بعد أن قامت الدولة بتحويل بيت أ. فوزي آخر ناظر لمحطة القطار في العهد الملكي إلى مدرسة ابتدائية من ثلاثة فصول وأحالته على التقاعد .. اكتفى هو وزوجته بملحق صغير مكون من غرفتين و حمام و مطبخ صغير كان في السابق سكنا لحارس المزلقان المجاور لعزبة الصبحية الغافية وسط المزارع بين ترعة المحمودية و سكة القطار بحي محرم بك الشهير في الأسكندرية وكان بداية عهدنا مع مدرسة الدريسة التي استحدثها أحد مسؤولي الاتحاد الأشتراكي لكسب أصوات أهالي نجع العرب و التجمعات المجاورة في ستينيات القرن الماضي . . وكنا نسير في طابور طويل غير منظم فوق النشز الضيق بين خط السكة الحديد و مشروع المياه الذي بالكاد يتسع لطفلين متيقظين . . وكنا نركض بانتباه لنصل إلى المدرسة قبل مرور قطار مطروح الذي يأتي كعادته عند السابعة صباحا محملا بالجنود و صهاريج المياه . . فقد كنا نخشى الموت سحقا تحت عجلاته السريعة اللامعة و من مناوشات ركابه و شتائمهم اللاذعة . . وكنا نقتنص فرصة تأخر بعض رعاة الأغنام في اجتياز هذا الممر الضيق الذي تغطي جانبه الجنوبي نباتات الحجنة و النسيله و الديس . . . و عادة مانصادف بعض أصحاب الحقول مبكرين بجمع محصول الطماطم أو بعض الخضروات الخفيفة مثل الجرجير و البصل و المعدنوس و الشبت للإسراع في توريدها لوكالة النزهة الواقعة فيما كنا نطلق عليه البر الثاني .. . وكان المزارعون أكثر يقظة عند مرورنا الصباحي مخافة عبث الأطفال بمزروعاتهم أو تسلق أشجار الجميز والتوت والبامبوزيا الممتدة كسياج على طول الدرب الضيق . . . وقبل أن نصل إلى المدرسة نشاهد أ. فوزي وزوجته بنظرتهما المتعالية و بقايا أرستقراطية تتضح من ملابس النوم و جلستهم بشرفة الملحق الصغير الذي أصبح بيتهما بعد أن عاشا أجمل أيام عمريهما في فيلا الدريسة قبل أن تتحول إلى مدرسة لأبناء البدو و النازحين من القرى و المدن البعيدة . . . كنا نسير بهدوء عندما نقترب من بيت أ. فوزي ولا نجرؤ أبدا على رفع أصواتنا أو صنع أي جلبة أو ضجيج عملا بتعليمات ناظر المدرسة و بنصائح المدرسين الذين يذكروننا دائما بأن الرج دائم الشكوى من أصوات التلاميذ و فوضاهم وأنه يجب علينا مراعاة مشاعره كمالك سابق للمكان و كموظف كبير تمت إحالته للمعاش . . كنا ننظر له بعداء و انبهار في ذات الوقت وكنا لا ننظر باتجاه شرفته المطلة على فناء المدرسة إلا من زوايا عيوننا الصغيرة ولانتعمد اللعب قرب المستطيل ال


المنشور السابق


عوض الشاعري
عوض عبدالهادي الشاعري
مواليد 1960.
صحفي و قاص وشاعر ليبي.
دبلوم عالي علوم إدارية ومالية+ د. معهد الأهرام الإقليمي للصحافة+ د. فنون العمل الصحفي من أكاديمية دوتشي فيله الألمانية DW+ دورة إعداد مدربين من معهد تقارير الحرب والسلام الدولي .
مدير فرع المؤسسة العامة للمسرح و السينما و الفنون/ طبرق.
عضو النقابة العامة للصحفيين الليبيين وعضو اتحاد الأدباء والكتاب.
مدير ومؤسس (بيت البطنان الثقافي).
رئيس تحرير صحيفة أخبار البطنان.
رئيس تحرير صحيفة طبرق الحرة.
رئيس تحرير صحيفة الملتقى.
مدير تحرير صحيفة المختار الأسبوعية.
مدير الشؤون الإدارية برابطة أدباء البطنان.
مدير مكتب الشؤون الإعلامية بطبرق.
مدير مكتب الشؤون الثقافية بالثقافة والإعلام.
منسق تحرير مجلة الفصول الأربعة.
مدير تحرير موقع الصياد الإلكتروني.
شارك في العديد من المهرجانات والمعارض الدولية والمحلية والندوات الأدبية والثقافية. تحصل على العديد من الجوائز وشهادات التكريم والتقدير.
صدر له: (طقوس العتمة) مجموعة قصصية دار المؤتمر للنشر يونيو 2005. (سطوة الكلاب) مجموعة قصصية عن دار تانيت للنشر و التوزيع يونيو 2015. (إلى لا طريق) ديوان شعري 2016 عن دار كتابات جديدة للنشر والإعلان والتوزيع.
مخطوط ق ق ج (اشتعال).
مخطوط شعري ( قبل الوداع).
مخطوط روائي (فوبيا النباح).
مخطوط روائي (أصـــــــوات).
مخطوط (وجوه من مدينتـــي).
مخطوط (الطريق إلى كمبالا) رواية.
نشر إنتاجه الأدبي في العديد من الصحف والمجلات مثل: البطنان، العرب اللندنية.. مجلة الثقافة العربية.. مجلة الفصول الأربعة... الشرق الأوسط، مجلة لا، الملتقى، المؤتمر، الشمس، الشلال، الأحوال.. طرابلس الغرب.. اللواء.. برنيسي.. فسانيا.. ليبيا الجديدة.. دارنس، الصقور، أخبار الأدب، المشعل، كواكب العقيلة، الغرفة.. كل الفنون، وغيرها.
أعد وقدم للإذاعة برنامج بعنوان (أدباء من بلادي)، (على طريق الإبداع).
ترجمت بعض نصوصه للسويدية والانجليزية والفرنسية والعبرية.
مسرحت قصته (طقوس العتمة) بمعرفة المخرج المسرحي محمد المسماري
ومجموعة من نصوصه.. بمعرفة المخرج رمزي العزومي. ونص (التماسيح) بمعرفة المخرج حافظ عطية.
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك