صحّابًا لها غيرَ آفِلِ
فأُمهِلتُ مِن ربِّ الأنامِ تفضُّلًا
فما عَرَّنِي اِعتلالٌ ولا بالخلائلِ
خلِيلَيَّ إن المرء مُذنِبُ حالِهِ
ومَيدقُهُ صِنوُ السّلامة لنازلِ
وإن كنتُ مِطلاعةً على ما خَشَفتُمُ
فإنِّيَّ كتَّامةً لها غيرُ قؤُولِ
فواللهِ لولا أن أكون مُجاهِلةً
لنَزَّلتُ فِي معايِبهم بالمعاوِلِ
فيُوقِن أني مِن لؤيِ بنِ غالبِِ
وأنّ سمائِي عُلُوِّها غيرُ سافلِ
وأن خُضارَ المؤنِ عنِّيَ راحلٌ
وأن بُغيّتي اللهَ غيرُ مزايِلِ
وأنّ عطِيّتي للفقيرِ تعاقُبُ
على غيرِ مِنّةٍ مِنَّنا بالدلائلِ
وأن إلهي غافِر لي خطيئتِي
بأيَّةِ حالِِ راجيةً غيرَ آتِلِ
و أنّ لِّسانَ الخنَا مُنتقِصُ الحِجى
لدى حيثُ يرمي جُلَّهم غيرَ سائلِ
كمدتُ على فقدِ الأحبةِ هُنَيهةً
فلما لحِظتُ الأمر غيرَ مؤايِلِ
هرعتُ إلى طِبِّ القلوبِ الصنادلِ كلامُهُ
فسبحانه مِن خلَّاقٍ غير زائلِ
فرفَّعتُ مِن خسِّ النفوسِ أُثالِها
وشمرتُ عن سواعدِي لها بالتفاضُلِ
فكم مرةِِ أحبُو لها غيرَ خؤُونِِ
و كم ذا هي تُسقيني كُلُومِ البلابِل
فويحَك ثم الويحُ جَزءً لكَ بهِ
على ما جنيتَ مِن كِذابِ المقاوِلِ
فقد كنتُ عِند اللهِ خيرَ تابِعِِ
لِدينِ المصطفى الهاشِمي ذي حُلاحِلِ
فأضحيتُ يُغرِيني اللِّسانُ بِحلوِهِ
وبِتُّ ينسِيني الرُّشدُ ذو المَجاوِل
فأطلقتُ ناظِّري فِي الحلِّ مُزاحِمةً
زُويدًا وكلٌّ مِن صِحابِ التعقُّلِ
وعُمِّدتُ بالإجماعِ قدرَ معلِّمِِ
حقيقِِ لدى عِلمِ الآداب وفاضِلِ
فقَرَّت لها عيني دُهَيرًا مُتمَّما
وسُرَّ لها قلبِي دُوَين التماثُلِ
وأسلفتُ ذِّكرًا ذا خِصالٍ حميدةٍ
وأثَّلتُ مِن فخَاري لها في المحافلِ
ومُدِّحتُ كِلمًا مِن فيوجِِ جليلةٍ
وأُعدِدتُ خَلصًا فِي صفوفِ الكمائل
وأُسمِعتُ دُرًّا مِن فئامِِ جمَّةٍ
وأدهشتُ حبرًا عالِمًا غير خامِلِ
فلما تفَثتُ النفس مِن هولِ جُرمِها
أيقنتُ بمن قد كان عنها مُسائلِ
وعلِمتُ أني عابِرةٌ غيرُ قابِعة
وألمَحتُ مِن عفَافها كلّ هائلِ
دحَلتُ على نفسي شِرارَ قرِيِنها
وأُسرِعتُ في تقرِّيعِها بِالتحامُلِ
فقد مسّني مِن شِقوِها كلّ حالكِِ
حريصةٌ على قُعدانِها في الأوائلِ
فما رمقت عيني بِحسناءَ كاعِبِِ
مِلاحًا لها قَدٌّ سَمِيُّ المَهاوِلِ
لحقتُ بِها أرجو الوِصالَ تودُّدًا
فَأُكرِمتُ مِن يُسرائها بِالجلائلِ
وأبصرتُ دعجًا ذا خِضابِِ مسوّدِِ
وأُطلِعتُ منها بالحُلِيّ والخلاخلِ
وأتأَقتُ مُهجتي مِن خِدنٍ مُهملِجٍ
صرِيم الحِبا تأَّرِ حَدقِِ لآمِلِ
لَعَمراللهِ لقد كُلِّفتُ وَجدًا بِحُسنِها
وأُسمِعتُ كِلمًا مُسفِلَ النفسِ قاتِلِ
وأنزلنِي العُذَّال منزِل قَضمِهِم
وأُلحقتُ شنَارًا مَهِينَ النفسِ باطلِ
وما كان عِلمِي أن فُؤادًا مُذَحَِّلًا
يناشِد وَصالًا بالكِرامِ البهالِلِ بِغافِلِِ!
قسيمةُ مُحيَّا مَبْسمُها ذو لآلئِِ
أثيلةٌ أُسٍّ مبعدِِ عن أباطِلِ
فأَمكنتُ فُويدي مِن سَماء تَزِيّنُهُ
ووطّنتُ نفسي في عُلا المُتكامِلِ
فما جَرّنِي شغفِي بها فِي مساءَةٍ
تهدِّمُ عرشي غِبْطةَ المُتناوِلِ
يعيبون فينا كلّ حبِِّ عفيفٍ
وتنزِل فينا مُدقُهُم بالأباطِلِ.