قصة

شوك القنفذ

القنفذ (الصورة: عن الشبكة)
القنفذ (الصورة: عن الشبكة)

كان يوما حارا من أيام فصل الصيف خرج فيه الخروف قاصدا بيت القرد الحلاق وبينما هو يسير في طريقه التقى بصديقه القنفذ الصغير جالسا أمام بيتهم، قال له مبتسما:

       – مرحبا يا صديقي القنفذ، لماذا أنت جالس خارج البيت في مثل هذا الجو الحار؟

بعدما رد القنفذ التحية قال:

        – إنني انتظر أمي، ذهبت لتحضر الطعام ولكنها تأخرت كثيرا، إلى أين أنت ذاهب؟

أجاب الخروف:

         – سأذهب إلى القرد الحلاق لأحلق صوفي فكما ترى الجو حار والصوف الكثيف يضايقني.

عقب القنفذ قائلا:

        – يبدو أن منظرك سيكون جميلا.

ابتسم الخروف ابتسامة واسعة ثم قال:

         – أجل سأصبح أكثر وسامة وسأشعر بخفة ويزداد نشاطي وتنقلي في المرعى يصير اسرع.

كان القنفذ الصغير ينظر للخروف متعجبا بينما الخروف كان مستمرا في حديثه:

       – اسمع يا صديقي انصحك بأن تحلق شوكك أنت أيضا لتبدو بشكل رائع وجذاب وتتخلص من الأوساخ العالقة بك وتشعر بحيويتك وخفتك عند المشي.

سأل القنفذ بعجب:

       – هل ما تقوله صحيح؟

ردد الخروف قائلا:

       – أجل…أجل عليك أن تثق بكلامي فهو عين الصواب، والآن سأذهب إلى اللقاء.

دخلت الفكرة رأس القنفذ وقرر أن يحلق شوكه هو أيضا وعندما عادت أمه أخبرها قائلا:

       – أمي أريد أن اذهب للقرد الحلاق واحلق شوكي.

قالت الأم متعجبة:

        – تحلق شوكك!

رد القنفذ بحماس:

       – نعم يا أمي احلقه.

ردت الأم بلطف:

       – بني القنافذ لا تحلق شوكها.

قال القنفذ محتجا:

       – ولكن الخروف نصحني بحلاقة شوكي لأصبح وسيما وازداد نشاطا وخفة كما سيفعل هو.

ضحكت الأم ثم قالت موضحة لابنها حقيقة الأمر:

       – صغيري الأمر مختلف بيننا نحن القنافذ وبين الخراف …

قاطعها الصغير متسائلا:

       – كيف يختلف الأمر بيننا وبين الخراف يا أمي؟

أجابت الأم:

         – الخراف لها صوف يدفئها ويقيها البرد في فصل الشتاء ويمكنها التخلص منها في فصل الصيف، أما نحن القنافذ فشوكنا يحمينا من الأعداء ونستخدمه في الدفاع عن أنفسنا ولو قمنا بالتخلي عنه فسنتعرض للخطر ونكون لقمة سائغة لأعدائنا.

قال القنفذ بعد إنصات مصمما:

        – أمي لا يهمني سأحلق شوكي ولن يصيبني أي خطر ما دمتي موجودة معي.

بينما ردت الأم بلهجة شديدة وصارمة:

        – إياك أن تفعلها وإلا سينالك الأذى.

جلس القنفذ الصغير في ظل الشجرة مكتئبا حزينا خاصة أن الخروف قد لقيه بعد أن جز صوفه وقال له:

      – ألم تحلق بعد يا صديقي؟

رد القنفذ بحزن:

        – لا فقد رفضت أمي أن احلق بحجة أن الشوك وسيلة دفاع عن أنفسنا.

نظر الخروف للقنفذ متأملا ثم قال:

       – في رأيي أنت مازلت صغيرا وأمك تتولى رعايتك والدفاع عنك ولست بحاجة للشوك في الوقت الحالي.

بكلام الخروف ترسخت فكرة حلق الشوك في رأس القنفذ ولكن أمه لن توافق على طلبه فقرر أخيرا الذهاب لبيت القرد الحلاق، وهو في الطريق يقول ويكرر:

        – سامحيني يا أمي…سامحيني يا أمي، أريد تجربة شكل جديد ومميز عن بقية القنافذ.

في بيت القرد الحلاق وجه القرد سؤاله إلى القنفذ في حزم:

       – هل أنت متأكد من رغبتك في حلق شوكك؟

أجاب القنفذ في ثقة:

       – أجل متأكد فسيكون شكلي بديعا بدونه، هيا أرجوك قم بعملك بسرعة.

قال القرد في تردد:

      – حسنا …لكن سيؤلمك نزع الشوك فهل يمكنك الاحتمال؟

كان القنفذ يتأمل الملقط في يد القرد وهو يرد مرتبكا:

      – اعتقد ذلك، أنا انتظرك.

بدأ القرد بنزع شوك القنفذ الذي كان يتألم ويعلو صراخه حتى انتهى من نزعه جميعه.

قال القرد:

      – يمكنك الآن رؤية منظرك في المرآة.

ثم اعطاه المرآة فنظر القنفذ فيها بعد أن مسح دموعه فرآي قنفذا لا يشبهه جميلا، ابتسم لمظهره الجديد وعاد للبيت.

في الطريق قابل صديقه الخروف الذي ابدى إعجابه الكبير به، فرح لفرحه وشجعه على ثقته بنفسه ومواجهة الصعاب.

قبل دخول القنفذ الصغير للبيت تصدى له ثعبان يريد اكله، لم يعرف القنفذ كيف يتصرف وظل يبحث عن طريقة تنجيه وفكر لو تكور على نفسه كما علمته أمه لكن لا شوك سيحميه والثعبان يقترب منه ولم يبق إلا مسافة ضئيلة بينهما.

في اللحظة الأخيرة ارتفع صراخه مستنجدا:

      – أمي … أمي … أمي انقذيني.

سمعت الأم صوته الباكي فخرجت وحين وجدت الثعبان يقترب من صغيرها، طار صوابها ولم تدرك ما تفعله سوى أنها وجدت أمامها ذيل الثعبان فقبضت عليه بقوة مما جعله يفقد حركته حتى مات.

احتضنت الأم ابنها الباكي وهي تعاتبه:

      – ما كان عليك أن تخالف أمري فقد حذرتك من نزع شوكك ولولا صراخك ووجودي في البيت لكنت الآن

داخل أحشاء الثعبان.

رد القنفذ وهو يبكي ندما:

       – سامحيني يا أمي على عصيانك واعدك لن يتكرر هذا مرة أخرى.

مسحت الأم دموعه وهي تقول:

       – تعال ندخل للبيت ولا تخرج منه حتى ينبت شوكك وتصبح قادرا على الاعتماد على نفسك.

وافقها الرأي ولم يره الخروف منذ ذلك اليوم.

مقالات ذات علاقة

قاضي الغرام

فتحي محمد مسعود

الطباخة

عزة المقهور

شمس

محمد المسلاتي

اترك تعليق