شرع محمد فكيني في كتابة الجزء الأول من سجل ذكرياته “البدر المنير لحقائق طرابلس في العهد الأخير” في زاوية سيدي موسى وسط حمادة تنهارت بصحراء الجزائر، بعد أسابيع من جلائه ومن معه عن فزان ولجوئه إليها عام 1930.
وقد كتبه بخط يده برغم معاناته من ضعف النظر فلم يكن يرى إلا بعينه اليمنى رؤية جزئية لغشاوتها. أما الجزء الثاني فقد أملاه في دقاش بالجنوب التونسي عام 1931 بعد أن غدا شبه فاقد للبصر.
وقد روى فكيني في هذه المخطوطة ما شهده في الفترة الواقعة ما بين الغزو الإيطالي عام 1911 حتى سقوط فزان الثاني ونهاية المقاومة فيها عام 1930.
لم تنشر هذه المخطوطة في نصها العربي بعد، ولكن المؤرخ الإيطالي أنجلو ديل بوكا اطلع على ترجمة فرنسية لها وعليها اعتمد في كتابه: A un passo dalla forca
الذي أورد فيه أحيانا مقاطع كاملة منها.
ولهذا الكتاب ترجمتان إلى العربية إحداهما للدكتور إبراهيم المهدوي عنوانها “على بعد خطوة من المشنقة” والثانية التي عنوانها “على مقربة من المشنقة” وقد أصدرتها دار ميلالي دون ذكر لاسم المترجم. وللكتاب ترجمة إنجليزية صدرت عن بالگريف ماكميلان بالولايات المتحدة واسم مترجمها أنطوني شوگار.
ورغم عدم شهرة فكيني ضمن أصحاب التواريخ فإن هذه المخطوطة تعد من أخطر المصادر الأصلية التي تسجل حوادث ذلك العهد مهما كان نصيب صاحبها من الموضوعية.
وهي إضافة مهمة إلى مدونة المصادر العربية عن عهد المقاومة كوثائق سليمان الباروني التي نشرتها ابنته زعيمة، ومذكرات عون سوف التي نشرها الدكتور محمد سعيد القشاط، و ما أملاه بشير السعداوي على الدكتور محمد فؤاد شكري ونشر في كتاب وثائق ميلاد دولة ليبيا الحديثة، ومذكرات السنوسي بلقاسم التي أفاد منها الأستاذ علي مصطفى المصراتي في كتابه عن سعدون السويحلي، وكتاب عبد المالك بن عبد القادر بن علي الذي ترجم فيه للسنوسية عامة وللسيد أحمد الشريف ودوره السياسي والعسكري خاصة، وكتاب جهاد الأبطال في طرابلس الغرب للطاهر الزاوي، على ما بين هذه المصادر من تفاوت في قيمتها بطبيعة الحال.
وهذا نداء إلى أسرة فكيني الكريمة التي تفضلت من قبل بتزويد ديل بوكا بالمخطوطة والوثائق الملحقة بها من مراسلات محمد فكيني، أن تتفضل ثانية بالعمل على نشرها كاملة في نصها الأصلي.