حوارات

الكاتب محمد الترهوني: لكل أمة حقيقة تحاول امتلاكها

الطيوب : حاوره / مهنّد سليمان

الكاتب “محمد عبد الله الترهوني”

يتحول التاريخ بين يديّ المؤرخ إلى سانحة مبحثية ضرورية لإعادة تأويل الذاكرة الجمعية للتراث الإنساني وفهم معطياتها عبر مجموعة من الحقب الزمنية المختلفة حيث لم يعد المؤرخ المعاصر يكتفي بإعادة سرد ما وقع من حوادث جسام كبر شأنها أو صغر وتقديمها كوجبة جاهزة للقراء على غرار يوميات الجبرتي إبّان الحملة الفرنسية بل أصبح المؤرخ ناقدا يحفر بإزميله لتفكيك الثوابت والبحث فيما وراءها، وطرح التساؤلات حول مدى حقيقة ما وقع ولماذا اتفقت الأغلبية على حقيقته فالقضية شديدة الحساسية وتتجاوز القراءة لمجرد التسلية أو استقاء المواعظ المُعلبة، ويدفع الكاتب والباحث المُجِد “محمد عبد الله الترهوني” بكتابه المعنون (شعرية تاريخ ليبيا…الليبيون مؤسسو الحضارة المصرية) الصادر عن منشورات مكتبة طرابلس العلمية العالمية آواخر ديمسبر من العام المنصرم، وهو الكتاب الذي أثار ردود فعل غاضبة ومستنكرة من قبل بعض النخب المصرية الأمر الذي وصل إلى حد منعه ومصادرة نسخه منه أثناء مشاركة الدار الناشرة خلال الدورة الأخيرة من فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، وبعض أولئك المستائين من الكتاب اعتبروا بأن مضمون الكتاب يتعرّض بشيء من الإساءة لتاريخ الحضارة الفرعونية القديمة، فعوض المُحاججة ومقارعة الفكرة بالفكرة يستسهل بعض هؤلاء المسؤولين وأنصارهم من الشيفونيين قرارات المنع والحجب والإقصاء، لكننا في المقابل أيضا علينا التساؤل هل وقع الكاتب الترهوني في مغالطة مع التاريخ ؟ أم أنه حاول من خلال كتابه إعادة قراءة التاريخ وغربلة ما ترسخ على أنه حقيقة مطلقة ؟ سنحاول في هذا اللقاء مع الكاتب “محمد الترهوني” تشكيل ملامح واضحة عما جاء في الكتاب وعن رؤيته للتاريخ.

هل اللجوء للماضي كاف لامتلاك حقيقة ما ؟
ليس هناك ما يسمى الحقيقة إلا إذا اعتقدنا أن لكل أمة حقيقة تحاول امتلاكها من خلال تاريخها،لأن الماضي ليس مجرد كتلة صماء واحدة،هناك ماضي مقسم إلى اجزاء:سياسي،ثقافي،تاريخي،اجتماعي،والماضي السياسي بالذات لم يخدم الأمة الليبية،علينا البداية من الماضي التاريخي الذي يسرد حكاية هذه الأرض والتمسك به.


لماذا كتاب شعرية تاريخ ليبيا الآن تحديدا ؟
إن الماضي هو حجر الزاوية وبالعودة والإجتماع حوله يمكن أن يكون لنا مستقبل،ولأن ليبيا في نظر الكثيرين مجرد حفنة من الرمال ملطخة بلون النفط لا أكثر،والحقيقة أن ليبيا لها تاريخ عظيم و فيها عاش الناس أكثر من حضارة ويمكن العودة والبداية من جديد على أساس من هذه النظرة لها ولأنفسنا.


هل ترى بأن العنوان الفرعي للكتاب الذي يشير لتأسيس الليبيين للحضارة المصرية كان كفيلا باستفزاز بعض النخب المصرية؟
المفروض أن الكتابة عن تاريخ ليبيا لا يستفز أيا كان،أنا أتكلم عن تاريخ ليبيا والليبيين ولم يخطر في بالي أن الحديث عنا قد يستفز أحد،ما قدمه محمد الترهوني موجود في الكتاب والمفروض أن يتم العودة إليه لمعرفة إذا ما كان الأمر مجرد فرضية أو أنها حقيقة تاريخية تؤكدها العديد من المصادر.


كيف يمكن للدارس والمهتم بالتاريخ أن يُفرّق بين مسألة إعادة استنساخ تجارب الماضي(الناجحة)، وبين مسألة الاستبصار بها ؟
هذا يحتاج إلى مؤرخين لا يعيدون كتابة التاريخ،بل يقومون بتفسير التاريخ وإعادة سرده من جديد بطريقة مختلفة محملة بوجهة نظرهم وليس مجرد سرد ما حدث على لسان الأحداث التي يعتبرونها مهم،التاريخ لم يعد مهتما بسرد حياة الأبطال والملوك والسياسيين،التاريخ اليوم يهتم بتفاصيل حياة الناس وتفاصيل صغيرة أخرى كان لها الدور الأكبر في تاريخ البشرية.


لكن ألا يجعل المؤرخ أو السارد لتجارب الاسلاف ضحية لفخ إعادة تدوير هذه التجارب وإعادة استنساخها ؟
لن يحدث ذلك إذا كان المؤرخ يدرك أن التاريخ وحده لا يكفي،وأن المؤرخ الذي يكتب النص متعدد التخصصات قادر على توسيع النقاط المضيئة ودعهما من خلال البحث الأنثروبولوجي والإثنوغرافي والفلسفي والجغرافي والأدبي والنقد الثقافي،بهذه الطريقة يمكن إقامة حوار مع الماضي والتجارب السابقة وليس فقط سردها أو إعادة تدويرها.

مقالات ذات علاقة

عمر جهان: لن ينقذ ليبيا سوى العقل

محمد الأصفر

حوار سنا الومضة.. مع الأديب الليبي جمعة الفاخري

المشرف العام

النقد الليبي .. النظرية والموضة النقدية

عبدالسلام الفقهي

اترك تعليق