لا أعرف لماذا كلما نويت الخروج من حفرة أجدني عالقًا في حفرة أكبر منها، حيا الله” مذهب الزن”؛ قالوها منذ البداية إنْ كان كل فعل يلحقه ردة فعل فيجب أن تقطع هذا الحبل السري من الأساس، ولا تقُم في حياتك كلها بأي فعل، تبًّا لهذه البلاد، بلاد الازدهار الفاشل، التي فيها العاديون قلة، العاديون الذين كل حلمهم أن يراقبوا شروقًا أو غروبًا عن كثب، شعرتُ الآن أن كل ما كان ينقصني هو رؤية الكثير من غروب الشمس، العاديون الذين يستيقظون بكَسَل وتذمر، الذين يفتحون عيونهم بحُكمِ العادة فقط مثل “جراجات” حي “سوق احداش”، بدون أي فهم أو غطرسة مَعرفة، الذين يمسحون وجوههم بالماء فقط ليعيدوا ترتيب عيونهم وأنوفهم وأفواههم إلى مكانها بعد أن يكون الأرقُ و تقلبُهم طوال الليل قد بعثرها هنا وهناك، الذين يسيرون كالأشباح إلى بكارج القهوة، بدون أي كلمة أو ابتسامة، العاديون الذين ليس لديهم أدنى معرفة عن هذا العبث متى ينتهي، يراقبون أنفسهم عبر انعكاس صورهم على ” فترينات المحلات و بِرَك ماء الشوارع، الذين لا ترنُّ هواتفهم إلا في المصائب، ولا تأتيهم سوى رسائل خصم العمولات عن خدمات لم يشتركوا فيها من البنك، الذين لم يغيروا نغماتهم منذ مئات السنوات، العاديون الذين يحبون ويكرهون العالم بالتساوي، يعدلون كل مشاعرهم عند الإحداثيات (0،0) هناك حيث لا شيء مهم، لا يضبِطون تردداتهم على أيَّةِ موجةٍ ؛ فأجهزتهم دائماً مشوشة، لا يجيدون سوى إغلاق الأجهزة ، و لا يشدهم سوى مشهد انعكاس أشعة الشمس على المباني العالية.
المنشور السابق
المنشور التالي


سراج الدين الورفلي
سراج الدين الورفلي.
مواليد 30-7-1984 تونس.
خريج كلية العلوم ، قسم الرياضيات، جامعة قاريونس. ماجستير إدارة أعمال - جامعة التكنولوجيا الخاصة بتونس.
موظف إداري في الشركة العالمية لخدمات الكهرباء.
فائز بالترتيب الاول لمسابقة سيلكما في الشعر 2017 (دورة الشاعر مفتاح العماري).
بالاضافة لملشاركة في كتاب (شموس على نوافذ مغلقة).
صدر له: ديوان خمسة توابيت لستة رجال، وديوان كاريزما الموت، الفائز بالترتيب الأول في جائزة عفيفي المطر للشعر.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك