أحمد التواتي
في القبول والرضى هناك شيئاً دائماً يحكمنا لا إرادياً في أنفسنا، فهو أما القلب الذي يجرنا نحوه دون وعي منا، أو العقل الذي نقيس به الأمور بالمنطق، هاتان الكفتان قد يرجح أحدهما على الآخر، وقد ميزنا الله نحن البشر بالعقل عن سائر المخلوقات وعلى رغم من ذلك يرى البعض أن القلب هو من يحكم العقل ويصر البعض الآخر على ان العقل هو من يحكم القلب!!!
ولنتدرج في مقالتي هذه بتعريفات علمية للقلب والعقل: القلب عبارة عن عضو عضلي يوجد في منتصف الصدر، وتميل قمته نحو اليسار قليلاً، وهو جزء من الجهاز القلبي الوعائي، تكمن وظيفة القلب الأساسية في ضخ الدم الغني بالأكسجين إلى كافة أنحاء الجسم من خلال شبكة واسعة من الشرايين والأوردة، ويتكون القلب من أربع حجرات تعمل على تنظيم حركة الدم إلى الرئتين وإلى أنحاء الجسم الأخرى.
وأما العقل فهو مجموعة من القدرات المتعلّقة بالإدراك، والتقييم، والتذكّر، وأخذ القرارات، وهو ينعكس في بعض الحالات على الأحاسيس، والتصورات، والعواطف، والذاكرة، والتفكير، والرغبات، والدوافع، والخيارات، واللاوعي، بالإضافة إلى التّعبير عن السّمات الخاصة بالشّخصيّة، كما يتصف بكونه ظاهرة يمكن إدراكها، ولا تقتصر على الإنسان، بل يمكن تواجده عند الحيوانات أيضاً، كما يمكن للعقل أن يكون خارقاً، أو مطلقاً، أو فائقاً.
حاولت من خلال استطلاع اجريته ان اجمع بعض الآراء وذلك في محاولة مني لقياس أيهما الأرجح (القلب أم العقل)، وذلك حسب الزوايا المختلفة، لنبحر في عمق قليلاً، فالقلب الذي تحكمه العاطفة وتؤثر فيه الأمزجة والذي أحيانا يندفع وراء مشاعر وقتية وتقوده لأمور يندم عليها، ولنلاحظ العقل الذي يعتبر منهل الحكمة، والمنطق والمسؤول عن صنع القرارات.
فيقال: القلب هو البيت والعقل مفتاحه، فللعقل خاصيّة التمييز والإدراك والمعرفة، وهو الموجه للإنسان بينما القلب محل الهوى، له تأثير كبير على النفس البشرية، ويحاول أنْ يأخذ السيطرة.
فترى ” خديجة عصمان ” مستشارة نفسية واجتماعية انه لقد ميزنا الله بالعقل عن سائر المخلوقات.. والمقصود بالعقل هنا التفكير السليم الذي يناسب الفطرة الإنسانية وما فرضته العقيدة، ولا يعنى هذا أن الميزة هذه تنطبق على كل أنسان حيث أن البشر قد يستعملون هذه العقول برجاحة وقد يستعملونها بإساءة، وهناك مالا عقل له كالمجنون مثلا بينما تشير الدلائل ان الأنسان يبصر بقلبه أكثر من الأبصار بالعقل كقوله تعالى ” وفي أنفسكم أفلا تبصرون ” (سورة الذاريات). وبيان العقل في القلب كقوله تعالى أم على قلوب أقفالها (سورة محمد)، هنا يلزم استعمال العقل والقلب معا في عدة أمور واغفال أحدهم في عدة أمور فالاتزان هو الذي يثمر وكل موقف له مكانه.
وتقول ” أميرة النوري ” وقال العقلُ دعهُ ولا تزُرهُ وقالَ القلبُ فلتذهب إليهِ، حديثُ العقلِ مَوضوعٌ ولكن حديثُ القلبِ مُتّفقٌ عليهِ”، الموضوع متوقف على الموقف وتحليله والحل الانسب قد يكون حل العقل وقد يكون حديث القلب انسب.
ويعتقد ” ا. صالح إبراهيم “ في الحديث عن العقل والقلب نستدل بقول الله عز وجل ” فإنه لا تعمه الأبصار و ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” فالله سبحانه وتعالى بين ان الإدراك والعمى وليس عمى البصر، إنما يتعلق بعماء القلوب ودليل ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم” ان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.
وأضاف ” كذلك حديث آخر للنبي ” أثر الرجل بصغريه لسانه وقلبه” فنستفيد من هذه النصوص سواء ان كانت نصوص قرآنية أو نصوص من الحديث النبوي من الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عليهم، القلوب هي التي تعقل فالعقل ليس في الدماغ، كما يعتقد البعض في الرأس إنما العقل إدراك.
نوه ” كما نقول التفاعل مع الاخرين مشاعرين وكذلك فهمين مع المشاكل وكذا يدركها القلب هناك في القلبي مضغتاً خلقها الله عز وجل للإدراك تدرك فإذا كنا نفكر في المشاكل حقيقة الأمر الذي يفكر القلب ويعطي أوامره لدماغ أو العكس، ويتضح بذلك انه هناك ارتباط داخلي بينهم.
ذكر ” لا يمكنني الخوض في تفصيل كون هذا الارتباط ولكن حقيقة الأمر ان الدماغ هو مجرد جسم “عضو” عضلي موجود في جسم الإنسان ولكن لا يقوم هو بتفكير وإنما هو الذي يقوم بالإدراك بتفكير وحل المشكلات والانقباض من اجلها والمرور بها.
