طيوب عربية

قراءة في شعر الشاعر السعودي (عالي المالكي)

الشاعر السعودي عالي المالكي
الشاعر السعودي عالي المالكي

الشعر كالطعام تماما، صنف تحب أن تتناوله بين فترة وأخرى كي لا تمله، وآخر تعامله كطبق شهي لابد وأن تتزين مائدتك به في كل يوم..

هذا الأخير كشعر عالي المالكي، بسيط دون تكلف ولا غلو، دسم المعاني، وديك الصور، لا تكاد تنتهي من نص حتى تشرع في التهام غيره.. يكتب لسرب الغربان وفيلق الدبابير، وكومة الفراش وعش العصافير.. يكتب عن الخبز للفقراء وعن الثوب المرصع بالذهب للأغنياء.. محب أتعبته محبوبته ومتمرد نال من النساء كل شيء، بين كل هذا ينفث الحكمة والعبرة.. يسوق القافية كقطيع محب، لا يتعبه وصف، ولا تعجزه طريقة.. يقول عالي المالكي واصفا وجده محاولا أن يستتر خلف قناع الصمت

‏لبستُ قناع الصمت كي أستر الوله

وصعَّدت ما كان الهوى فيّ أوَّله

كسرت يقيني

ثم قلت له استخر

فقال معي؟ قلت استخر قال

أعقله

فقمت أصلي وابن صدري مفكراً

يناصح صمتي والمدى شدَّ مغزله

_____

يصف في مقطوعة أخرى الشعر حاثا على قراءته وتدبر معانيه

‏اقرَؤوا

في

الشعر وابتهجوا

ليس إلا الشعر والسحرة

سوف نلقي..

ها ستلقفكم

فكرتان.. الموت.. والكفرة

نحنُ نحيا في مخيلةٍ

لم تزل بيضاء مستعرة

وعلى أفواهكم خبرٌ

طالما أحيا النوى أثره

ولدينا عبقر

انتثرت

فوقه الألواح والمهرة

فاستريحوا بعدما

تردوا

لن يعيش الليث والهررة

___/

ويعرف نفسه في مقطوعة تشبه السيرة الذاتية للشاعر

أنا

حين قلتُ:

أحبُّ ليلى

ما احتفيت بها

ولكن بي احتفيت

أعلنتُ في صمتٍ

بأني لا أرى أحداً

ولكني اختفيت

ونهلت من ثغر السحابة

ذات وجدٍ

وارتويت

أعلنتُ ميلاداً جديداً

في البداية

….  وانطفيت

ما زلت طفل حكايتي

الأولى

فهل ليَ ما وعيت…؟

ينتقل بنا شاعرنا لنوع آخر، حيث يصرخ قائلا لست متقوقعا في نظم القديم وقافيته، فتمردي من تمرد الشعر، وهنا يبدع لنا نصا معتقا يقول فيه:

‏لم نتحد أبداً

ولكن لم نكن يوماً على طرفي فراق

قد كنت مبتدأ الـحكاية

وأنا أرمم في تفاصيل الخبر

في أول السطر المعتق بالأمل

كانت خطاك هناك تعبر كالمطر

وأنا ألتقيتك عندما هطلت خطاك

والورد أزهر في شفاك

والحلم فاح كعطر روحك

لم نفترق أبداً

ولكن لا اتحاد

ها نحنُ نقتسم المسافة والأمل

_

ويبدو في عيني معشوقته سيابيا، حيث يجعل الضربة مزدوجة عيناها والشعر حلول واتحاد:

‏عيناكِ

شعرٌ

والقصيدة كلما

راودتها شغفاً

تمدك أبحرا

بحران

لكن لا عصا موسى ولا

ذو النون أرشدني ومدك أنذرا

والحوت

يلقفني

على رمشيهما

ويكاد.. لا والله كاد وأهدرا

ويلي عليك.. أموت بين شواطئٍ

خضراءَ تغريني بموتٍ لا يرى

_

وإليك عزيزي القارئ هذه النتف والمقطوعات المتتالية لتحكم بنفسك دون ترغيب ولا تزيين مني لشعر المالكي..

‏يقولون نخلٌ

قلت لا ليس هكذا

ولكن شروعي في الهوى كان منفذا

أطيّر عصفورين

تحت وأدعي

بأني أهز الجذع.. والسهم أنفذا

أواجه نفسي مرةً وألومها

فتقنعني إن قلت كلا بحبذا

وأحمل صدر الليل

.. ثم أرجه

وألعن وهماً كاد أن يسرق الشذا

يذوبني سحرٌ هناك وحالةٌ

من العطر تغتال انهزامي بذا وذا

__

‏قيَّد شفاه الحرب

حتى لا تكون هي القصيدة

واربط

على الثغر المتمتم بالجراح البابلية

وضع الزناد

على رويِّ البن في أقصى المنية

سافر

لوحدك في فجاج الشعر

مخترعاً لبوصلتي هُويَّة

وتعال نجترح المسافة في العيون الخزرجية

_

‏قل للفراشة

أن تطير

لا الليل يمنحك الخلود

ولـيس للنيران صاحبة ودار

قل للفراشة أن تغيب

ألا تعود إلى

احتراق السيرة الأولـى

فقد نزف الزمان

والنار لا تهب الحياةَ

والـموت

خاتمة المطاف

……

ختاما نحتاج لأن ينبغ بيننا عالي الإنسان، عالي الشاعر، عالي المبدع، حيث البساطة، مخاطبا قلوب الكهل والمراهقين معا، متحدثا بلغة العجائز، وبشنب اليافعين الأخضر، عالي السماء ملبدة بالقصيد والأرض منبتتا بالقثاء والأدب..

ولعلي هنا أعرفه أكثر مما أقرأ له، حيث يحتاج النقد فيه مدحا وذما إلى مقام منفصل وواسع، أحتفي به فيه كما لم أحتف بشاعر مثله أبداً.

مقالات ذات علاقة

احتفاليّة آذار والمرأة في طمرة الجليليّة!

آمال عواد رضوان (فلسطين)

لمسات ابداعية

المشرف العام

من يوقِف هذا الجنون؟

المشرف العام

اترك تعليق