الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
استضاف المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية مساء يوم الأربعاء 17 من شهر مايو الجاري، محاضرة جديدة في إطار الموسم الثقافي لعام 2023م، بعنوان (نقوش وآثار إسلامية في الكنيسة البيزنطية الوسطى بسوسة) ألقتها الدكتورة “كريمة أحمد محمد عوض” بقاعة المجاهد بطرابلس، وقدمها الدكتور “علي الهازل”، وتناولت الدكتورة كريمة تاريخ مدينة سوسة وتسميتها ومدلولها الحضاري الذي يعود لجذور نشأتها على يد الإغريق ضمن سلسلة مدن قورينا وأبولونيا سوسة اليوم، واستعرضت المراحل والأطوار التي مرت بها مدينة سوسة تاريخيا، وتطرقت للكنيسة اليبزنطية داخل المدينة وتسميتها حيث أشارت بالقول : تسمى الكنيسة المركزية وأيضا بالكنيسة الوسطى لتوسط موقعها بين الكنيسة الشرقية التي تبعدها بحوالي 300 كيلو متر مربع وتابعت : هناك كنيسة أخرى في الطرف الغربي تبعدها بخمسين مترا ظهرت على الخريطة التي نشرها الأخوان بيتشي في عا 1828م بحيث أمكن رؤية ملامحها وتمييزها بشكل جلي بين الحمامات الرومانية والبيزنطية، وقد شيدت أواسط القرن السادس الميلادي في عهد الإمبراطور جستنيانوس.
الاستخدام الإسلامي للكنيسة البيزنطية
كما أوضحت الدكتورة كريمة الاستعمال الإسلامي للكنيسة مشيرة إلى أن المسلمين عمدوا لاستخدام البناء الذي وجوده من الكنيسة الوسطى دون العمل على هدمه أو البناء محله، وأردفت قائلة : في منتصف القرن المنصرم كشفت أعمال البعثة التنقيبية برئاسة الأثري الفرنسي “مونتيه” في محيط الكنيسة الوسطى عن بقايا أثرية ليست بذات صلة بتاريخها عبارة عن غرفة ذات تفصيل كبير مع حنية شرقية دلت على أن المسلمين اتخذوا في هذا الركن الجنوبي الشرقي من الكنيسة الوسطى مصلى، وبيّنت أن المسلمين استفادا من جزء من الحوائط الأصلية للرواق الجنوبي بعدما عدّلوا فيها ودعموها بجدران داخلية.
اكتشاف النقوش العربية
فيما أضافت الدكتورة كريمة بأن أغلب أرضية المسجد مصنوعة من قطع الفسيفساء، ولازالت بعض أجزائها باقية في زوايا الجدار الشمالي وهي جزء من اللوحات التي كانت تزيّن أرضية الكنيسة، وأشارت إلى أن هنالك نقيشة تخليدية مكتوبة على طبقة الملاط توجد على الجدار الشمالي للمصلى كان من الممكن أن تكشف النقاب عن تاريخ البناء لكنها تعرضت للانهيار قبل تسجيلها وتوثيقها، وأردفت بالقول : خلال عملنا بكلية السياحة والآثار بسوسة ، ومن خلال الرحلات الوصفية الروتينية استرعى انتباهنا بعض الأعمدة الرخامية المصفوفة (تشيبوليني) وجود آثار لكلمات غير لاتينية على بعض تلك الأعمدة، وتابعت : هذه النقوش نقرت بأدوات حادة مثل أنصال السهام أو روؤس السيوف، ومع كثرة زيارات المكان ومحاولات التدقيق في هذه النقوش بدأت تتكشف لنا رويدا أنها كلمات عربية ما جعلنا ننتبه إلى ضرورة قراءة وتخريج وتفسير هذه النقوش، وأوضحت الدكتورة كريمة أن هذه النقوش بدأت تظهر كأنها كتابات بخط عربي قديم غير منقوط منتحل من الخط النبطي الذي كانت لاتزال بعض خطوطه مثل اللحياني والديداني وصولا للخط الكوفي، مؤكدا أن هذه الكتابات مطروقة ومنحوتة باتجاهات مختلفة كون أن بعض الأعمدة كانت ملقاة على أرض صحن الكنيسة، موضحة أن مضمون تلك النقوش أنها مثلت تخليدا تاريخيا لأسماء بعض الجند والقادة المسلمين المرابطين بالموقع ممن استشهدوا أو توفوا وفاة طبيغية بعين المكان في أزمنة مقاربة لأزمنة النقوش.