قراءات

قطوف من الأدب الليبي المعاصر

الناقد والروائي المصري محمد عطية محمود يصدر كتابه (شجرة الوطن.. بلاغة الصحراء، قطوف من الادب الليبي المعاصر)
الناقد والروائي المصري محمد عطية محمود يصدر كتابه (شجرة الوطن.. بلاغة الصحراء، قطوف من الادب الليبي المعاصر)

1

الناقد المصري محمد عطية محمود، تناول مجموعة من النصوص الأدبية الليبية، في قطوف من الأدب الليبي المعاصر، في كتاب بعنوان (شجرة الوطن.. بلاغة الصحراء)1 الصادر عن مكتبة الكون، طرابلس – القاهرة، العام 2021م، وجاء في 185 صفحة من القطع المتوسط.

في توطئة الكتاب، يعيد الكاتب الربط بين الثقافة الليبية بالثقافات التي تتماس وإياها كمفتتح فيقول: (ترتبط الثقافة الليبية بالثقافة العربية وثقافية الشمال الإفريقي وثقافية البحر المتوسط، وثقافة الصحراء الممتدة، وبما يهبها به موقعها المتميز كملتقى لكل تلك الثقافات التي تشربت بها وعانقت الكثير من سماتها التي تعطي للإبداع الليبي مذاقاً ورونقاً شديدي الخصوصية والتمايز)2، ويصور المشهد الثقافي(كقطع الموزاييك التي تتجاور لتعطي هذا البهاء المتطلع إلى الكمال وإلى خيال خصب تشتعل فيه الرغبة في تحويل الصحراء إلى جنة مشتهاة حافلة بالزهور والرياحين، وبواحة تظللها أشجار خضراء يفي ظلها بالراحة المنشودة كأمان وسط صحراء تبلغ بلاغتها في التعامل مع منطق الأشياء مبلغا محفزا لتكوين كل تلك الصـور واستحضارها من باطن الغيب ليتشكل بها واقع جديد مغاير يحمـل سمات هذا التطلع إلى تلك الجنة)3.

وفي ختام تقديمه، يقول الكاتب محمد عطية محمود: (أتمنى أن تعبر هذه القراءات عن بعض ما حبلت بـه هـذه الأعمال الإبداعية التي بلغت الرشد الفني والإبداعي لتكـون شـاهداً على “الشجرة”/ الرمز، والصحراء/ القيمة، كمتلازمتين فـي الـوعي القيمي والبصري والمادي والمحسوس لتلك البيئة الحاضنة.

2

يتناول الكتاب 13 تجربة إبداعية، في السرد والشعر، فتناول فصل السرد 7 قراءات نقدية، وأما الشعر فعرض لـ6 قراءات شعرية.

ففي الفصل المعنون بالسرد جاءت القراءات كالتالي:

  1. ثنائية المرأة/الطبيعة في (المرأة الفرح)، وفيها يتناول تجربة القاص محمد المسلاتي.
  2. بين المثيولوجي، وإعادة تشكيل الواقع، وهي قراءة في مجموعة (الخيول البيض) للقاص أحمد يوسف عقيلة.
  3. الوقوع في دائرة الاغتراب في (شجرة المطر)، في تجربة القاص الصديق بودوارة.
  4. لعبة الحواس في (منابت الحنظل والشيء الذي ينأى)، قراءة في قصة عمر أبوالقاسم الككلي.
  5. النوستالجيا ومغامرة البدوي في (طقوس العتمة)، للقاص عوض الشاعري.
  6. الصوفي والأيروسي في (الفينيكس)، وهي رواية الكاتب محمد المغبوب.
  7. توليد الحكي، وجماليات الكشف في (رمش العين)، وهو قراءة في التجربة النصية للقاصة آمال فرج العيادي.

أما فصل الشعر فتضمن:

  1. الأنثى/الوطن في (وقف عليها الحب)، قصيدة الكاتب والأديب خليفة التليسي.
  2. أنثى المكان/فاكهة الأساطير في (السلطانة)، ديوان الشعر مفتاح العماري.
  3. فتنة الألوان والحروف في (مهب القبلي)، في تجربة الشاعر عبدالسلام العجيلي.
  4. بين أنثى الروح، وبوح (البنفسج)، قراءة في ديوان (دم في أوردة التفاح) للشاعر جابر نور سلطان.
  5. سردية الدفقة الشعرية في (ينتظرونك)، للشاعرة خلود الفلاح.
  6. بين قوسين (مختارات في الحب والحرية)، للشاعر خالد درويش.

3

في هذه القراءات النقدية الـ13، هي قراءة في 13 كتاباً بين مجموعة شعرية وقصصية ورواية، و الناقد محمد عطية محمود يعتمد على قراءة النص من الداخل، بمعزل عن كاتبه، فيعمد إلى كشف بواطن النص ودلالاته، بغية الوصول إلى مفاتيحه. 

هذا المنهج، وإن كان ثابتاً خلال الكتاب، إلا أن بعض النصوص أغرت الناقد بالدخول أكثر إلى عوالمها، والغوص أكثر لاستظهار جمالياتها، كما إن القصة والرواية، كإبداع سردي، فرضت على الناقد التغيير بعض الشيء في إبحاره في النصوص.
هذه القراءات، والتي أرى إنها جاءت عن قصد، حاولت التأصيل لفرضية الناقد أو لنقل رؤيته، التي يسعى إلى تأكيدها، من ربط هذا الإبداع، من شعر وقصة ورواية بجذورة الثقافية، محلياً وعربياً، فهو يعيد قراءة الدلالات والرموز والإحالات في سياقها المكاني والزمني، بعيداً عن أي تأثير، من خلال إرجاعها إلى صورتها البكر، التي تمثل المكون الثقافي للمبدع.

المحور الآخر الذي اعتمده الناقد في هذه القراءات النقدية، الوقوف على لحظات التوتر في النص، في محاولة لقراءة الأثر النفسي، للكاتب، وصورته في النص، وهي في رأيي ملمح مهم لفهم الكثير من مفارقات النص، وتفكيك مواقفه.

الصورة الفنية، أحد الجوانب التي تم تناولها في هذه القراءات النقدية، والتي سعى الكاتب من خلالها إلى الوقوف عند جماليات النص، أو إظهار الجوانب الفنية فيه، كأحد الطرق لفهم رؤية المبدع وقراءته للمشاهد والأحداث.

4

ختاماً.. الكتاب إضافة جيدة للمكتبة الليبية، فهو كتاب نقدي يتناول مجموعة من الأدباء الليبيين، في غياب واضح لدور الناقد الليبي، هذا أولاً.

ثانياً، هذا الكتاب يمثل وجهة نظر الجار العربي، في مجموعة من التجارب الإبداعية الليبية، في الشعر والقصة والرواية.

ثالثاً، قدرة التجربة الأدبية الليبية على التواجد في محيطها العربي، وتحفيزه لقراءتها ونقديها.


1- محمد عطية محمود (شجرة الوطن .. بلاغة الصحراء – قطوف من الأدب الليبي المعاصر)، مكتبة الكون؛ طرابلس – القاهرة، ط1، 2021م.

2- المصدر السابق – ص: 7.

3- المصدر السابق – ص: 7.

مقالات ذات علاقة

دراسة أكاديمية في القصة الليبية القصيرة

إبراهيم حميدان

ما فعلته رواية “قصيل”

محمد الزنتاني

مازلنا هناك…

المشرف العام

اترك تعليق