الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
أقام المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بطرابلس ضمن الموسم الثقافي لعام 2023م محاضرة بعنوان (قراءة في كتاب المحكمة العليا خمسين عاما من التاريخ والتأريخ) ألقاها مؤلف الكتاب الدكتور “عبد الباري عبد الله تربل”، وذلك مساء يوم الأربعاء 15 من شهر فبراير الجاري، وأدار وقدم المحاضرة الدكتور “علي الهازل”، واستهل المُحاضِر طرحه باستعراض فكرة عامة على الكتاب مشيرا إلى أن الكتاب يحتوي على صفحات من أكثر صفحات التاريخ الليبي أهمية كونه يتعلق بصرح عتيد من صروح هذا البلد الذي لازال رغم الشدائد والضربات، وأوضح تربل أنه أثناء الفترة ما بين عامي 2002 و2003 خطر ببالي قرب اليوبيل الذهبي للمحكمة العليا الكتابة عن هذا الصرح الفكرة في البداية كانت مجرد محاضرة ألقيتها في نقابة المحامين ثم سرعان ما تطورت إلى بحث يقارب المائة صفحة إلى أن استقر لكتاب من أربعمائة وخمسة وسبعون صفحة، ولفت الدكتور تربل أن الكتاب المذكور قد تعرّض للسرقة ثلاث مرات وتابع إنه لمن المضحك أن من كان وراء تلك السرقة هم من الأسرة القضائية نفسها ! وأضاف قائلا إن هذا الكتاب يعد أول كتاب يتم فيه انتقاد المحكمة العليا في عملها وأدائها، وهو أول كتاب أيضا ينتقد فيه كاتبه بعض أحكام الدوائر مجتمعة وهو أمر لم يحدث من قبل مع أية محكمة، وأردف بالقول إن هذا الكتاب تميز بصدور حكم قضائي هو الأول في أول دعوى في تاريخ القضاء الليبي تُرفع ضد مستشار بالمحكمة العليا بسرقة أدبية .
لماذا سُميت المحكمة العليا
كما استرسل الدكتور تربل قائلا : بأن المشرع الليبي كان موفقا إلى أبعد الحدود عندما اختار اسم (المحكمة العليا) بدلا من محكمة النقض أو محكمة تعقيب أو تمييز فهذه التسمية أبلغ وأكثر دلالة على المعنى والمطلوب منها كمحكمة مهتمها مراقبة المحاكم الدنيا في مدى التزامها بتطبيق صحيح القانون، وفهما لغاية المشرع من النصوص فهذا الاسم أكثر قربا والتحاما عندنا بروح النصوص من اسم -محكمة النقض- مثلما يريد مجلس النواب اليوم ليطمس جزءا من ذاكرتنا، وأشار موضحا أنه عندما نقول محكمة ماذا نقصد مثلا بمحكمة عليا ؟ هل هو مجرد اسم نطلقه عليها فقط للدلالة على أنها أعلى هرم قضائي أم أن المعنى يحتمل مقاصد أخرى معينة فالعالم كله متفق على هذه التسمية من حيث اللفظ على الأقل، وتابع تختلف التسميات والمقاصد في بعض الدول فهنالك من يسميها محكمة النقض في تونس مثلا ومحكمة التمييز في لبنان لكن ماهو المقصود بهذا اللفظ؟، وأضاف شارحا أن المحكمة العليا ليست مجرد مبنى به عدد من المستشارين والكتاب والإداريين والموظفين بل إن المحكمة العليا تعنى لدينا الكثيؤ من المثل والقيم الراقية والجميلة والقيّمة من البحث والتحليل القضائي والفقهي والقانوني، واستخراج المعاني المخفية في النصوص الواضحة قبل المبهم منها.
مزايا المحكمة العليا
فيما عرّج الدكتور تربل خطة الكتاب المكون من ثلاثة فصول الأول منها مكون من مقدمة ومبحثين الأول لمحة عن المحكمة العليا من حيث إرهاصات بداياتها وتاريه نشأتها والآخر يتناول مدى الحاجة إليها من خلال رأي الفقه والاختيار الليبي في شأنها بالإضافة لثلاثة مباحث أخرى، وهي مقارنة بين فترات أداء المحكمة العليا في تلك الفترة، وأهم أحكام المحكمة العليا ا وأحكام يجب الاطلاع عليها، ويضم الكتاب أيضا فصل عن مرافعة الدستور وهي مرافعة المحامي “روبرتو لونتانو” عن شيخ الشهداء “عمر المختار” وجدول السادة المستشارين اللذين شرفوا بترؤس هذا الصرح، وأكد الدكتور تربل بأن الكتاب محاولة متواضعة لقراءة صرح المحكمة العليا الكبير مردفا أننا حين نتحدث عن المحكمة العليا الليبية إنما نتحدث عن خبيئة التاريخ، وعن جزء من أساس من الماضي والحاضر، والمستقبل لهذا البلد، من ناحية أخرى ذكر الدكتور تربل أبرز ما تميز به المحكمة العليا وأكثره أهمية أنها تميزت على توفر عقلية الفقيه في أغلب من شرفوا بالعمل والتداول على رئاستها وهما أمران كانا الأبرز في مسيرتها العطرة.