المقالة

الانتحار في الرواية الليبية

من أعمال التشكيلي مرعي التليسي

لم تصادفني كثيراً “حالات انتحار” في الروايات الليبية التي قرأتها، فقط في عدد من كتب إبراهيم الكوني، على غرار الأدب الياباني ينتحر أبطال الكوني لغايات متعلقة بالكبرياء. عائلات بأسرها تقتل على أيدي مؤسسيها، هرباً من عار الجوع.

كثير من حالات القتل والانتحار، أكثرها إتقاناً هي حالة انتحار أماستان في “البئر” مطلع رباعية الخسوف. كل شيء منطقي في انتحاره. سيمفونية عبقرية من التواطؤ القدري والضغط النفسي والقرار النهائي. أماستان شخصية مثيرة للغاية، خائن في الرواية وملاحق بالعار، فقط لأنه جاء في زمن أخيه الشيخ غوما العظيم، والذي أخضعه لمشية العار وسط القبائل عارياً موثوقاً إلى ذيل جمل، معرضاً للإهانات، كل ذنبه أنه تعامل مع العدو، تركه الشيخ حياً لعله يقتل نفسه على عادة التوراتية، لكن أماستان لم يفعل، تحمل العار وخرج للناس أمام دهشة غوما. ساعدته باتا الجميلة على النهوض مجدداً.

لو ولد في هذا العصر لصار بطلا شعبياً، ربما عضواً للبرلمان أو قائداً للجيش، لكنه ولد في آخر أزمان الشيوخ العظام، وصار أضحوكة بيد باتا ثم دفعته للانتحار، فهي استهانت بمشاعره. أماستان شخصية مهمة جدا في أدبنا، لأنها دراسة حقيقية عن مدى التحمل الذي يكتوي تحته الليبي. ففي هذا العصر، في هذه الأيام، لدينا عشرات حالات الانتحار سنوياً عبر البلاد، مع ذلك لن تجد بسهولة حالة انتحار واحدة في أدبنا الجديد، بحسب علمي القاصر، لا نقاش حقيقي، ربما ينتحر الليبيون أكثر لأسباب عاطفية، فشل الحب مثلاً خيانة الرفاق، خسارة قدوة عليا، الخوف من عار أكبر…

مقالات ذات علاقة

الثقافة… أقوى سلاح لتطور الأمم

يونس الهمالي بنينه

شحيحٌ .. في المنامِ واليقظة!

المشرف العام

يوسف الشريف: لكن أين الصحف الخاصة!؟.

أحمد الفيتوري

اترك تعليق