(كانت “كوثر” تذوي تحت أنفاس “عزيزة” الحارة وهي تقنعها بسطوة النيجري “عبد الودود”، (قطعة فقط من ثياب “احواس”، قطعة واحدة فقط وسيعمي عنه كل نساء “شارع 40” يا “كوثر”، بل سيعصب عينيه وأنت عصاه السحرية تتلمس له طريقه، جربيه لمرة واحدة يا “كوثر”، هذه المرة خذي بلغة التراب لتتفتح لك مساربه!) لم ترد “كوثر”، لكني رأيت قلبها ينسحب إلى بين ركبتيها كطفل مزرور يبحث عن مخبأ قبل أن تكشف أمه أن طفلها الذي تحتفي به في مجالسها قد بلّ سرواله (في النهار والشمس زارقة)! الحقيقة أشدّ من ذلك!
حركة يدها الدائرية فوق صرتها تنبئ باحتجاج أعصاب المعدة، تعلن لها أنها قريبة ـــ أريد أن استفرغ يا “عزيزة” بالله عليك ساعديني يا “إيشي” ـــ رفعت لها “عزيزة” ذقنها، ثبتته فوق أصابعها الأربعة وسلطت نظرة ملتهبة في عينيها ومستنكرة:(“كوثر السلّامي” لا تستسلم هكذا بسهولة، ليست “كوثر السلّامي” من تهول الأمور، كل ما في الأمر قطعة واحدة لا تعني شيئا “لاحواس” ولن يفتقدها، ارمها في حقيبة يدك، وأنا سأكون معك حتى ينهي “عبد الودود” مهمته).
عندها نطقت “كوثر”: (لا يا عزيزتي ليس الأمر هكذا، الفكرة يا “عزيزة” مرعبة! كيف أذهب لهذا الخنزير الأسود! ماذا لو زاد هذا الساحر الجرعة وأفقد زوجي بصره؟! استغرب يا “عزيزة” كيف تدلقين المصيبة وتحتفظين بهذه الأعصاب القوية!)
لكن بنت “شارع 40” أفهمتها أن الأمر مجرد كتابة طلاسم، ولن نصل مرحلة جلم شعر رأسه مثلا، أو تخييط فم قط، أو طهارة كلب!، أو وضع إبرة في حلق ميت!، فلمَ كل هذا الارتعاش؟! هنا تلاشت “كوثر” من بين ذراعينا بينما نحاول إسنادها ومساعدتها للوصول إلى الكنبة المقابلة!
فكيف لو علمت “كوثر”، أنها هي والقميص و”عبد الودود”، وكل هذه المسرحية لأجل ألا يرى “احواس” غير “عزيزة”؟! كيف يا صديقي!).