سذاجة التشابه
من طبيعة الاشياء في حياتنا اليومية قد يكون معظم الناس طيبين وطيبين جداً ؛ وفي بعض الأحيان تصل هذه الطّيابة إلى حد العبط والدّروشة والسذاجة شديدة الصلة بالوهم إلى حد الاغترار بظاهر العبارات البريئة، ومع هذه الدروشة قد لا ينتبه ” الدرويش” إلى حالات الخداع والنفاق والريب والإستخفاء المريب والتي يمتاز بها كثير من الناس من ذوي النوايا الخبيثة والسيئة والحاذقين في اظهار مكارم الإخلاق والمقاصد الطيبة مع اظمار الشّر فيقع في فخاخ كلماتهم الفضفاضة المنمقة الخالية من المكابدة وعدم الاكتراث بعقول الناس، مثلاً يثرثروا: عن الوطن وحرية الفكر والليبرالية والعدالة وكلمات أخرى عن تقوى الله وخشيته، والتي من السهل جداً أن تترجم إلى معانٍ أخرى، وكلمات مشغولة بتمجيد الأقران، وكلماتٌ من قبيل تقييد عقول الناس واختطاف النصر ممن ينافسهم في النشاط الخيالي.
حُقَنٌ مسرفةٌ
وفي معظم الحالات لا يبالي الإنسان بما يحدث في محيطه ومجتمعة، فتتسع رقعة الحديث عن الأشياء والأحداث اليومية كروتين عابر وخاطف وسريع وخاصة في إعلام يقمع النزوع إلى المعرفة الموضوعية من دون التشابك معه معرفياً وفكرياً وتفكيرياً حتى يتسنى للمرء أنْ لا يقع فريسة لسطوته وخداعه وهيمنته وعشقه الأبدي بأنْ يتفوق على الآخرين، فمع قليل من التفكير والتمحيص يكتشف المرء بأنّ كل هذه الجرعات التي يتلقاها من الإعلام بكل صوره واشكاله المتنوعة هي حقن متنوعة بين التجهيل وتغييب العقل ودعوة إلى عدم التفكير والصد ذهنياً عن اختيار مواضع التركيز، والحال هذا فإذا شاعت قدرة الجرعات فإنّ في الحقن نوع من السلطة المغالبة الموجهة لذهنية المتلقي النافية لنعمة الوعي لدى هذا المتلقي.
لزوم التصادم
وفي أغلب الأحوال عدم القدرة على التمحيص الذهني لا تنفي بأنّ الإعلام عمل بشري و ليس عملاً شيطانياً، على افتراض أنّ هناك شيطان غير مرئي موصول بالحياة و يتجول في العالم الاعلامي كما يشاء و كمايحلو له لغرض في نفسه وما يميل في طبعه ويختار من شؤون اختيار الكلمات المضلل منها المسكونة بالتنافر والشتات، بل إنّ الاعلام أخطر مضيعةً على عقل الانسان وذهنيته من فعل السحرة والمشعوذين وأخطر من الشيطان ذاته، سليل الماكرين المخادعين، في التضليل والتجهيل، بل و في اختطاف انتباه البشر وأسره وبقدرة فائقة ساعدت التكنولوجيا والكاميرات الرقمية عالية الجودة على تدشينها في فضاء من التصادم بين العوالم المختلفة في عجائبها والتي قلّ ما يستطيع المرء الإفلات منها.
من عمل الإعلام لا الشيطان
فالمرء لا يعرف ماذا يريد به الشيطان وماذا يريد منه ولا يراه أصلاً، بينما يرى الإعلام حقيقة امامه بشحمه ولحمه وفروة رأسه ولا يدري ماذا يريد به هذا الاعلام المتحذلق صانع الذلة الفكرية، ومع ذلك يمكن للمرء أن يتجاهل الشيطان أو إنْ كان يؤمن بوجوده يستعيذ منه حتى لا يقترف ما يأمره به هذا الشيطان المتنقل داخل الوجدان الإنساني، وبالتالي وقبل أن يرجم المرء هذا الشيطان الضحية مع صعوبة الإنصاف والتثبت عليه أن يعرف ماذا يريد منه الإعلام في هذه الأيام؟ ولكل اعلام موضوعاته الخاصة ومن غير الممكن الإطمئنان إليها أو الثقة بها إلا إذا فقد المر نعمة التفكير وآمن بأنّ هناك شيطان يعرف مغزى تنوع مظاهر الإعلام في امور كثيرة وما توسوس به الفضائيات ووسائل اِعلام التواصل الإجتماعي.