عقب زيارتي الأولى لمدينة غدامس سنة 2021م رجعتُ محملاً بعدة إصدارات متنوعة، هدية من جهاز تنمية وتطوير مدينة غدامس، مشكوراً، من بينها كتاب (فن الزنجفور) الذي أعدته عاشقة غدامس وابنتها الوفية الأستاذة سعدية بن يونس. ومن خلال ذاك الكتاب تعرفتُ على بعض تشكيلات وألوان وخطوط هذا الفن الذي لفت انتباهي بجمالياته اللونية المميزة وإيحاءاته التعبيرية المتعددة.
ولما كنتُ ولازلتُ أؤمن بأن مدينة غدامس بكل عناصرها الفنية العمرانية والتشكيلية والتراثية المتنوعة تحتاج منا جميعاً الكثير من المحبة والعشق المعزز بالجهد والاهتمام للتعريف بموروثها الباهر، وتاريخها الضارب في الحضارة الإنسانية العريقة، والعمل على نشره والمحافظة عليه، فقد استثمرتُ زيارتي الأخيرة خلال الأسبوع الماضي أثناء مشاركتي في (أيام غدامس للتسوق والتراث) التي انتظمت من 31 يناير إلى 3 فبراير 2023م على الالتقاء بالفنانة سعدية بن يونس مؤلفة كتاب (فن الزنجفور في غدامس “أَكِلِّف”) التي رحبت بإجراء هذا الحوار معها واستضافتني بالبيت الذي كانت تشرف فيه على تعليم المتدربات بمدينة غدامس القديمة.
س1) بداية اعطينا نبذة عن حياتك ومستواك التعليمي؟
– أنا سعدية محمد حسن بن يونس، ولدتُ وتربيتُ في مدينة غدامس القديمة، وانتقلتُ مع أسرتي إلى المدينة الحديثة حين كان عمري عشرة سنوات. يعني تشبعتُ بطفولتي كلها داخل غدامس القديمة. ويمكن لأن حبي للعجائز وكبار السن منذ طفولتي قد هيأ لي هذا اللجوء أن أقتبس منهم كل ما أمكن من معلومات، وحبي كذلك للخط والكتابة وملكة الحفظ التي لدي منذ الصغر، فأنا حفظتُ عنهم كثيراً من الموروث، مثل تسلسل لقبي العائلي الذي حفظته لغاية الجد الخامس والعشرين منذ أن كان عمري خمسة سنوات، وقد حفّظه لي عمي الخباز رحمه الله، حيث كنتُ أخرج من حوشنا بزنقة “المحكمة” والتي تضم بيوت عائلة بن يونس بنفس الجهة. و”محكمة بن يونس القديمة” هي حالياً عبارة عن عتبة مغلقة، أغلقت لأن القاضي “بن يونس” كان يحب العدل جداً، فاضطر أن ينتقل إلى جهة مقبلة بغدامس “شارع درار” كي ينعزل عن الخصوم، ويطلب من حاجبه أن يعطيه الخصوم برموز دون أسمائهم لكيلا يتأثر، وكنتُ أجالس ذاك الخباز عمي فيعطيني عدة أبيات شعرية من الحضرة وقصائد المولد النبوي الشريف من مؤلفات جدي القاضي بن يونس سواء كان محمد بن يونس الكبير أو الصغير، فأحفظ ُكل ذلك وهو يراجع ما أحفظه ويتولاني بالعناية حتى صرتُ مرجعاً للبعض في هذا الجانب.
س2) كيف أثرت هذه الذخيرة التراثية المعرفية في حسِّكِ الفني؟
– غدامس بصفة عامة هي مدينة الفن شئتَ أم أبيتَ، فلو تلفت يميناً أو شمالاً ستجد فنا، فكل طوبة بها انعكاس للفن، وليس من السهل أن تجد مدينة مثلها، وبالتالي فإن كل شخص ولست أنا فقط، وكل طفل سيتشبع لو وضع وسط هذه البيئة ولست أنا فقط بل ربما أكثر مني.
س3) هل نستطيع القول أنكِ محظوظة بتعرفكِ على الراحلة “خديجة قاسم بن هارون”؟
– طبعاً بكل تأكيد.
س4) كيف أثرت فيكِ هذه السيدة الراحلة؟ ماذا تعلمتِ منها؟
– السيدة رحمها الله هي واحدة من قريباتي قبل أن تكون معلّمتي. هي أحبت طباعنا التي تكاد تكون نفسها رغم ما فيها ربما بعض الحدة أحياناً، وحدث انسجام متبادل بيننا. فهي تحفظ الكثير من الأمثال الشعبية، كما تحفظ في ذاكرتها العديد من المواقف والأحداث التي وقعت وتعطيها وتقدمها للكل وتتذكرها بالاسم والمكان بجميع تفاصيلها، وميزة غدامس القديمة أنك عند سماع القصص والحكايات فكأنك تعيشها وتتمثلها بأجوائها، لأنك تعرف البيت والمكان الذي وقعت فيه. فاقتحمتُ معها مجال فن “الزنجفور” كوني أنا أسألها وهي تجيبني بكل رحابة صدر، وكونها تملك ملكة الرسم وأنا أيضاً كنتُ أرسم.
س5) هل كانت الراحلة متعلمة أم بالفطرة؟
– هي كانت أميّة وتعلمت بالفطرة. وطبعاً هي لديها خصوبة جداً في المعاني، ولديها كرم تمنحك بجود ولا تبخل بالمعلومة، بل تقدمها بكل سخاء ورضى ومحبة.
س6) هل نقول إنها ورثتكِ علومها ومعارفها وخبراتها؟
– بالتأكيد، لأني أنا عنعنة “بمعنى أني نقلتُ عنها” فهي نفسها كانت تلميذة عند عمتها فتعلمت منها الكثير من هذه الأشياء ونقلت عنها كل هذه الفنون.
س7) هل هذه الفنون اختصرت في كلمة “الزنجفور” أم أن “الزنجفور” فنٌّ مستقلٌ بذاته؟
الزنجفور هو فن مستقل وإن وجدنا به بعض النقاط المشتركة بين نقوش الزنجفور وبعض المفروشات، نقاط زخارف الزنجفور نجدها في نقوش الأطباق السعفية الموجودة في غدامس، كما نجدها أحياناً حتى في بعض المنحوتات، وهذه الفنون ليست غريبة على ثقافة الامازيغ كلها، وإن كانت غدامس بها تميز طبعاً، ولكن نقوش الزنجفور الموجودة في زخارف غدامس نجدها بتصرف في غيرها من المناطق الأمازيغية.
س8) هل الزنجفور عنصر من عناصر الهوية الغدامسية؟
– بالتأكيد، أكبر ما تتميز به الهوية الفنية التشكيلية الغدامسية هو فن الزنجفور.
س9) بماذا تتميز زخارف الزنجفور تحديداً؟ هل في اللون أم في التكوين أم في الخط؟
بالنسبة للون نجد اللون الأحمر في جميع الثقافات وهذا ليس بغريب على الفن التشكيلي الغدامسي.
س10) إذاً ما هما اللونان التوءمان؟
اللونان التوءمان هما الأصفر مع الأخضر، والأخضر مع الأصفر، وكلُّ فنان إنْ كان قد تتلمذ وتعلّم الفن بشكل صحيح يجب ألا يأخذ الأصفر على حساب الأخضر أو العكس. فلا يأتي الأصفر إلا وبعده الأخضر، ولا يأتي الأخضر إلا وبعده الأصفر، ضروري من هذه التراتبية المتوازنة.
س11) هل هذه الألوان لها دلالات معينة في الحياة الغدامسية؟
– دعني أقول لك أنه بالنسبة للزنجفور هو احتياج قبل أن يكون فنًّا.
س12) احتياج لماذا؟
احتياج لإطفاء اللون الأبيض، بما أن البيوت الغدامسية كلها بالجبس الأبيض كما أن الأرضية تقترب تربتها من الأبيض، فمن الضروري أن تكون هناك حاجة لكسر حدة البياض، وعلمياً الكائن الحي لا يستطيع المعيشة في بيئة بيضاء كاملة. فكان هناك اضطرار لاكتشاف زخارف لونية معينة لتغطية المساحات البيضاء، واللون الأقرب للبشرية وللعمق البشري هو اللون الأحمر المعروف عبر كل الحضارات، فاستعملوا القدامى اللون الأحمر ولكن حين طغى على الأبيض وقضى عليه، صار الأحمر نفسه مشكلة أخرى، فأصبحوا يحتاجون لشيء ما لإطفاء الأحمر كذلك، فاستعملوا وسيلتين وهما الخطوط المتداخلة، حيث كان بإمكانهم جعل الأحمر لوناً مطموساً، فاقتصادياً اختصروه بالخطوط وإن كان ذلك متعباً، ولكنه هو الأفضل. ثم احتاجوا لإدخال الألوان الأخرى وإن كانت تلك الألوان ليست من مادة الزنجفور نفسه، لأن الزنجفور معروف أنه من مقذوفات البراكين.
س13) هل هو مسحوق تتم معالجته فيصبح لوناً؟
هو عبارة عن بلورات، ولكي يتحول إلى مسحوق يتم طحنه، ويغربل إلى أن يصبح مسحوقاً، ثم يتم تحويل هذا المسحوق وتغييره إلى مادة سائلة، وكان بإمكان القدامى تحويله إلى دهان مائي ولكنهم اختاروا الدهان الزيتي، فما السبب يا ترى؟ لأن الزيتي كما نعرف هو أثبت وألمع وأجمل، فهم اختاروا إضافة صفار البيض بدل البياض لأسباب عدة أولها اللمعان، وثانيها لأن الصفار يمنع اللون من تكوين ما يسمى بالدموع فلا ينزلق على الرسم نفسه.
س14) إذاً ماذا أضاف الصمغ العربي لهذه التشكيلة اللونية؟
أضاف المتانة طبعاً. لأنه من المعروف أن الصمغ العربي مادة لاصقة دابقة بها نسبة من السكر وهو ما يؤدي إلى اللمعان.
س15) هل الزنجفور هو تقنية واحدة أم عدة تقنيات؟
الزنجفور هو عبارة عن خلطة، وجميع الألوان تخلط بنفس التقنية، صفار البيض مع الصمغ العربي ماعدا اللون الأزرق. فاللون الأزرق فقط يخلط بالماء مع القليل من الصمغ العربي لسبب وجيه، عرفوه القدامى عن تجربة، وهو أن اللون الأزرق يخضر “يصبح أخضراً” إذا أضيف له اللون الأصفر، بينما كل الألوان الأخرى لا تتأثر، بل بالعكس فقد تزداد جمالاً إذا أضيف لها الأصفر.
س16) هل هذه الخلطة هي خلطة كيميائية لها تركيب كيميائي؟
طبعاً هي تركيب كيميائي. الزنجفور مثلما ذكرت في البداية عبارة عن مقذوفات البراكين، وكما هو معروف أن البشر لا يذهبون إلى أماكن الخطر بل يبتعدون عن ذلك قدر استطاعتهم، وهذه هي الفطرة البشرية، فالكيميائيون الأوائل حضّروه معملياً مبتعدين عن أماكن المقذوفات، وهم يعرفون تركيباته وما يصلنا نحن في غدامس فهو عبارة عن بلورات أحياناً أو مسحوق جاهز للتحضير.
س17) هل (تكميس نالفرادي) هو اسم زخرفة معينة أم تقنية من تقنية الزنجفور؟
هو اسم زخرفة لفن نسائي، ومن المعروف أن النساء في غدامس هنَّ أميات، احتجن إلى اقتباس الزخارف من بيئتهن المنزلية سواء من أواني الطبخ كالمعالق والسكاكين مثلاً، أو أدوات اشتغالهن بالصناعات الأخرى مثل المقص أو أطباق الحناء للعروس أو غيرها.
س18) ما هي دلالات “المقص” و”المثلث” الذي نجده كثيراً في المشغولات والفنون التشكيلية الغدامسية؟ هل لها معاني بعيدة أم مجرد استنساخ لمكونات بيئية؟
الفن تحديداً اختار المدلولات الأهم، ومن ضمن المدلولات المهمة جداً في زخارف الزنجفور هو الميزان، أو وحدة الميزان، لأن فن الزنجفور هو فن إسلامي، وإن كانت به أطياف أخرى تنصهر أو تنعكس فيه، ربما جاءت من ديانات أخرى وربما حتى قبل الديانات، وهناك أشياء ترمز إلى الثقافة النوميدية نجدها في فن الزنجفور. أما حول المقص، فلو قرأنا الميزان المرسوم في زخارف الزنجفور بتأمل عميق، نجده عبارة عن وحدات زنجفورية نفسها موجودة فرادى في الزنجفور، ولكنها تشكلت وطُبِّقت ورُبِطَت مع بعضها لتتحول إلى شكل الميزان. فالمقص هو عبارة عن الحق. هو الذي يقص الحق. هو الذي يفصل الحدود. سواء كان المقص معنوياً أو مادياً أو بحجم أو تقنية معينة فهو الأهم كما رسمته الفنانات الأوائل رمزاً لأساس العدل الذي لا يستقيم إلا بالميزان.
س19) إذاً ما هي أبعاد المثلث الذي أشار الكاتب “إبراهيم الإمام” في كتابه “المثلث” إلى علاقته بالسحر والطلاسم والحسد؟
طبعاً هذه جميعها وجهات نظر للكل، فالجميع يحاول أن يقرأ، وأجمل ما في الفن أنه يؤتى من جميع الجوانب كذلك. فالمثلث قد يدخل في أشياء أنا أراها بشكل وأنت تراها بشكل آخر. المثلث دخل في وحدة من وحدات الزنجفور وهي أعمقها ربما، وهي الأهم والتي نسميها “المصائد” أي “التسمكتات”، وحتى بلهجة غدامس لم يقل الأوائل القدامى مصيدة “تسمكتت” كمفردة، لأن “تسمكتت” لا ترسم مستقلة لوحدها بل يجب أن تكون في صف متكامل، وهي عبارة جُرِّدت شكلياً فكانت على هيئة مثلث كما نراها بالشكل الحالي في عدة صور متنوعة.
س20) أُستخدم الزنجفور لتزيين مداخل الأبواب وكذلك في مكياج العروس، فما هي أهميته في الحياة اليومية وهل يستعمل لمناسبة معينة فقط؟
الزنجفور تستعمله المرأة مرتين في حياتها فقط. حين تكون عروساً، أو إن كانت زوجةً لرجل ذهب لأداء فريضة الحج. ففي مناسبة عرفة، زوجة الحاج التي نشير إليها “أمصري”، والتي لا تعني في مفهومنا دولة مصر تحديداً بل تشير إلى اتجاه الشرق بشكل عام، فكل ما جاء من جهة الشرق هو في لسان أهل غدامس “أمصري”، فالزنجفور هو مكياج للعروس، ومكياج تعيده المرأة في حياتها مرة أخرى إن كان زوجها قد أدى فريضة الحج.
س21) أصدرتِ كتابك (فنُ الزنجفور) تُرى هل هو كتاب أم بحث أو دراسة معينة؟
هو أقرب لأن يكون بحثاً، لأنني فعلاً، كما أخبرتك، تتلمذتُ على هذه الراحلة خديجة قاسم هارون رحمها الله، وكنوع من الوفاء لها ولتوثيق هذا الفن الغدامسي الأصيل اخترتُ أن أصدر هذا الموروث التشكيلي الفني في كتاب. وربما فيه استقرأتُ بعض الأشياء، وفكرتُ في معاني ودلالات وحلول الألوان وتسميات الأشكال، واجتهدتُ وقارنتُ بين ما هو موجود في الأطباق وفي الزنجفور نفسه وغيرها. وقد جاءت الفكرة بعد أن اتفقتُ مع جهاز تنمية وتطوير مدينة غدامس بأن أنظم ورشة عمل أعرضُ فيها مادة مكتوبة أعدها، ثم أقدمُها مخطوطاً على أن يقوم الجهاز بنشرها في كتاب، والحمد لله أوفوا بما وعدوا مشكورين وأصدروا لي هذا الكتاب (فن الزنجفور في غدامس).



س22) متى بدأتِ الاهتمام بفن الزنجفور والرسم وعرض منتوجك التشكيلي؟
أنا فنانة منذ الثمانينيات حين كنتُ طالبة، ورسمتُ فن الكاريكاتير وحققتُ برسوماتي جائزة الترتيب الأول على مستوى ليبيا، ثم انتقلتُ إلى الأشغال اليدوية باعتباري متشبعة بها لكون والدتي من ضمن حرفيات غدامس في صناعة الأطباق. رأيتُ أن الفن المحلي هو الأجدى، والأولى بي أن أقتربَ منه أكثر من الفنون الأخرى، لأن الفنون الأخرى يمكن أن نجد لها الكثير من المهتمين الآخرين. أنا ربما حملتُ راية إنقاذ بعض الشيء من الموجود حالياً لأنه للأسف الكثير من تراثنا يكاد يندثر.
س23) إجمالاً أتفق معك بأن غدامس هي مدينة الفن، ولكن على مستوى الإنتاج أيهما أكثر غزارة المرأة أم الرجل في غدامس؟
بالنسبة للزنجفور هو فن نسائي بنسبة أكثر من 90 بالمئة بل قل حتى 95 بالمئة، وحرفيات غدامس في فن الزنجفور كلهن نساء، وإن كان هناك رجال احترفوا زخارف الزنجفور فقد اقتصرت زخارفهم على تزيين الأبواب أكثر من الجدران.
س24) الفنون معظمها مهددة، والأجيال الحالية أغلبها لا يهتم بتراث الأجداد. كيف نعمل على توطين هذه الفنون فيها؟ وهل ورش العمل والمعارض تؤدي دوراً في هذا الجانب؟
الفن كفن لا يوفر دخلاً وفيراً ولا ضماناً لحياة وعيش رغيد. وبالتالي فإن الطالب بعد التخرج لن يهتم ويأتي لهذه الحرف الفنية التراثية بل يسعى لوظيفة تضمن له معاشاً دائماً. ولذلك فإننا يجب أن نعتمد أولاً وقبل كل شيء على سياسة (التحبيب) ويجب أن نقتنع ونؤمن بأن ما لدينا هو (كنز) ويجب علينا العمل على (إنقاذ) ما يمكن إنقاذه للمحافظة عليه.
س25) حضرتك تبنيتي مجموعة من الأطفال والفتيات وعملتِ على تدريبهم وصقلهم وغرس محبة هذا الفن فيهم. كيف كانت النتائج؟
بالنسبة للدورات طبعاً أنا تكفلتُ بها داخل بيتي وخرَّجتُ أكثر من أربعين متدربة من فئة الكبار، بعدها جهاز تنمية وتطوير مدينة غدامس قام برعاية إحدى الدورات فشاركت فيها حوالي خمسة وعشرين متدربة، وبعضهن أتقن الزخارف لدرجة أنهن رسمن بيوتاً كاملة في مدينة غدامس القديمة.
س26) هل البيت هو مرسم المرأة الغدامسية؟
لا نستطيع القول بأنه مثل المرسم العادي للوحات الفنانين العاديين، ففن الزنجفور يتطلب خلفية بيضاء اللون. وهذه الخلفية البيضاء في بيئتنا نجدها ممثلة في جدران بيوت مدينة غدامس القديمة، وبالتالي فربما هي الجدارية الجاهزة والمهيأة لاستقبال فنون ونقوش الزنجفور.
س27) هل تحصلين على دعم من جهات معينة للتدريب أو تنظيم ورش العمل والمعارض والمشاركات؟
الحمد لله. بعد الدورات التي أعددتُها بنفسي في بيتي، قام جهاز تطوير مدينة غدامس مشكوراً برعاية دورتين، وتكفل مؤخراً في سنة 2022م بتوفير مقر مع تهيئته لاستقبال الفئات الراغبة في تعلم هذا الفن، كما وفر سيارة للتنقل داخل المدينة القديمة.
س28) هل شاركتِ في معارض فنية أو مناشط داخل ليبيا وخارجها؟
خارج ليبيا لم أشارك للأسف. أما داخل ليبيا فأنا قناعتي هي أن غدامس هي منبعي فيجب أن أرسخ جذوري داخل غدامس أولاً.
س29) إذاً كيف وما هي السبل لإظهار هذا المنتوج التراثي الكنزي خارج مدينة غدامس؟
بالنسبة للمعارض ليست هي الأهم وفق قناعتي، ولترسيخ كل تراث يجب أن يبدأ منا نحن، أن نحافظ عليه داخلنا، بألا يتسرب. وهذه الفنون يجب أن تبقى. وهذه المقتنيات يجب أن تبقى. لأن وجود الشيء في غير محله لا يجدي، ووجود البيوت دون محتوياتها العتيقة القديمة فهي أيضاً لا شيء.
س30) ما هي نظرتك للمستقبل لهذا الموروث؟
طالما أن لدينا فئات صغيرة لها استعداد أن تتعلم فبالتأكيد تراثنا لازال بخير وسيبقى بخير.
س31) هل تناول أحد البحاث أو الدارسين أو طلبة كلية الفنون “فن الزنجفور” الغدامسي؟
الكل يتواصل معي خاصة قبل إصدار كتابي (فن الزنجفور في غدامس)، والكل يبحث، ولكن للأسف نحن بشكل عام في ليبيا الباحث يريد كل شيء جاهزاً. وكل من يتواصل معي أعطيه بعض رؤوس أقلام، لأنه لو استعمل ما قدمته أو توصلت إليه أنا فقط فهذا لا يجدي ولن نتقدم.
س32) كلمة أخيرة
الشكر لك أستاذ يونس ويا رب تكون معرفة خير… ويا رب بكم ومنكم ومعاً تكون غدامس بخير.
مجلة الليبية | العدد الثامن، مايو 2023م.