عاشور الأطرش
ربّما كان للصّورة المعتادة، أو حبك العبارة أثرهما في انتشار وذيوع تلك العبارة دون الوقوف على ما وراء كلماتها من تأويلٍ سارب.
” الطّيور على أشكالها تقع “، صورة ساخرة تتسرّب من تلك العبارة، وتوهم بأنّها تُشفي الغليل، وتُتيح الفوز على الطّرف الآخر من خلال الحطّ من قدره ومكانته.
المفارقة هنا هي حشر الطّيور فيما لا ذنب لها، إنّ الطّيور بطبيعتها تكون في شكل سرب أو أسراب تطير أو تحطّ حسبما يعنّ لها وترغب، فلمَ لا ننظر إليها مُحلّقة أو سابحة، أو عند هبوطها وحطّها؟
لِمَ لا تكون لها هذه الصّورة الحقيقيّة الّتي لنا أن نرتاح لها وننعم بها؟ فَجَوْرٌ أن نضع سربًا من الطّير في قفص تفكيرنا السّاخر المُتشفّي.
فهل كُتِبَ على الطّيور إمّا حبسها في أقفاصٍ أو لوكها في ذنبٍ هي منه براء؟ إنّ الّذي نطق بتلك العبارة جانبه الصّواب، فقد طبع الصّورة المشينة بدل الجميلة، وترك الحقيقيّة لينقل الزّائفة، وزحزح المعنى البليغ؛ فشوّه الحسن وحسّن المشوّه وغير المقبول، وغدا قائلها يحسب نفسه وقد أتى من البيان سحرًا، ومن المعنى أصدقه وأصوبه.
نعم ” الطّيور على أشكالها تقع ” فما كانت إلاّ جميلة في سبحها، ورنّامة في صدحها، خلاّبة بألوانها… في صورة الألفة والبراءة، والصّحبة والجمال …
إنّها لوحة الانسجام الّذي عجز عن تحقيقه الإنسان.
2/3/2018
* هذه السّطور لإيضاح ما ترمز إليه العبارة في الوقت الحديث، وليس ما كانت عليه في الماضي.