حوارات

ميسون صالح قمر.. اللغة أن تصبح صديقتك فهذه سعادة ملعونة!

الليبي اليوم – حاورتها: وداد الشكري

الكاتبة الليبية ميسون صقر
الكاتبة الليبية ميسون صقر

ميسون صالح قمر، اسم برز على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة في عالم الكتب، تقرأ بجدية مفرطة، وتشاهد الأفلام بمتعة كبيرة، تأسرها الكتب وتكبلها الأفلام، تكتب وفي الكتابة أكسير الحياة والمعرفة، برزت بنصوصها الذاتية وببصمتها الخاصة وبعمقها الأزلي وبفلسفتها المتشعبة وبتاناروت حلمها المسافر لعله على أمل ووصل.

في هذا الحوار نستنطق دواخلها مرورا بتنشئتها الأسرية في البلاد إلى مدرستها وعالم من الشقاوة اللذيذة إلى هوايتها في القراءة والكتابة ونحط الرحال في تاناروت وفلسفتها العتيدة

وموهبتها في مجال الأدب تحديداً في النثر الحر والذي يعد لونا له محبيه ومتذوقيه والذي تقوم به باستخدام العبارات والمصطلحات للتعبير عن جوانب الحياة ومظاهرها المختلفة الإنسانية والمعرفية.

البيئة والتنشئة والجو الأسري لميسون؟

نشئت في عائلة من الطبقة المتوسطة وهذا من حسن حظي، لأب موظف في التسجيل العقاري وأم معلمة، أنا الابنة البكر والوحيدة، لدي اثنان من الأشقاء من مواليد وسكان منطقة البلاد، عشت خمس سنوات طفلة وحيدة، الجو الأسري كان لطيف اعتيادي، اعتدت فيه مرافقة والدي والتعرف على رفاقه ومرافقة أمي والتعرف على البيئة المدرسية، والعلامة المميزة فيها كانت جدتي أم والدي (مريم قمر) اَلتي شكلت بطريقة ما روحي الطيبة إن وجدت.

الجو الأسري مترابط، حميم كأغلب الأسر الليبية.

من أين اِرتشفتِ واِغترفتِ حب القراءة والاطلاع والتدوين؟

مراهقتي كانت صعبة أنا كائن حساس ومفكر لكن محب للغير أو يسعى لأن يكسب الأخر لهذا وقعت بين اَلم إني مختلفة جداً عن اَقراني وإنني محبوبة الجميع ومخزن أسرار الكل.

أحببت اللعب والركض ولعب كرة القدم، وشاركت في الإذاعة المدرسية منذ المرحلة الإعدادية.

أما ما شكل قمة نشاطي هي مدرسة البيان الأول بمديرها الفذ (عبدالسلام بوسنينه)

عشت أجمل وأشقى (بمعنى الشطانة) أيام حياتي هناك، اِهتممت بالقراءة لكنها لم تكن كثيرة، أنا تربيت على حب الكتاب نشئت معه لكن ككتاب صورة احببت كتب الرسم التي كانت عند والدي تعودت أن امسك وأتصفح الكتب وأقرأ من هنا وهناك، لكن الشغف والقراءة المستمرة بدأت بدخولي للجامعة، أما العشق فبدأ من بعد التخرج والإدمان والإحساس بأنها طوق نجاة منذ حوالي (اثنا عشر سنة)، حب القراءة سببه مكتبة والدي التي كانت أهم ركن عندي في البيت، لست لأني أعي أهمية المعلومات وإنما لاستمتاعي بشكل وملمس ورائحة الكتب.

حب التدوين: أنا اكتب منذ زمن طويل جداً، أنا اعبر بالكتابة أكتب الرسائل للكل، هي وسيلتي للتعبير حتى اَلله كتبت له رسالة.. كتبت له أحزاني وأفراحي، لم أحتفظ بشيء من (خواطري) كما كنا نسميها لأنها تكشفني وأنا غامضة إلى الآن لا أحد يعرفني لست لكثرتي وإنما لانغلاقي، لكن حب التدوين بالمعنى الثقافي والعلمي سببه اثنان:

جريدة جاليونس التي بدأ إصدارها أول نادي كتاب ألتحق به وهو نادي النواة طرابلس، ومن ثم تاناروت بسبب المحرك الأكبر لمسيرتي وهو (محمد الترهوني).

هل يمكن أن نسمي ما تكتبه ميسون شعراً أو نثراً ولما توجهت لكتابته؟

أنا أُفضل أن لا أسميه، لعدم ثقتي بأن يخضع لقواعد ما ولحبي الشديد به، أفضل تسميته بوح، رغم إصرار البعض أنه شعر، لا تهمني التسمية ما يهمني بحق هو فعل الكتابة، اللغة من أعظم الأشياء التي امتلكها الإنسان وأن تصبح صديقتك فهذه سعادة ملعونة، لكن لو سألتي أيهما أتمنى أن تتطور وتزداد ليس كتابتي وإنما البحثية المقالية.

ما الذي يعبر عما تكتبيه هل هو شيء مادي ملموس أو حس ووعي ومن أين تستقي مفرداتك وما يميز نصوصك؟

يكون في الغالب تنفيس عن شيء داخلي ما أو تأثير جمالي من لوحة أو قطعة موسيقية أو فيلم وربما لفظ لغوي يحرك في معنى داخلي ويحرك فراشات روحي فأخرجها للنور واحرقها هناك مفرداتي استدعيها من ذاكرتي في لحظة الكتابة ، أنا لا أبحث عنها بمعنى لا أغير مفردة بمفرد أكثر ملائمة ، هذا عيب ولكنه أكثر قدرة على شفائي من حالة الرغبة في التعبير التي تنتابني أثناء الكتابة ، لا أدري تحديداً ما يميز نصوصي ، هذه ليست مهنتي ، أرى أنها تشبه الجانب الذي لا يراه الناس في شخصيتي ، أيضاً أحس إنني مرتبطة أكثر بالطبيعة وبالهم الوجودي وبكل تأكيد هي ذاتية جداً .

كيف انتسبتِ واندمجتِ في تاناروت وترأسك لنادي السينما فيه؟

أخاف من هذا السؤال لأنه يستدعي كل مشاعر النوستاليجا عندي لذا سأختصر، التحقت بتاناروت بعد شهر من افتتاحه في يوم عرض فيلم (إيدا)، ومن بعدها انتميت له بكل ذراتي وتماهيت معه لأكثر من خمس سنوات.

ما مدى تأثير مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب في التكوين المعرفي لديكِ؟

لها المدى الأوسع، فكوني ليبية ومرأة تجاربي في الحياة أقل من أن أعتمد عليها في تكوين معارفي لهذا أعتمد على المشاهدة والقراءة وسعيدة أنكِ ذكرت الإثنين معاً فأنا أعتبرهما يسيران في خط متوازي لتلبية شغفي بالحياة وأن أعرف.

أين ميسون من العلاقات الاجتماعية وتجزية الوقت؟

يغلب علي التعاطف ومحبة الأخر ، أحظى بالقبول والمحبة من الأغلبية ، لكني أنا متوحدة بمعنى أو أخر ( إن صح التعبير ) أطوال عمري أشعر إنني مكتفية بي ، الأخر كالعطر في حياتي لكن ليس حاجة أبداً ولو كنتِ تقصدي الزيارات الاجتماعية المتعارف عليها في بيئتنا العربية عامةً والليبية خاصةً فهي لا تعنيني حرفياً أنا خارج هذه المنظومة ، لكنني أحب و أقدر الفريق وخاصةً إذا كان هذا الفريق يشترك معك في هدف ما ، فتتحول العلاقة لعلاقة أخوة بكل بساطة أنا حريصة وخاصة في صداقاتي على مواقع التواصل الاجتماعي على تنوع وانفتاحي على مختلف الجنسيات والميول والايدلوجية واعتبرها تجربة تنويرية مهمة واستعيذ المؤذي وقليل الادب الفظ فقط .

الفلسفة وسر الجذب فيها ودراستك لها والرغبة في التحصيل منها كعلم وهل أثرت في كتابتك؟

بعد بدايتي في التدوين والتعلم في تاناروت والتحاقي بدائرة العلوم الإنسانية فيها شعرت أنه حان الوقت للدخول فيها أكاديمياً شيء ضروري لترتيب فكري، وفكرت في الالتحاق بعلم الاجتماع أولاً، لكن نصحني الدكتور (نجيب الحصادي) بالدخول للفلسفة وقال لي إنني سأحبها بسبب ما أقرأ، وهذا ما حدث، أنا منذ عامين وكأنني في ورشة للقراءة، متعة لتلقي معارف جديدة تقترب للرضا التام، نعم أثرت على كتاباتي أنا لأني أفكر فلسفياً منذ الأزل لكن الفرق أنني أصبحت أمتلك أسماء لأفكاري الآن.

من هي الشخصية الفلسفية المغرية والملهمة التي تعد نموذجاً ومنارة تحاكيها ميسون وتقتدي بها؟

بجد لا أستطيع الآن فأنا كالطفل المكتشف، كل شيء ملهم بالنسبة لي لأنه جديد، كلما تعرفت على أحدهما إما أحبه كثيراً وإما أكره ومن ثم أتخطاه لأحد جديد الوقت مبكر جداً على التحديد.

أين تجدي نفسك في فضاء ومؤلف الثقافة والأدب؟

لا أريد إلا فضاء يحتك بالمجتمع ويؤثر فيه ولازم يكون فيه شباب من الجنسين، ما شكله؟ لا أدري إلى الآن، روحي ستحاكي تجربة تاناروت إلى الأبد.

سؤال نختم به الحوار.. استوقفني أسم قمر، ما أثره على ميسون؟

هو أسم عرفت به عائلتنا المصغرة بدأ من جدي (نحن عيت قمر) أنا أحب جدا جدا هذه العائلة فخورة بكل تاريخهم وقصصهم وطيبتهم وشهامتهم واعتز بانتمائي لهذه العائلة لكن أنا ممن يرفضون الانتماء للقبيلة وأحاول دائما أن أتجاوزها.


* موقع: صحيفة الليبي اليوم؛ 11 أغسطس 2022م.

مقالات ذات علاقة

حوار صحيفة الديوان مع القاص حسن أبو قباعة

المشرف العام

سعدون السويح يكتب نزار قباني بالأنجليزية

يونس شعبان الفنادي

منصور بوشناف: هناك علاقة حساسة بين المسرح والسلطة

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق