الخاتمة
بعد البحث والتدقيق والمقارنة بين كتابات المؤرخين عبر العصور التاريخية، وخلصت الي مجموعة من النقاط سأتناولها بشي من الاختصار على هيئة نقاط:
التاريخ هو مدونة الأمم وصدى حضارتها وتبيان صورها فهذا كان مدعاة لتدوينها سواء جاء هذا التدوين على الحجر أو الورق لإبرازه بغية ايصاله للأجيال اللاحقة للبحث عن حقيقته. وهنا نسترشد بقول الله عز وجل {وما اوتيتم من العلم الا قليلا}. ونسترشد بقول المفكر ماركس “البشرية لا تطرح على نفسها أبدا إلا مسائل تستطيع حلها”.
إن لفظه التأريخ يعني بالوقت وهو محاولة لاستحضار الماضي في بثلاثية أضلاعه الارض والانسان والحدث، وبازدياد المعرفة الانسانية وتطور محركات البحث انتقل مصطلح التّاريخ من مفهومة القاصر سرد الأحداث الماضية إلى مفهوم اوسع ناتج عن التّحليل والاستقراء واستنباط الأدلة والحقائق وأصبح علم يدور في فلكه كل العلوم.
تبرز أهمية علم التاريخ من خلال دراسة إبعاده الثلاث في إطار سيرورة الزمن الذي حددها المؤرخون بوضع علامات بارزة وفاصلة بين الأزمنة التاريخية، والتحديد هنا لا يعني انقطاع المد الحضاري عن الاخر وإنما استمراريته مع حدوث تغيير تدريجيا في كل المظاهر والنواحي. والعلامات او المراحل هي: المرحلة المتوحشة عصر الرعاة (الصيد واكتشاف النار)، المرحلة البربرية (مرحلة الزراعة وتربية الحيوانات واختراع الكتابة ونشأة المدن)، -مرحلة بداية الحضارات (سماتها الاستقرار وتقسيم العمل تقسيم العلوم والآداب واختراع الطباعة، الاحتكاك بحضارة الشرق وعلومه اثناء الحروب الصليبية – النفور من تسلط الكنيسة، نشاه الجامعات التي غدت مراكز الفكر اكتشاف العالم الجديد، فتح المسلمين القسطنطينية، تطور الفكر البشري الناقد. ظهور كبار المفكرين الذين اثروا في النهضة العلمية الجديدة).
وهنا نصل ان علم التاريخ علم تتركز عليه كل العلوم الأخرى وتتشابك معه وتتداخل بتطور منابع المعرفة وتطور المناهج بتطور الفكر الانساني وفق العديد من المعطيات المتأصلة والساندة له. هذا الفكر الذي نتج عنه اختلاف في المنهج والمادة والرؤى والعرض وفي المخرجات الدراسية مكتوبة سالفة الذكر، إذا لنفهم حدث أو ظاهرة لابد أن نقف على ما يتصل بها من أفكار، وهي لا تعني شيئا إلا عندما ينظر إليها من مكانتها من مراحل التطور التاريخي.
اذن نحن نصنع التاريخ بمخزوننا المعرفي وسلوكنا واثارنا، وهنا نؤكد على قول المؤرخ م جوردين “الناس يصنعون شيئا من التاريخ دون علمهم إذ نحن نصنع التاريخ الآن”، وقول المؤرخ فرنكلين بلومر “أن تاريخ الأفكار توطن”،
التطور الفكري البشري دفعه الي دراسة الماضي وفق الكم المعرفي المتراكم والمتطور هذا التطور اوجد تطورا في أدوات ووسائل ومناهج المؤرخين مما أنتج لنا نظريات نوعية دينية سياسية اقتصادية جغرافية الخ. فقد أسهم فلاسفة عصر التنوير في احداث ثورة شاملة في مفهوم التاريخ اذ لم يكن التاريخ حتى القرن18 عشر مادة دراسية مستقلة في مدارس وجامعات اوروبا وكانت تدرس للحكام والامراء ورجال الدولة باعتباره من أدوات التربية والتدريب السياسي، لذلك بدأت دراسة التاريخ برؤية نقدية متفحصة محايدة بعيدة عن التعصب الديني والقومي وتعددت المناهج والنظريات الي ان وصلوا لدراسة الافكار وتطورها.
بعض الدراسات رات مؤرخي القرن 18 عشر غفلوا في دراسة الافكار عن الجوانب الروحية والانسانية فأساؤوا الظن بتصرفات البشر وسخروا من أعمالهم واتسمت دراساتهم بالمادية الصرفة. وهذا حسب وجه نظري فيه شي من المغالطة والدليل كتابات عصر التنوير درست التفاعل الانساني مع الزمن والحدث، درست نمط تفكيره البشر المنعكس في سلوكهم العمراني المعماري والوظيفي واساليب المعيشة واساليب الحروب وقصص الادب وقصص الغرام وغيرها.
فهذا العصر التنوير تنور فيه عقول المؤرخين واتسعت آفاق معرفتهم فاتسعت دراساتهم التاريخية وتنوعت مناهجهم البحثية الي ان وصل القرن التاسع عشر وهو عصر صناعة التاريخ فتطور هذا العلم وظهر في القرن العشرين علما قائما بذاته علم الافكار.
وختاما اقول انا لا ادعي انني جئت بنظرية جديدة حول التاريخ ولكن جديدي اننا ازددت معرفة بالقراءة في هذا الموضوع وقارنت بين المكتوب وحللت بعضها وقارنت بين الكتابات وعقول اصحابها من مفكرين وفلاسفة واستنتجت في مواضع عده نتائج خاصة، وتوصلت الي حقيقة (نحن من نصنع التاريخ) بأفكارنا وإنجازاتنا وإثارنا الباقية. وخلصت لحقيقة خاصة جدا وهي ان التبحر بالدرس في الديانات السماوية عامة، والتمعن في كتاب الله عز وجل ومواطن الاعجاز فيه لهو خير علم وجهد مبارك واتمني ان انال هذا الشرف.
ملاحظة نأمل ان اكون ما نشرت مادة يستفيد بها الجميع مع حفظ المصدر وهذا ما قصدته بعدم كتابة هوامش ومصادر ومراجع المادة مخافة أحد المادة جاهزة دون البحث وكذلك دون الاشارة لي. وهو بحث شاركت في أحد المؤتمرات الاقليمية في 2020 م وان كنت قد اضافت عليه الكثير وهو مدرج للنشر في أحد المجلات.