المقالة

مسارب أخرى في البحث عن الذات

 (تجربة عام بين أرفف الكُتب)

صابرين المجبري

أتمسك بالقراءة كفعلِ ذاتي وفريضة يومية في حياتي، وبناء شخصيتي وأفكاري.. قراءة عمل جيد أشبه بالاستمتاع بطعام لذيذ، تقرأ ببطء ودون تعجّل!

في كل أوقاتي السيئة والصعبة أتذكر مجال عملي في بيه الكتب، هذه الساعات اليومية بين الكتب والإصدارات، ثرثرتي عن القراءة كفعل، هذه الوظيفة التي لم أشعر منذ بدائي في العمل بها في رمضان عام 2021 بالحزن أثناء ممارستها، هذا التحصيل الفكري الخالي من التسليع والاستهلاكية والقراءة لأجل القراءة يُثيرني.

كمٌ هائل من المواقف مرّ بي أثناء عملي، مساعدة الناس في إيجاد كتاب جيد، أو ترشيحي لهم لأعمال أدبية ما، أنظر إلى عملي من هذا الجانب: (أقرأ باسم ربّك الذي خلق) هذا الأمر الرباني في البحث عن العلم والتفكر يجعلني أشعر أنني من عباده المحظوظين جداً، ارتباط عاطفي للغاية!

لطالما أنقذت الكتب ولازالت تنقذ حياتي، لكل شعور كتاب، ولكل موقف بيت شعري ما وهلم جرا.. ولا أخفيكم أحياناً أشعر بالإحباط وإدارك -لحد ما- أننا أمة لا تقرأ وهذا زمن الثقافة المزورة! أشعر بالاستياء جداً حين يأتي زبون ما للمكتبة، وأعرف أن طلبه بصريح العبارة (كتاب يقرأه الجميع) أو كتاب من أجل التصوير والنشر على السوشيال ميديا، لكنني سرعان ما أحاول ما في وسعي إقناعه بكتاب جيد، وبجدوى القراءة وأن القراءة ليست تقليداً.. أحاول الغوص في دواخل شخصيته وأخمن مالكتاب المناسب لهذا النوع من البشر..

لو سألتني عن لحظة تكرارها لا يجعلها تفقد بريقها لديّ ستكون دون مُنازع: لحظة إعجاب زبون ما بترشيحي لكتاب جميل، وجملة (عجبني الكتاب هلبة، واستفدت منه هلبا) هنا تُقفز الطفلة التي في داخلي فرحاً في ارجاء المكتبة.

في كتاب أيها القارئ عُد إلى وطنك تقول ماريان وولف: إن جودة قراءاتنا ليست مؤشراً على جودة تفكيرنا فحسب، بل المسلك الأشهر نحو تطوير دروب جديدة تماماً، تتعلق بالتطور العقلي لجنسنا البشري، ثمة الكثير على المحك فيما يخص عقلنة القراءة وفي التغييرات المتسارعة التي تميز الآن إصداراته الحالية والمتقدمة. ليس عليك سوى تفحص ذاتك، وتضيف: لن يكون هناك متسع من الحياة لنقرأ ونكتب ما نشتهي، لكن لن يكون هناك تاريخٌ أو مفهوم للإنسانية بدون الكلمات وبدون الكتب.

مقالات ذات علاقة

عن الأجيال والأحوال

أمين مازن

أين ليبيا التي عرفت؟ (7)

المشرف العام

المفكرة التاريخية: تأملات حول الولاء والهوية فكرا ومنهجا (1)

مفيدة محمد جبران

اترك تعليق