شعر

السعي

مدينة تحت المجهر.. من أعمال التشكيلي صلاح بالحاج

تركن المدينة إلى الصمت، تبتلع النهار والليل
بالوشوشة
تتغطى بلحاف الخوف
لتدرأ عن نفسها الأذى
أقول:
أحبك رغما عني أيتها المدينة المذبوحة من الوريد إلى الوريد
في أحشائك دفن أولادك أحياء
وفي صوتك يرفرف طائر الرماد
تقول لي:
انحن
قبل التراب
زر أخوتك
دمهم في كل الجهات
أينما وليت وجهك فثمة قبر
اختر مقبرة ترضاها!.
في المقبرة
أرى الجريمة الكاملة
أسمع كلماتهم الأخيرة
المشهد يعيد نفسه
يرمونهم أكداسا في الحفر
يردمونهم في الليل
تقول لي ـ زر سجونهم
أسعى بين سجن وسجن، أسمع صراخ المعذبين
أنينهم
لا يزال الصوت طريا
وذو رائحة
صوت يمشي في الأرجاء
أسمع أصواتا أخرى
صوت المنشار
صوت مثقاب كهربائي يخرم ساقا
صراااااخ الضحايا
أشم رائحة الشياط
في الركن يحرقون أعضاء الرجال التناسلية
يحطمون الأسنان بالمطارق
ويقتلعون الألسن بالكلاب
أهرول بين سجن وآخر
أسمع قهقهات السجانين
ساديتهم في أوجها
كان الجحيم مفتوحا على مصراعيه
أهرب في الشوط الأخير، مذعورا
في الليل أعقد مسبحتي وأذكرهم بأسمائهم
فيتنزلون في ربعه الأخير
أسمع غمغماتهم
يظهرون واحدا بعد آخر
يتحلقون حولي
أضرب دفي
فينجذبون، يتمايلون
يبكون
ثم يتلاشون
ويتركونني في وحشة أقسى من وحشة القبور

مقالات ذات علاقة

أيقونة الزمن

المشرف العام

ليل ثقيل

علي الرحيبي

منذُُ افترقنا وأنا أنظر للمرآة بحذر شديد خشية اصطدامنا

منيرة نصيب

اترك تعليق