متابعات

الدكتور مصطفى التير يتساءل: لماذا استعصى العرب على الديموقراطية- المجتمع الليبي نموذجا

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

الدكتور “مصطفى التير”

نظم حزب السلام والإزدهار ضمن أنشطة صالونه الثقافي لعام 2022م محاضرة بعنوان (لماذا استعصى العرب على الديموقراطية – حالة المجتمع الليبي) ألقاها الدكتور “مصطفى التير”، وذلك صباح يوم السبت 16 يوليو الجاري بمقر الحزب بطرابلس بحضور لفيف من المثقفين والكتاب وذوي الاهتمام المشترك، وتطرق الدكتور التير في سياق محاضرته لبعض آراء الباحثين التي أرجعت غياب التجربة الديموقراطية للمنظومة الأبوية السائدة في المجتمعات العربية حيث أن الأب هو الحاكم الفرد في محيط أسرته ووصولا للحاكم الذي يصبح مستبدا لاحقا بينما أرجع آخرون السبب لعامل الدين الذي يُحرمه الخروج عن الحاكم أو للطبيعة البداوية مستثنين بذلك خصوصية التجربة اللبنانية والهامش الواسع لممارسة السياسية وحريات التعبير وما نحوها، مشيرا إلى أن النظام السياسي القائم في الحالة اللبنانية مبني على نظام المحاصصة الطائفية مما يُضعف العملية الديموقراطية، وأضاف الدكتور التير أنه من خلال محاضرته سيحاول الوقوف عند المعوقات التي حالت دون تحول المجتمع نحو الديموقراطية وتابع إن الحقبة التاريخية التي سأفتش فيها تبدأ قبيل فترة الاستقلال وتمتد حتى الوقت الحاضر .

الليبيون والحضارات القديمة
موضحا بأن فترة ما قبل الاستقلال بحكم الموقع الجغرافي لليبيا كان للسكان علاقات مع جميع الحضارات القديمة التي سادت ثم بادت قبل زمن لذلك تركت الحضارات التي ازدهرت على شواطئ البحر الأبيض المتوسط آثارا واضحة في مواقع كثيرة وبعبارة أخرى تأثر الليبيون على مختلف العصور بما يجري في المنطقة التي ينتمون إليها وبالتالي لم يكن غريبا أن يبدأ النشاط السياسي فور انسحاب إيطاليا بسبب تأثير المحيط الجغرافي الذي تواجد فيه مهاجرون ليبيون حصلوا على شيئ من التعليم والخبرة السياسية

بواكير التعددية الحزبية
فيما لفت الدكتور التير أنه إبّان الحقبة الفاصلة ما بين انسحاب الجيوش الإيطالية وما بين إعلان الاستقلال ظهرت صحف وجرائد متعددة وجمعيات خيرية وأحزاب سياسية تمركزت في مدينتيّ طرابلس وبنغازي وافتتح بعضها فروعا في عدد من المدن الأخرى وعرفت البلاد حراكا سياسيا نشطا قاده عدد من المتعلمين وبعض الزعامات التقليدية، وسمحت الإدارة العسكرية البريطانية في الإقليمين الشرقي والغربي لليبيا بتكوين الجمعيات والأحزاب وبناءً عليه بادر عدد من المثقفين في المنطقة الشرقية في النصف الأول من عام 1943م للحصول على تصريح لانشاء جمعية أهلية تحت اسم جمعية (عمر المختار) في مدينة بنغازي ومع أن بداية نشاطها انحصر في المجالين الثقافي والسياسي إلا أنه سرعان ما انغمس أعضاؤها في النشاط السياسي لكن لما كان يتمتع به “محمد إدريس السنوسي” الذي كان يُعرف عندئذ بالأمير من نفوذ في إقليم برقة أصدر في عام 1947م أمرا بحظر النشاط السياسي لجمعية (عمر المختار) وحصره في المؤتمر الوطني البرقاوي الذي يرأسه وبعبارة أخرى أي لا للتعدد الفكري والسياسي فالرجل الذي يرأس البلاد ويقود الدولة للاستقلال لا يؤمن بمبدأ الاختلاف وحرمان أعضاء الجمعية من المجاهرة بأي نشاط سياسي لكن هذا لم يمنع بعض أعضائها من بلورة رؤية سياسية مستقلة عن توجهات الأمير، لم يعلن في مدينة طرابلس عن تأسيس حزب سياسي بصفة رسمية إلا في عام 1946م ومع ذلك تكاثر عدد الأحزاب حتى سجل منها 9 أحزاب وتعدت الأحزاب في السنوات اللاحقة للـ150 حزبا إلا أن التنافس انحصر في نهاية المطاف بين حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه “بشير السعداوي” وهو حزب يلتقي مع مناداة جمعية(عمر المختار) بوحدة البلاد وحزب الاستقلال الذي يتفق مع الحزب البرقاوي في تأييد النظام الفديرالي الاتحادي ما أدى لانقسام الساحة السياسية بين هذين الحزبين.

كيف تعامل المجتمع الليبي مع الأحزاب
من جانب آخر أكد الدكتور التير أن الليبين تصرفوا مع هذه الأحزاب باعتبارها نوادٍ رياضية لا يكون لها وجود إلا داخل المدينة، والخطابات السياسية للكثير من الأحزاب عكست ولاءات ما قبل نشوء الدولة الوطنية، بعد ما كل حدث واختتم حديثه بطرح مجموعة من التساؤلات: هل سيتمكن الليبيون من بناء نظام ديموقراطي لاشك بأن العملية الديموقراطية بحسبها منهجا وثقافة في تدبير وتدبر الشأن العام هي عملية تتطلب الكثير من العمل الجاد والكفاح والتضحيات وهي مسيرة تحتاج لمدة من الزمن إلى جانب توفر حد أدنى من التفاهم بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين بغض النظر عن مواقعهم بالنسبة للسلطة والدولة والمجتمع وتوفر حد أدنى من أجهزة وسيطة متشبعة بثقافة الحوار كي تضمن استعداد كل طرف لتقديم التنازلات وحسن إدارة الاختلاف بحيث يحترم كل طرف رأي الطرف الآخر لبناء التسويات والتوافقات ظروف ما بعد الانتفاضة ساعدت على تقوية العوامل التي عرقلت توفر الأجهزة الوسيطة.

مقالات ذات علاقة

املاً في مستقبل فني حقيقي .. ‘تانورت’ يحتضن ’ناستولوجيا’‎

المشرف العام

مهرجان طرابلس للشعر.. إشعاع عالمي على درب الكلمة الحرّة

المشرف العام

إصدار الطبعة الثانية من رواية مدينة الريح!

المشرف العام

اترك تعليق