حوارات

الباحثة اشتيوية بن محمود : نحتاج إلى دراسة ميدانية وفنية فالمشكلة معقدة !

الطيوب : حاورها / مهنّد سليمان

الباحثة الشابة ” اشتيوية بن محمود”

لعل أدب الطفولة أو أدب الطفل لم يحظى بعد بذاك الاهتمام والاعتناء الكافيين برغم جِدة المحاولات وسعي التجارب التي قادتها كوكبة من الأقلام الليبية مُساهِمة بحظ ما في الانكباب على هذا الجِنس من الأدب،وقد تُعزى مَحدودية قصص الأطفال لحساسية الكتابة للطفل فالكتابة للطفل مثل التعامل معه مسألة تربوية محضة تتداخل فيها عدة عوامل ومسؤوليات جمّة لكن تظل المحصلة أن القارئ الطفل سيجد شيئا ولو قليلا يُرضي به ضالته بينما على المقلب الآخر هنالك مرحلة عمرية تفرض خصوصية مفرداتها يلج إليها الطفل بعد سن الحادية عشر تُعد بالنسبة إليه محطة مفتوحة تمتد أحيانا لما بعد سن العشرين تبرز تمثلاتها الانتقالية كالمخاص العسير في بحث اليافع عن ذاتيته للاستقرار على الملامح الرئيسة لشخصيته وسماتها، إنما إن أراد هذا الطفل الذي تورّط في هذه المنطقة الفاصلة ما بين الطفولة الأولى ببراءتها وبين صدر الشباب أن يبحث له عن قصص وروايات تُخاطب أبجدية مرحلته العمرية وتُعبّر عما يختلج في لواعج نفسه المضطربة كالبحر مدا وجزرا فعلى الأرجح لن يجد ! على الأقل اليافع في ليبيا ربما جادت إرهاصات أدبية معينة ببضعة قصص تستهدف هذه الشريحة مثل مجموعة (من قصص الأطفال) للأديب الراحل “الصادق النيهوم” مثلا ؟ لكنّها وقعت كغيرها في مأزق عدم التصنيف ما عرّضها للهجوم والنقد اللاذع ! وبالتالي يستدعي الأمر إثارة سؤال ملح هل نحتاج حقا للتصنيف في الأدب المقروء؟

قبل مدة قصيرة صدر كتاب جديد عن دار الجابر للنشر والتوزيع في مدينة بنغازي حمل عنوان (قصص اليافعين في ليبيا … دراسة في جماليات البنى والأنساق الفكرية) للباحثة الليبية الشابة “اشتيوية بن محمود”، وهي بهذه الدراسة الهامة تطرق بابا مُهملا وتُسلط الضوء على ضرورة التنبه لشريحة أدب اليافعين والمراهقين، وبهذا الإصدار تُشرِّع الباحثة النوافذ على أفق الدراسات النقدية والبحثية من ناحية، ومن ناحية أخرى ترفد المكتبة الليبية لاسيما وأن مكتبتنا الأدبية في ليبيا ماتزال تفتقر لمثل هذه الدراسات، وحرصا منا على مواكبة الجديد أجرينا معها هذا الحوار، وضيفتنا في هذا الحوار حاصلة على الليسانس في اللغة العربية والدراسات الإسلامية من كلية الآداب بزليتن، ودبلوم عالي في الأدب والنقد من الجامعة الأسمرية الإسلامية كما لديها مشاركة بورقة بحثية في المؤتمر العلمي الثالث لطلبة الدراسات العليا لعام 2019، بعنوان: توظيف الحكاية الشعبية في القصة الليبية القصيرة، الطائر الذي نسي ريشه للقاص زياد علي أنموذجًا، وعضو مؤسس لصالون زليتن الأدبي بالإضافة لنشرها مجموعة من النصوص النثرية والقراءات النقدية على موقع بلد الطيوب الثقافي.

(قصص اليافعين في ليبيا …دراسة في جماليات البنى والأنساق الفكرية)، كتاب صدر لك حديثا هلّا حدثتنا عن أبرز محاور هذا الوليد الجديد ؟
الوليد الذي لم ينقطع حبله السري بعد، هو محاولة لاقتحام نظرية الأنواع الأدبية وتطبيقها على المنجز الليبي، في البداية لم تكن الفكرة أن يدرس إقليم معين؛ لأني من أتباع المنهج الفني الذي يهتم بالنص أولاً، ثم كان هذا العمل وفيه تقصٍّ واقتراح، لاستخلاص مصطلح “قصص اليافعين”، وربما يكون العمل بحاجة إلى التدعيم من خلال دراسات لاحقة، لاستكمال بقية الفروع مثل: الأسس والخصائص، والمناهج النقدية المناسبة لهذا النوع الفني، التي تعد بمثابة السلم للناقد والمبدع.

ما هي النماذج الأدبية التي ارتكزت عليها في دراستك ؟
المدونة القصصية التي اعتمدتها الدراسة
القصص القومي: زعيمة الباروني(1958).
من قصص الأطفال: الصادق النيهوم (1972).
سلسلة قصص الجهاد: خليفة حسين مصطفى، إبراهيم الكوني (1987).
أصوات منتصف الليل: سعيد المحروق(1992).

لماذا اخترتِ هذا الجنس الأدبي دون سواه ؟
ربما لأنه لم يطرق بعد من قبل النقاد في ليبيا، فقد تجد نصوصا أدبية في ليبيا تنطبق عليها معايير أدب اليافعين؛ لأن العمل الإبداعي قابل للتلقي بمستويات عدة، بخلاف النصوص النقدية التي يتطلب فيها الدقة والوعي بالمنهج والمنهجية.


هل هنالك صعوبات واجهتك أثناء اشتغالك على هذا المبحث ؟
الصعوبات لم تكن منفصلة عن تلك التي تواجه الباحث بشكل عام

كيف حددتِ ملامح وسمات قصص أو أدب اليافعين ؟
كان تحديد الخصائص خجولا، وربما يكون تعبير ملامح أقرب من الخصائص، لكونه فن وليد لم تكتمل أركانه بعد، فهي أقرب للإشارات والمحاولات التي استندت إلى معايير محددة منها الطبيعة النصية أو تصريح الكاتب أو من خلال المتوسطات القرائية والمصادر السابقة، أو انطباع المتلقي اليافع.

قياسا بتراجع معدلات القراءة في مجتمعنا برأيك ماهي الوسائل الناجحة لإعادة ثقة هذه الشريحة العمرية في الكتاب ؟
نحن بحاجة لدراسة ميدانية وفنية للعمل على هذه المشكلة المعقدة، فلا يمكن التنبؤ بأن إجراءً معينا يمكننا من حلحلة هذا المأزق.

كم استغرق منك الزمن لانجاز الدراسة ؟
ظلت فكرة أدب الأطفال مسيطرة في البداية، طوال فترة الدبلوم؛ فالمصادر متوفرة سواء كانت أدبية أو إبداعية، إلى أن اخترت أدب الناشئة/اليافعين، وذلك في سنة 2019م، وحصلت على قرار المناقشة سنة 2022م، مع أن البحث استغرق سنة في كتابة متنه، وسنة أخرى للمناص.

أين أوجه الاختلاف والتوافق بين أدب الطفل وأدب اليافعين ؟
يتفق معه في كونه موجه إلى متلق بعينه، وفي كونه ينقسم لعدة فروع ومجالات، ويختلف عنه في الطبيعة النصية..

برأيك هل غياب النقد الموضوعي للأدب كان له دور في تأخر بروز أدب اليافعين لدينا ؟
بالتأكيد؛ لأن النقد يمثل الوعي، فالنص بحاجة لهالة نقدية تأخذ بيده وتترجم بينه وبين المتلقي، وفي الوقت ذاته يحتاج النقد إلى نقد النقد ليتم التعرف على مساراته ونتائجه، فالعملية جدلية بين النقد والإبداع فهما تكامل وتطور

كلمة أخيرة :-
شكرا لكم على هذا الاحتفاء، وأتمنى أن يستمر البحث في هذا المجال.

مقالات ذات علاقة

هبة شلابي مصورة ترصد بعدستها تخريب وتشويه «قوس ماركوس»

نهلة العربي

علي عبداللطيف حميدة: الاستعمار الإيطالي كان عنصرياً وبشعاً وقام بجرائم إبادة

رامز رمضان النويصري

مفتاح قناو: نحن أبناء «جيل التشرد»

عبدالسلام الفقهي

اترك تعليق