شعر

الجُرْحُ الغَائِر

من أعمال الفنانة التشكيلية المغربية خديجة الحطاب

إِنَّ المَسَافَةَ
فَرَّقَتْ بَيْنَ الأَحِبَّةِ
فَارْقُبِي
بُعْدَ المَسَافِةِ
عَلَّ جُرْحاً غَائِراً
فِي العُمْقِ يَنْزِفُ
مِنْ جَدِيد
مَازِلْتُ أَذْكُرُ
ذَلِكَ الجَلاَّدَ وَالفَجْوَةَ
وَالرِّسْغَ المُكَبَّلَ
بِالحَدِيد
أَلَمِي تَبَدَّى مِنْ بَعِيد
وَبَدَأْتُ أَشْعُرُ
أَنَّ حُلْمِي قَدْ كَبَا
وَتَمَزَّقَتْ شَفَتَايَ
مِنْ وَجَعِ الصُّرَاخ
السُّجْنُ أَشْبَهُ
بِالحَيَاةِ عَلَى هَوَاكُمْ
وَأَنِينِ مَهْوُوسٍ
بِنَيْلِ العِلْم
ضَاعَ شَبَابُهُ
تَحْتَ السِّيَاطِ
وَلَمْ يَزَلْ يَرْجُو
صَبَاحاً يَشْرَئِبُ
إِلَى اجْتِثَاثِ الظُّلْمِ
عَنْ عُنْقٍ تَمَزَّقَ
تَحْتَ نَيْرِ اللَيْل
لَيْتَ النَّزْفَ
فُوكَمْ فِيهِ لَمْ يُولِغْ
أَيَا أَهُلِي الأَحِبَّةَ
بَعْدَ تَمْزِيقِي
وَلَيْتَ مَعَاوِلَ الإِدْرَاكِ
لَمْ تَعْصِفْ
بِأَحْلاَمِ الكُهُولَةِ
وَالمَسَافُةُ لَيْتَهَا لَمْ تَبْتَعِدْ
بَعْدَ احْتِرَاقٍ
دَامَ عَاماً كَامِلاً
ثُمَّ تَكَلَّلَ بِالرُّسُوبِ
وَلَمْ أَكُنْ
يَوْماً مِنَ الأَيَّامِ
أَهْلاً لِلرُّسُوب
مُذْ زَالَ سُورٌ
ضَمَّنِي طِفْلاً
وَلاَكَ ..
شَبَابَ عُمْرِي يَافِعاً
كُنْتُ وَكَانَ اللَيْلُ
لِي خِلاًّ
وَكَانَ عَدُوُنَا مُتَرِبِّصاً
فِي السَّهْلِ
دُونَ جَلاَدَةٍ
نَلْهُو بِنَزْفِ النَّفْس
كَأْسُ نَدَامَةٍ
جُرِّعْتُ وَحْدِي
وَالأَسَى قَدْ صَارَ
لِي خِلاًّ لِبَاقِي العُمْرِ
لَيْتَ رَصَاصَةً طَاشَتْ
وَكُنْتُ أَنَا الَّذِي
فِي دَرْبِهَا وَحْدِي
وَصَدْرِي مُشْرِعٌ
وَنَزِيفُ عُمْرِي
يَلْتَقِيهَا دُونَ غَيْرِي
فِي دَيَاجِي الحُزْنِ
يَنْتَشِيَانِ فِي أَحَدِ
المَمَرَّاتِ القَصِيَّةِ
دُونَ مَوْعِدَةٍ
لَيَسْلُو القَلْبُ
بَعْدَ تَفَتُّقِ الحُزْنِ
بَأَحْشَائِي الجَرِيحَةِ
ثُمَّ أُلْقِي عَنْ رَمَادِي
مَا تَبَقَّى مِنْ أَسَىً
وَأُزِيحُ عَنْ صَدْرِي
المُعَنَّى بِالمَآسِي
مُنْذُ عَقْدٍ أَوْ يَزِيد
هَمِّي ..
عَلَى جَامِعَةِ الإِقْصَاء
عُذْراً مُفَرِّقَةَ الأَحِبَّةِ
أَنْتِ لاَ لَسْتِ بِجَامِعَةٍ
رَأَيْتُ البُومَ وَالغُرْبَانَ
تَبْنِي فِيكِ أَعْشَاشاً
رَأَيْتُ سَوَافِلَ النُّسَّاكِ
قَدْ صَارُوا
يُجِيزُونَ النَّذَالَةَ
يَا صُرُوفَ الدَّهْرِ
حَانَ زَوَالُنَا
وَزَوَالُ أُلْفَتِنَا
وَمَا عَادَ عَلَى
أَكْوَامِ جَامِعَةِ الحَزَانَى
غَيْرُ سَيْفٍ مُصْلَتٍ
لِيُزِيلَ أَعْنَاقَ الأُولَى
لَمْ يَرْتَضُوا يَوْماً ..
بِأَنْ يَلِجَ الدَّمَارُ العَاصِفُ
المُلْقَى عَلَى أَسْوَارِهَا
عَمْداً ..
لِيَنْقَشِعَ العَنَاءُ
عَنِ الوُجُوهِ الكَالِحَةْ
لِيَقُولَ لِلأَحْلاَمِ
لَيْسَ هُنَاكَ فِي سَاحَاتِهَا
غَيْرُ الأَسَى وَالحُزْن
فَالْتَقِطِي أَسَايَ وَارْقُبِي
فِي ذَلِكَ الدِّهْلِيزِ
إِنِّي لَمْ أَزَلْ
رَغْمَ زَوَالِ الظُّلْمِ
مَغْلُولَ اليَدَيْن
وَا حَسْرَتَاه
حُلْمِي تَرَدَّى لَمْ يَعُدْ
لِلفَهْمِ مِنْ مَعْنَى
لِهَذِي التُّرَّهَات
وَا حَسْرَتَاه
قَدْ تَاهَ عَنِّي
وَالمَدَى المَأْمُولُ
أَضْحَى نَوْحُهُ
يَرْنُو لِنَسْفِ الأُمْنِيَات
وَالجُرْحُ فِي أَعْمَاقِ أَعْمَاقِي
لَمْ يُبْقِ فِي جِسْمِي حَيَاة
يَا ثَوْرَةَ البُرْكَانِ
فَوْقَ وِهِادِنَا
جُرْحاً عَمِيقاً
غَائِراً لَمْ يَنْدَمِلْ
إِنِّي أَقُولُ
لِكُّلِّ مَنْ فِي سَاحَتِي
لاَ زَالَ يَرْفُلُ بِالمُزَرْكَشِ
إِنَّنِي بَاقٍ هُنَا
أَرْنُو لِقَاعِ الفَجْوَةِ
مُذْ خَابَ فِينَا ظَنُّكِ
رَغْمَ الإِصَابَاتِ الَّتِي
عَصَفَتْ بِجِسْمِي المُنْهَكِ
بنغازي 14/11/2022م

مقالات ذات علاقة

خراز البلوز (23)

عمر الكدي

عيدهنّ … وعيدك

حواء القمودي

ريح سـاكنة أو ماء كـسول

غزالة الحريزي

2 تعليقات

أدهم علي سالم 20 يناير, 2023 at 15:59

شاعر مميز
منذ فترة لم نقرأ له نصوصا على الموقع…
في انتظار نصوصه الماتعة

رد
المشرف العام 21 يناير, 2023 at 04:53

نشكر مرورك الكريم

رد

اترك رداً على أدهم علي سالم