هو القلب لذلك سؤالي إذا كان أيهما الأرجح العقل ام القلب أو إذا قلنا أيهما الأرجح العقل ام العاطفة أو الإحساس
وأشار إلى أنه ” إذا كنا نقصد بالعقل الذي في الرأس هذا شيئاً آخر وإذا كنا نقصد بالعقل الموجود في القلب والعاطفة فإننا سوف سنجد العاطفة هي جزء من العقل وليست كل العقل وإن غلبت العاطفة، لذلك عندما جعل الله سبحان وتعالى في شهادة النساء يجب ان تكون اثنتان وذلك ” ان تذكر أحدهما الأخرى ” وجعل في شهادة الرجل ” رجل واحد” شهادته تقبل وأما امرأتين لأن العاطفة والاحساس تغلب عندهن عن عاطفة الرجال لذلك هنا نستطيع أن نلتمس الفرق بين العقل والعاطفة.
نوه ” ثم ان العقل و العاطفة الاثنين موجودات في نفس الاتجاه الواحد ، وهو أن الوعي و العاطفة هو القلب، كما قال تعالى في الآية القرآنية فلا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور فهي التي تعي و تدرك ، ولذلك حتى في تعاملاتنا الحياتية تجد الإنسان قلبه ينقبض من الشيء أو يفرح بهِ فهذا والله أعلم وجل طبعاً الاثنين مرتبطين ببعضهن البعض، ومكملات لبعضهن البعض ، فالإنسان لا يستطيع ان يعيش فقط بطريقة العقلية 1+1=2 فقط يجب ان تكون الطريقة الاحساسية وكذلك إذا عاشه جانب الاحساسي فقط وترك جانب العقلاني فإن حياته تفسد ولن يستطيع أن يكملها بطريقه الصحيحة .
وأردف هنا اختلاف في شخصيات الإنسان هناك من يغلب عليه الجانب العاطفي اكثر من جانب العقلي أو ما يسمى ” الوجداني” أكثر من الجانب العقلي الصارم وهناك العكس من يغلب عليه الجانب العقلي الصارم اكثر من جانب العقلي الوجداني وهنا اختلف شخصيات الناس عن الرجال وهذا لا يعني ان كل النساء تفكر في الجانب الوجداني أكثر من العقلي،، ولا كل الرجال يفكرون في الجانب العقلي اكثر من الجانب الوجداني و” لله في خلقه شؤون” يتفاوت فيها الخلق وإنما نسبياً نسبة الرجال الذين يفكرون بالعقل أكثر من العاطفة ، و نسبياً نسبة النساء التي تفكر بالعاطفة أكثر من العقل والله أدرى وجل.
بينما يروي الشيخ محمد ” قصة المؤذن الذي ارتد عن دينه ” يحكي انه كان هناك مؤذن للصلاة كعادته في كل صلاته فبينما كان يؤذن فصار يلتفت يميناً وشمالا إلى أن رأى امرأة في ناحية من المنزل فأعجبته فما لبث إلا أنه أكمل الاذان وهم بالذهاب إلى تلك المرأة فطرق الباب ففتح الباب فإذا بتلك المرأة ، قالت له تفضل ما شأنك فقال لها شأني هو انت فقالت لا يصلح، وقال لماذا قالت انت مسلم وأنا نصرانية فحاول أن يقنعها فلم تقتنع فقالت له اصبر حتى يأتي أبي فهو الفيصل بيننا فوافق على البقاء حتى حضر أبوها فقصت له ما جرى فقال له لا يصلح فقال لماذا قال انت مسلم وهي نصرانية فقال له إذا أردت ابنتي ارجع عن دينك فوافق فارتد في الحال فوافق الأب على ان يهبه ابنته وعندما رجع إلى بيته هم بالصعود لإصلاح سقف المنزل فبينما هو كذلك و إذا به يهوي من السقف فسقط فارتطم رأسه بحجر فمات ولم يحصل على الجارية النصرانية وخرج من دين الإسلام مرتداً.. في هذه القصة نرى ان القلب اغوى على العقل بتأثيره.
اختم “نقيس الأشياء بالعقل ولقد ميزنا الله بالعقل عن سائر المخلوقات لكي نوزن كلماتنا قبل تصرفاتنا وإذ انجررنا ورا القلب سقطنا في حكم العاطفة (القلب) المواقف هيا التي تحكمنا وعلى ضو الموقف نحكم عليها ونطبق عليها إما النطق بالعقل أو القلب عملية موازنة من وجهت النظري وكلها في الأرجح تخزن في العقل الباطن ويتم تحليلها.. ونحن البشر نختلف لربما في مبدأ حياتنا وهذا الأمر يرجع إلى التربية، ومن ذاق في صغره القسوة والشدة ينعكس عليه في الكبر وكذلك من تعود في صغره على لين القلب والدلال المفرط، هذه هيا كلها انعكاسات تخرج مخرجاتها في الكبر في سايكولوجيا ” علم النفس.
فالعقل منحة إلهية أيد الله بها الإنسان وامتن عليه بها، وهو الذي يميز الإنسان عن الجماد والحيوان، وبه كلف الله الإنسان، فالمكلف هو البالغ العاقل، وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر وبين الهدى والضلالة، ولكننا لا نقول إن العقل هو الشيء الوحيد الذي يميز الإنسان عن باقي مخلوقات الله عز وجل، فالإنسان له شكله الخارجي الذي لا نعلم مخلوقاً يشاركه فيه. وقالى تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} الآية 4 في سورة التين، وفي التفسير السعدي: تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهراً أو باطناً شيئاً، ومع هذه النعم العظيمة، التي ينبغي منه القيام بشكرها ونحمد الله عليها والحمد لله على نعمة العقل والإسلام.