قصة

فيلم هندي في زريبة أبي

من أعمال التشكيلي عبدالرحمن الزوي
من أعمال التشكيلي عبدالرحمن الزوي

أبي تاجر أغنام ممتاز، له باع طويل في تجارة الغنم، رغم إن التجارة ليست عمله الأساس لكنه لجأ إليها في وقت مبكر من أجل تحسين الدخل المادي لعائلة أغلب أفرادها صغار، حاله كحال أي مواطن ليبي يعاني اضطراب المرتبات وشحها.

كل الزبائن يعرفونه بدماثة خلقه وتبسطه في البيع، لا يحب الغش في بيعه، ويبيع في بعض الأحيان بالآجل، ويمتلك صبرا ونفس طويل في تربية الغنم، فقد تظل بعض النعاج والمعز لديه بالأشهر حتى يبيعها.

في أحد الأيام وكعادته نهض مبكرا؛ ليلحق السوق من أوله، اتجه إلى الزريبة بالسيارة ووضع إحدى النعاج وحملها، ثم انطلق إلى السوق، وهناك باع الأم لأحد الزبائن الذي رفض شراء الحمل معها بحجة أنه لا يمكنه تربية خروف صغير يشكو العلة، ولم يتمكن أبي من بيعه لذات السبب، فالمسكين كانت علامات المرض بادية على جسده الهزيل، وعاد به إلى الزريبة لتلقي العناية الكافية.

منذ عاد الخروف الصغير إلى الزريبة وهو لا يكف عن الصياح، ويبحث عن أمه بين النعاج ولكن لا جدوى من بحثه، جميعهن غريبات عنه، لا يحملن له حنانا في نظراتهن ولاحبا في صيحاتهن، يشكو هموم المرض والفقد.

ومع مرور الأيام نسي الخروف أمه وتخافت صياحه الصاخب، رغم أنني اعتقد أنه لم ينس إمه كليا، فهو لم يروم النعاج من حوله وكثيرا ما يكون منعزلا عن بقية القطيع، ونسي أبي أمره مع تزاحم الخراف، ومضى في تجارته بين بيع وشراء، وترد على الزريبة شياه جديدة، بعضها يبقى ليوم، وبعضها يمكث لأيام، وأحيانا تكسد تجارتها فتظل لأسابيع.

في ضحى أحد الأيام عاد أبي من السوق محملا بغنم جديدة، انزلها للزريبة وهي تضج بالصياح، تتبادل تحايا الترحيب مع النزلاء.

كان الخروف الصغير يتصفح الوجوه الجديدة وفجأة صاح تباعا في صوت عالي، وجرى نحو نعجة كانت هي الأخرى تبادله حرارة الصياح وتقبل نحوه، وحين التقيا التصق الخروف بها يشمها، ويتمسح بها واضعا رأسه على رقبتها وظهرها، فيما كانت هي تحنو عليه وتلحس وجهه في رفق.

10-8-2022

مقالات ذات علاقة

ثلاث قصص قصيرة جداً

حسن أبوقباعة المجبري

درنه الهادئة 1971

المشرف العام

ليبوفوبيا ( الخوف من الليبيين)

محمد النعاس

اترك تعليق