طيوب النص

كيف لي أن أتنازل عن مكانتي؟

من أعمال التشكيلية الليبية منيرة اشتيوي
من أعمال التشكيلية الليبية منيرة اشتيوي

كيف لي أن أتنازل عن مكانتي؟ كيف لذاتي أن تخضع لمنزلة لا تناسبها، كيف لها وهي لا تهبط إلا على متن كلمة ولا تتواضع إلا للثم خد كتاب، أنا التي تتصارع الحروف في قلبي ، يعلو الشهيق ويهبط الزفير على إيقاع أبجديتي وتتربع اللغة وتتصارع  في عروق يدي النافرة أرها منمقة جدا تحت جلدي الشفاف، أتابعها وكأن الدم في عروقي كلمات، عبق لغتي العتيق ينهمر مني تارة يسيل من سن قلم على الورق وتارة ينطبع بفعل أناملي التي تلعب على أزرار حاسوبي وأخرى أنثره في المفكرة المدفونة بين تطبيقات هاتفي المحمول، يمتلئ صدري بالورد والياسمين والنوار لمجرد وجود كتاب يشاركني أغطيتي، ويزهر كياني إذا فاحت رائحة مكتبة في الحي، تنفجر مشاعري وقت القراءة، هذه الهواية زرعت في حياتي حياة أخرى، هذا الكتاب هذب أطراف روحي وذاك تغلغل بين تجاعيد ذاكرتي وذلك يثير حنقي، لا أستوعب ارتفاع سقف روعته ، هذه الصفحات هشة رقيقة كامرأة وتلك تزعزع ثقتي بمفهوم الجمال وأخرى تحتضنني  وتنصت إلى شكواي، أول كتاب تفتحت عليه عيني ومداركي كتاب “ألف ليلة وليلة” وأول مكتبة تهت بين ردهاتها هي مكتبة والدي، كان والدي يحمل الكتب والمجلات  التي يشتريها وبعد قراءتها يدفع بها إلى، كان يعرف أبنته جيداً التي يسيل لعابها لمجرد وجود ورقة وقلم  وما خلوت إلا وفي يدي كتاب، وكتاب يعرفه خيراً من كتاب لا يعرفه، أذكر أنه مرة جلب ثلاثية “نفق تضيئه امرأة واحدة” للكاتب أحمد إبراهيم الفقيه ووجدني أحملق في ما بين يديه، ولأنني أعرف والدي جيداً فهو لا بد أن يقرأ الرواية أولاً، فقد اختفت هذه الثلاثية الرائعة من غرفة والدي بعد أسبوع، حرقها وهو يعرف أبنته جيدا ولا يدري أن طفلته قد قرأت رائعة الفقيه ثلاث مرات العام الماضي وأنها تبادلتها سراً مع صديقات الدراسة ، الله يرحم الوالد  و يرحم الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه رحمة واسعة .

مقالات ذات علاقة

رؤى

المشرف العام

أنثى الظل الأزرق

عبدالسلام سنان

الأخلاق وأزمة التفكير

المشرف العام

اترك تعليق