سرد

مقطع من رواية جايـيرا

من أعمال الفنان التشكيلي "محمد بن لأمين"
من أعمال الفنان التشكيلي “محمد بن لأمين”

لا أعرف لماذا كلما نويت الخروج من حفرة أجدني عالقًا في حفرة أكبر منها، حيا الله” مذهب الزن”؛ قالوها منذ البداية إنْ كان كل فعل يلحقه ردة فعل فيجب أن تقطع هذا الحبل السري من الأساس، ولا تقُم في حياتك كلها بأي فعل، تبًّا لهذه البلاد، بلاد الازدهار الفاشل، التي فيها العاديون قلة، العاديون الذين كل حلمهم أن يراقبوا شروقًا أو غروبًا عن كثب، شعرتُ الآن أن كل ما كان ينقصني هو رؤية الكثير من غروب الشمس، العاديون الذين يستيقظون بكَسَل وتذمر، الذين يفتحون عيونهم بحُكمِ العادة فقط مثل “جراجات” حي “سوق احداش”، بدون أي فهم أو غطرسة مَعرفة، الذين يمسحون وجوههم بالماء فقط ليعيدوا ترتيب عيونهم وأنوفهم وأفواههم إلى مكانها بعد أن يكون الأرقُ و تقلبُهم طوال الليل قد بعثرها هنا وهناك، الذين يسيرون كالأشباح إلى بكارج القهوة، بدون أي كلمة أو ابتسامة، العاديون الذين ليس لديهم أدنى معرفة عن هذا العبث متى ينتهي، يراقبون أنفسهم عبر انعكاس صورهم على ” فترينات المحلات و بِرَك ماء الشوارع، الذين لا ترنُّ هواتفهم إلا في المصائب، ولا تأتيهم سوى رسائل خصم العمولات عن خدمات لم يشتركوا فيها من البنك، الذين لم يغيروا نغماتهم منذ مئات السنوات، العاديون الذين يحبون ويكرهون العالم بالتساوي، يعدلون كل مشاعرهم عند الإحداثيات (0،0) هناك حيث لا شيء مهم، لا يضبِطون تردداتهم على أيَّةِ موجةٍ ؛ فأجهزتهم دائماً مشوشة، لا يجيدون سوى إغلاق الأجهزة ، و لا يشدهم سوى مشهد انعكاس أشعة الشمس على المباني العالية.

مقالات ذات علاقة

شنو أمور البيضاء…؟

خيرية فتحي عبدالجليل

من رواية ”الأطياف الناطقة“

خيرية فتحي عبدالجليل

مـجــدداً

مفتاح العلواني

اترك تعليق