كانت والدتي تردد القول لأبى ونحن في الصغر عندما تشاهد والدي يقوم بالتفضيل بين أبناءها الأشقاء وتلومه القول بأن هذه الطريقة غير لائقة في مسايرة أبنائه في تربيتهم أي يجب ألا تحتضن أحد منهم وتضفي عليه الحب والعناية وتهجر في المعاملة الآخر.. كانت والدتي لا تعرف شيئا عن علم النفس ولكن السليقة الطبيعية دفعتها إلى هذه الحكمة بأن التفرقة في المعاملة هي مؤذية جدا لنفوس الأطفال، كنت لا أعي تلك المحاورة بين أبي ووالدتي التي كانت تجيد الحديث ومن يومها قفزت إلى ذهني ذاكرة قصة سيدنا (يوسف) ذلك الطفل الذي اكتسب حبا وودا من بين أخوته.. ولفه والده (يعقوب) بالعناية والملاطفة عن اخوته الآخرين.. فلقد أنفرد (يوسف) بمحاباة أبيهم إليه دن غيره من أبنائه.. مما ولد الغيض والكراهية والحسد لأخيهم المدلل.. كان أخوة (يوسف) يتضايقون شديدا عندما يرون ذلك العطف والعناية المتزايدة التي تحيط بأخيهم وتصدهم عن أبيهم.. وكان ذلك الحقد يكبر في نفوسهم يوما بعد يوم ورأوا في نفوسهم نكرة في وجودهم بين والدهم وأن هذه التفرقة وأن هذا الاستعطاف ينكر عليهم وجودهم بين أبيهم الذي لم يحيد لحظة عن ملاطفة أخيهم وينكر وجودهم بين أبيهم لقد ظل (يوسف) دائما في حضرة أبيهم وعنايته فهو لا يفارقه لحظة في جلوسه.. فكلما شاهدوا هذا المنظر ترتفع حرارة الحقد في أنفسهم.. لقد كانت لمة تلك الأسرة تزداد اشتعالا يوما بعد يوم.. وحاول أخوة (يوسف) تدبير أمرا لعزله عن أبيهم.. وكسب وده تجاههم فدبروا أمرا للخلاص من أخيهم وعزله عن حظوة (يوسف) لآبيه.. وكانوا قد أجمعوا كلهم دون استثناء على التخلص من أخيهم بأي طريقة وقد بيتوا الأمر عندما عزموا في رحلة تجارية خارج حيهم.. واتفقوا على مصاحبة أخيهم معهم في محاولة لعزله عن أبيهم وذهبوا إلى أبيهم في محاولة أذن أبيهم لهم بالمصاحبة في رحلتهم معهم وذهبوا جميعا إلى أبيهم طلب ذلك ولكن الوالد كان لا يطيق فراق أبنه عنه فأمتنع عن الطلب ولكن أزداد الحاحهم لأبيهم بالمصاحبة لأخيهم وعند شدة الأحاح وافق الأب على منحهم بالموافقة على مضض منه.. وأوصى أخوته به خيرا في الطريق لأنه لازال طفلا يافعا لا يقدر على مصاعب الطريق ومشقة الرحلة.. ولقد جاس الخوف في قلب الرجل عن ابنه.. ولكن آخرا خضع لأرادتهم في اصطحاب أبنه معهم.. وهو غافل عما يضمره اخوتهم من جرم لاحق.. لقد كان من وراء ذلك رحلة تجارية الى (مصر).. فاتفقوا جميعا على إخفاءه أخيهم الى الآبد عن حضرة أبيهم.. وكان في رحلتهم بئرا يتوسط الطريق ورأوا في البئر غايتهم القصوى في ارتكاب جريمته واجتمعوا وقاموا برمه في جوف الجواب حتى يخفوا الجريمة وعند الرجوع الى أهله لفقوا التهمة إخفاؤه الى مهاجمة (الذئب) له لم يبقى الا قميصه الملطخ بالدماء ادعاء لأبيهم أن (الذئب) قتل (يوسف) عن غفله منهم ولم يجدوا له أثر سوى قميصه الممزق.. لقد همس الشيطان في أذانهم بالدفع الى الجريمة في التخلص من أخيهم الى غير رجعة وأزاحته عن والده ..
المنشور السابق
المنشور التالي
سعد الأريل
سعد الأريل.
ولد في مدينة بنغازي.
تخرج من الجامعة الليبية عام 1969.
تحصل على الماجستير من جامعة (ميتشجان) عام 1980.
اعد لدراسة الدكتوراه في جامعة (اوهايو).
كتب العديد من المقالات والقصص في الصحف الليبية والعربية.
كتب كتاب باللغة الإنجليزية تحت عنوان: the great wilderness، ونشر في الولايات المتحدة وفى (amazon).
له كتب باللغة الإنجليزية في طريقها للنشر وهي:
The new world of feudalism.
God is there .
ترجم العديد من الكتب من بينها (حدود النمو)
كتاب تحت الأعداد في الفلسفة السياسية تحت عنوان: (الكتاب الأسود).
كتاب تحت الأعداد مجموعة قصص قصيرة تحت عنوان (ضياع في بنغازي
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك