على اطلال ذلك الرصيف الطويل
مرت في الذكرى وسط الذكرى
فتاة كانت تجلس في اقصى الذكرى
كانت تجلس في اعلى تلك الشرفة
قرب تلك الكنيسة
ارى عدة شرفات…
ارى عدة فتيات…
شدتني…فتاة الكنيسة
شدتني…نساء الكنيسة
شاهدتها تقتحم ابواب المدينة
شاهدتها تقتحم اهرام مصر القديمة
شاهدتها تنتظر دخول الحب من ابواب الكنيسة
شاهدتها تنتظر دخول الحب من نوافذ المدينة
شاهدتها تنتظرعودة الطيور فوق اعلام الكنيسة
شدني اصرار عينيها الناظرتين الى اقصى المدينة
شدني اصرار يديها المرتفعتين الى الصلاة وراء الصلاة
هي تحب ان تصلي بعيدا عن ابواب تلك المدينة
هي تحب ان تشتهي ما تشتهي امام ابواب تلك الكنيسة
شدني اصرارها على الفوز بالدعاء وراء الدعاء
شدني اصرارها على دخول الحانات حزنا
شدني اصرارها على دخول الكنائس فرحا
بعد كاسين
بعد صلاتين
شدتني
ابواب مغلقة
حانات شاحبة
مغازات فارغة
نوافذ مقفلة
شرفات عالية
محلات تبيع ملابس فاجرة
كنائس ترتدي تمائم حزينة
كنائس ترتدي ملابس غريبة
تستقبل الحمائم صلاتي
تستقبل النسائم دعائي
شدتني فتاة الكنيسة
نزل الحب من الشرفات
نزل المطر في الظلمات
ارتدت الفتاة عدة الوان وسط الوان
تركت في الحانات عدة عطورات
لم احدد اللون بدقة
لم احدد العطر بقوة
بصعوبة ميزت الوانها على الرصيف
بصعوبة ميزت رسمها في الطريق
هي ترتدي عدة الوان
هي تظهر في عدة اشكال
تركتني اغرق في عدة الوان
تركتني اغرق في عدة عطورات
اعترضت سبيلها عدة مرات
قالت: انا فتاة مؤمنة بالله اخاف الله
حان وقت صلاتي
حان وقت دعائي
تركتني اغرق في نشوتي أبحث عن نشوتي
تركتني في صلاتي اغرق بحثا عنها في صلاتي
انتظرتها زمنا
انتظرتها عمرا
انتظرتها دهرا
بعد خريف اختفت الوانها
بعد شتاء عاصف اختفت اقدامها
بعد ربيع يانع قطفت ازهارها
بعد ازمان وسط ازمان
اختفت أقلامها
ضاعت فراشاتها
لم يبق على الارض رسمها
لم يبق في السماء لونها او رائحتها
بعد حب وسط حب
بعد صلاة وسط اخر صلاة
تركت شرفتيها مفتوحة
تركت شفتيها مضمومة
بعد حب تركت لوحتها مرسومة
تركت أوراقها….احبارها…أشكالها…. فرشاتها….
تركت صلاتها
لم تعد ترسم
لم تعد تقرأ
لم تعد تكتب
لم تعد تغني
لم تعد ترقص
لم تعد تجلس في اعلى شرفتها معشوقة
لم تعد تجلس كأنها معبودة
بعد دهر…
عادت الى كنائسها
عادت الى صلواتها
عادت الى دعواتها
بعد صلاة وراء صلاة
بعد دعاء وراء دعاء
بعد نظرة تتخللها نظرة
مزقت قميصها
ميزت لوحتها
عرفت شرفتها
احدهم قال: هي من راهبات المدينة
احدهم قال: هي من عاشقات الكنيسة
المهم انها عادت …
الى نفس الرصيف….
الى نفس الطريق تشق نفس الطريق…..
الى نفس الرصيف ترسم فوق نفس الرصيف…..
اختارت أن ترتدي نفس القميص
اختارت أن تشتري نفس المنديل
لم اعرفها …..
ارتدت ملابس المسيح
ارتدت ملابس الربيع
تفتحت كل الازهار على القميص
حجبت كل الاشجار لون حبيبتي في القميص
بعد ايام و خلال ايام لم اعرف
لماذا باعت المحلات ذلك القميص ؟
رباه من قطف الازهار من ذلك القميص؟
رباه من تكون صاحبة القميص؟
لماذا اختارت حبيبتي أن ترتدي ذلك الخمار البنفسجي؟
لماذا اختارت حبيبتي أن تخرج في ذلك الفستان البرتقالي؟
متى احست بذلك الحب الابدي؟
أين يسكن الحب الازلي؟
هل صحيح انها تسكن بين جبلين؟
هل صحيح انها تسكن بين نخلتين؟
هل صحيح انها تسكن بين نهرين؟
هل صحيح انها تسكن بين نهدين؟
بعد سنوات…..
عرفتها…
نعم رمقتها تعبر محطة القطار….
ساعدتها في الخروج من سكة القطار…..
أمسكت حقائب وجرائد ومجلات
تاهت بين المسافرين…
جلست وسط المدخنين…
خلت انها ضاعت وراء حب
ذهب به اخر المسافرين….
خلت انها تاهت وراء شخص
اختفى بين المودعين….
خلت انها كانت تبحث عن حب
احتفظ به اخر المدخنين
بعد ايام رأيتها تقطف وردة
بعد ايام رأيتها تجلس في فناء الشرفة
اعطتني ثوبها البرتقالي
اعطتني منديلها الرمادي
بمرور الوقت خارج الوقت…..
اعطتني عنوان كنيستها
اعطتني اسم مدينتها
اعطتني موعد سفرها
اعطتني موعد قطارها
تركتني قرب هؤلاء الاشخاص المدخنين….
أبحث عنها وسط الاشخاص المودعين…
تركتني قرب الاشجار
أبحث عنها وسط الاشجار….
تركتني قرب الاطيار
أبحث عنها وسط الاطيار….
تركتني وانصرفت دون اعذار
بعد عقود…..
عرفت ان لونها يشبه اشجار التفاح عند الشروق…..
عرفت ان لونها يشبه اشجار البرتقال عند الغروب…..
خطر لي ان امزق ثوبها بحثا عن احلى الثمار
سقطت نشوتي كما تسقط الثمار
سقطت دمعتي كما تسقط الثياب على ضفاف الانهار
خطر لي ان اقطف من ثوبها كل التفاح
نعم خطر لي ان اعتدي على اشجارها في البستان
خطر لي ان اعتدي على ابقارها ترعى في البستان
اغوتني اشجار البستان
اغوتني اشجار التفاح
اغوتني اشجار البرتقال
اغواني في اقصى البستان نهر كبير بين جبلين….
دخلت احداهن تستحم بين نهرين…
دخلت تستحم بين الجبلين…..
دخلت كاشفة عن النهدين كالتفاحتين…
هي دون فستان
اخذ الهواء اطراف الفستان
هي دون اشجار
اخذ البستان كل الاشجار
كشف النهر عن ثقب صغير في وسط الفستان
كشف الثقب عن لون الازهار في البستان
بعد عهود تتخللها عهود
ترك الثقب على الرصيف اكثر من نجمة تدل على نجمة
ترك الثقب على الطريق اكثر من نظرة تدل على نظرة
جاءت من اقصى المدينة فتاة البستان
شقت بصعوبة محطة القطار
كانت واثقة من شموخ القطار
هو قطار يشق المسافات القصيرة الى نهديها
كانت واثقة من من سرعة القطار
هو قطار يختزل المسافات الطويلة الى شفتيها…
كانت واثقة من قوة النار
هي نار وسط نار تشتعل على جبلين بين شفتين
كانت واثقة من براءة الابقار
هي ابقار ترعى على الجبل قرب ملتقى النهدين
او قرب ملتقى النهرين….
او قرب ملتقى الجبلين….
كانت واثقة من براعة عينيها
كانت واثقة من براءة يديها
كانت واثقة من سباق الخيول على أرض تفتح على نهديها
على أطراف شفتيها
اكتشفت بقايا جزيرة
على اطراف عينيها
اقتربت من تلك الجزيرة
شقت السماء بنظرتين حادتين كالسيفين قاطعين…
تمشي الى السماء واثقة في تلك السماء
تمشي الى النجوم واثقة في تلك النجوم…
تمشي الى القمر واثقة في تلك القمر
انشقت السماء من قبلتين
انشقت الارض من نظرتين
انشقت الارض الى نصفين
شدتني انهار جارية
شدتني اشجار عالية
اصابني ما أصابني من ذعر و هلع شديدين
قامت الدنيا من اجل نهدين…
قامت الساعة من اجل نهرين او نظرتين….
عصف رعد وبرق ….
هبت عاصفة تتخللها عاصفة فوق الرصيف
هرب المترجلون
هرب المدخنون
عاد المسافرون
عاد المودعون
وقف القطار عند السيفين فوق النهدين
اطفات ما بقي في السيجارتين
طردت ما بقي في محطتي من مسافرين اثنين
جمعت ما بقي في بستاني من نظرتين او دمعتين اثنتين
جمعت كل التفاح…كل البرتقال
طاردت النجوم …
بحثت عن بقايا النجوم
طاردت القمر
بحثت عن بقايا القمر
بحثت عن طعم التفاح والبرتقال في اقصى الخدين
نامت اشجار البرتقال
عادت اشجار التفاح
طار الثوب على أطراف النهر من نظرتين
طار الثوب على أطراف الجبل من دمعتين حارتين
طار الثوب وراء الثوب من قبلتين او من تفاحتين
غابت اشجار التفاح…
ينحني النهر على أطراف النهر من دمعتين
رمتني بتفاحتين
رمتني ببرتقالتين
رمتني بحجارتين
تركت على خدي دمعتين
تساقط التفاح امام النهرين
تساقط البرتقال امام النهدين
بعد ايام وسط ايام
بعد احلام وسط احلام
صرت اذهب الى نفس الشرفة …
صرت اجلس امام نفس الباب
صرت انتظر سقوط التفاحتين
صرت انتظر سقوط البرتقالتين
صرت انتظر سقوط الحب من الشرفتين
لم تخرج فتاة الشرفة من العينين
نعم لم تخرج عند ملتقى النهر بين النهدين
لم تخرج فتاة المسيح
لم تخرج فتاة الصليب
لم تخرج فتاة البرتقال
لم تخرج فتاة التفاح
لم تخرج طفلة البستان
نزل الثلج في اطراف البستان
نزل الدمع في ضفاف الخدين
نزل الحب من الشرفتين
انتظرت عودتها بين صلاتين
انتظرت عودتها بين وقتين او بين مغربين
اخيرا عادت ترعى الأبقار بين النهرين
اخيرا عادت تجلس بين مفترقين او بين مغربين
عدت اجلس في الشرفتين
اشتاقت عيني الى نظرتين
اشتاقت يدي الى برتقالتين
احداهن…
اشتهت ان تقطف من البستان تفاحتين
ساعدتها في تسلق الشجرتين
ساعدتها في الوصول إلى الشرفتين
بعد يوم او يومين
عادت كما يعود الثلج الى الخدين
عادت كما يعود الدمع الى العينين
عادت كما تعود الرياح الى الشفتين
دعتني الى صليب يرمز الى نبيها
دعتني الى حب مسيحي
دعتني الى حب بري
دعتني الى حب بنفسجي
قالت: انا على ديني من سلالة عيسى عليه السلام
دعتني الى شرفتها
دعتني الى كنيستها
دعتني الى قميصها
قلت: انا على ديني
الحب اخر ما تركه الانبياء
الحب اول ما قال به الانبياء
الحب ياتي مع الأمطار في السماء
الحب ياتي مع الاحلام
الحب يصعد الى اعلى الشرفات
الحب يسقط مع سقوط التفاح
الحب يسقط مع سقوط البرتقال
بعد ايام رفضت السقوط
فهمت انها كانت على دين المسيح
فهمت انها كانت تدافع عن حب المسيح
فهمت انها من فتيات المسيح لا تخرج عن المسيح
شدني اصرارها على الدعوة إلى سيدنا المسيح عيسى بن مريم
اقتربت من اعلام الكنيسة
اقتربت من اعلام البحر في السفينة
انتظرت وقت الصلاة امام باب الكنيسة
امام ابواب المسيح تجلس اكثر من فتاة تطلب الحب من سيدها المسيح
امام ابواب المسيح تجلس اكثر من عاشقة تطلب الحب حتى الموت من سيدها جبريل
جاء من اقصى الكنيسة رجل مؤمن
قال: انا عاشق ابن عاشق…حتى جدي عاشق مسيحي…
قالت طفلة المسيح:صدقت الرؤيا… كلنا نعبد على طريقة العشاق..
بعد ايام…..جاء كل العشاق قالوا:
تركنا المنديل على الرصيف….
وجدنا اكثر من ماء يدل على حلاوة الماء
تركنا القميص على الطريق…..
وجدنا اكثر من نهر لا يدل على بداية النهر
وجدنا اكثر من بستان لا يدل على نهاية البستان
ترك القميص في الشرفات اكثر من نشوة تدل على نشوة
فوق ذلك الرصيف عدنا
ارى الكنائس
ارى الجنائز
مرت جنازة وراء جنازة
تركتني امشي خلف الجنازة وراء الجنازة…
ارى بقعا من الزيت تدل على لون الزيت
ارى بقعا من السحب لا تدل على لون السحب
كل السحب التي تراكمت في عينيك مزيفة
كل الرياح التي عصفت على نهديك مزورة
كل الوثائق تخفي عدة وثائق
كل الجرائد تخفي اخبارك في الجرائد
كل العيون تخفي بقايا الحب في العيون
كل العيون بكت مثل الشموع
كل الشموس تخفي بقايا تلك الشموس
كل الدموع طارت مع الطيور
كل السيوف طاردت تلك القلوب
كل الكنائس تستقبل المطر…او بقايا المطر
كل المدارس اغلقت ابوابها
كل المحلات عرضت ازهارك
كل الامطار تخفي الرياح
كل الانهار تجري دون اتجاه
كل الخيول في سباق الخيول تعدو اليك دون سيوف
دون اهداف التقينا
دون اهداف انتهينا
دون اهداف بدأنا وانتهينا
دون نظرات وسط نظرات التقينا…..ثم افترقنا
لم يسأل احدنا الاخر: بم غفر لك؟
لماذا قطفت من الحديقة وردة؟
لماذا تركت في الكنيسة أجمل لوحة؟
لماذا قطفت من الخدين او بين الخدين دمعة؟
ارى في القميص اكثر من ثقب وسط ثقب
ارى في الكنيسة اكثر من قصة وسط قصة
كل القصص تشبه بقع الزيت في الارض
كل القصص تشبه دبيب النمل في الصحراء
كل القصص تشبه قطرات المطر في الرصيف او في الطريق
كل الروايات تشبه قطرات الزيت على الثياب
كل الروايات تشبه حبات الثلج في اعلى الجبال
تسكن حبيبتي في اعلى الجبال
تسكن في غابات الجبال
تحب صعود الجبال
كما تحب ان تنظر الى العشاق من أعلى الشرفات
قالت: حدثني شيخ منهم :….
ارى فوق تلك التضاريس والهضاب
قاصرات الطرف في الابراد
لم يطمثهن انس او جان
يحملن كؤوسا من العطورات
يحملن فؤوسا يقطعن الاشجار
ارى الجواري الكنس فوق تلك الاطلال
ينتفضن عاريات النهدين من الثياب
يعزفن قرب الكنائس اغنيتين او اغنيات
احداهن كانت تستحم بين نهرين
خرجت تستقبلني من الشرفتين
خرجت تودعني بين نهرين او بين نهدين او بين جبلين
احداهن اغوتني بثديين اثنين
احداهن ارضعتني بين نخلتين اثنتين
ارى اثر حصان يقتفي اثر حصان اخر
ارى اثر غزال يقفز بين هضبتين
ترك الحصان اثرا كالجرح في السماء
ترك الحصان اثرا كالحب او كالسحب في الصحراء
ترك الحب اثرا كالثلح في المساء
ترك الحصان اثرا كالفرح اول الصباح
ترك الحصان ثرا كالسيف يهز الرقاب
ترك المطر زخات وراء زخات
ارى فتاة بين نخلتين في الصحراء
ارى فتاة بين دمعتين في اقصى الصخراء
ارى فتاة تلتصق بالسماء
ارى فتيات كالاشباح في اقصى السماء
ارى حيات يختبئن في هضاب الصحراء
ارى الارض دون سماء
التصقت الارض بالسماء
التصق العشاق
ارى الحية تقترب من العشاق
ارى السماء تذوب في الصحراء
ترك الحصان الراكض الى السماء تلك الحيات
ترك الحب الى العاشقات
ترك الحب على أطراف القميص
او بين النهرين
او بين النهدين
او بين النخلتين
قبلات وسط قبلات
سقط حصاني ارضا في إحدى الغزوات
سقط سيفي في إحدى الغارات
سقط صليبي في احد المرتفعات
ارى اكثر من عاشقة وراء عاشقة
رايت احداهن تخاطب الغانيات
احداهن جلست مع المغنيات
بعد الفجر رايتها تبكي مع النادبات
امام ابواب الكنيسة غربا خرجت إحدى الحوريات
رأيتها شرقا فوق تلك المرتفعات
رأيتها غربا فوق تلك الهضاب والتلال
قالت: انا من سلالة ادم وحواء
خلق ادم من تراب
خلقت حواء من نطفة وسط نطفة بيضاء
غير بعيد اسمع أجراس الكنائس
فتح الحراس الابواب
رفع الجنود الاعلام
فتحوا النوافذ
فتحوا الابواق
اخذ شيخ منهم يرتل دعاء وسط دعاء
ارتدى كبير الرهبان قميصا سوداء
شربنا من كؤوس حمراء
سئمنا الكؤوس الصفراء
بدا الغناء
اقترب منها
وعدها بالبقاء
ابتعد عنها
لعن الفناء
حتى إذا نامت
حتى إذا أخذها نعاس خفيف
حتى إذا نزل رذاذ خفيف
سقاها شرابا كالنبيذ
سقاها شرابا كالزنجبيل
احد الرهبان رفض كاسا او كاسين من النبيذ
احتجب في الارض يبكي على فراق الارض
التصق احد الرهبان بالارض وسط الارض
خاطب النجوم كأنه جزء من تلك النجوم
خاطب الطيور كانه جزء من تلك الطيور
اسمع فوق الكنائس زقزقة الطيور
تذكرت الدود ياكل القبور
تذكرت الافعى تتسللل الى سكان القبور
اسمع انينا وراء انين او نحيبا وراء نحيب
ارى النادبات من بعيد
ينفضن التراب وراء التراب
استغربت من النادبات
هن يرتدين أجمل الثياب
هن يخرجن امام الكنائس متبرجات وضاحكات
يحرقن الفضة والذهب والالماس
احداهن لم ترتدي الذهب
تحب الألماس
احداهن لم ترتدي الذهب
تحب الفضة الصفراء
احداهن لم ترتدي الفرح
تحب الحزن
احداهن تحب الحزن والفرح
احداهن تحب الخير والشر
احداهن تحب الذهب والفضة والالماس
بعد يوم او يومين
طار قميصي مع الطيور كانه يعرف اعشاش تلك الطيور
طار قميصي مع اسراب الحمام يبحث عني وسط أسراب الحمام
رأيت اكثر من راهبة تخاطب راهبة
رأيت اكثر من راقصة تخاطب راقصة
رأيت اكثر من حمامة تنادي حمامة
جلست عاشقة عذراء امام باب الكنيسة
جلست عاشقة غيداء امام باب المدينة
اغوتني قصتها….فضتها…
اغرتني شجرتها
قطفت نظرة …نظرتين
لم يسمع ادم كلام سيد الانبياء
قالوا:
لا تلمس تلك الشجرة
ثمارها حرام عليك الى يوم القيامة
لا تلمس تلك الانثى
نهداها….ثيابها……حرام عليك الى يوم الساعة
الاهي….. سقطت في الحرام
اغوتني نفسي اكلت من الثمار
اغوتني نفسي وضعت السيف بين النهرين او بين النهدين
الاهي….. اغوتني قطرات الزيت في القميص
امهلني يوما او يومين
قد اتوب عن النظر الى القميص
اريد تكفيف الثقب العميق في القميص
اريد تضميد الجرح العميق في الرصيف
اغوتني قطرات المطر في القميص
اغرتني طفلة الامطار تطلب المسيح
بعد الغروب اخر الغروب
خرج أطفال وراء أطفال
خرج شيوخ وراء شيوخ
ساروا في موكب بهيج خاشع يحملون البخور
ساروا في موكب ساطع يحملون الشموع
طار حمام وراء حمام
رأيت الحراس يعبدون الاصنام
رأيت الفرسان وراء الفرسان
رأيت مصر القديمة
رأيت مصر هبة النيل
فاض نهر النيل
غرقت ابواب الكنيسة على أطراف النيل
غرقت فتاة النيل على أطراف النيل
جاء العشاق يبكون
جاء الكهان يضحكون…يرقصون ….يغنون….
قالت إحدى فتيات النيل: انا من قوم بني اسرائيل
قذفتني السماء الى الارض قرب نهر النيل
انا دون اب أبحث عن اب
انا دون حب أبحث عن الحب
انا دون شعر أبحث عن قصائد الشعر
انا دون كتاب أبحث عن كتاب
انجبتني السماء
قذفني النهر داخل مياه النهر
وعدني النيل بالحب وسط الحب
تقول الاسطورة:
اعطتني الارض من اشجارها ثمارا
اعطتني الارض من احجارها اصناما
لا اعرف اسمي أبحث عن اسمي
لا اعرف ابي أبحث عن ابي
لا اعرف امي أبحث عن امي
هو قال:
اعطتني الارض اسما لا اعرفه
اعطتني امي حبا لا اعرفه
وضعتني في نهر ما اجمله
لا أتذكر اسمي
لا أتذكر ابي
لا أتذكر اهلي
لا اعرف أرضي
لا اعرف قصتي
اجهل حسبي
كما اجهل نسبي
من وضعني في النهر؟
من القاني في مياه النهر؟
لماذا رفضوا الاعتراف بحبي؟
لماذا رفضوا الاعتراف باسمي؟
هم قالوا: انت من أرض بين نخلتين
هم قالوا ما قالوا: انت من أرض بين نهرين
هم اكدوا ان الاسطورة قالت : انا من نخلة حرام تمرها
انا من نهر حرام ماله
انا من شجرة حرام ثمارها
احدهم أكد لي قائلا: لا تحمل على ظهرك الجبال يا اخي
جاءت بك مريم العذراء
سالتهم: ومن تكون مريم العذراء؟
قال: الجميع يعرف انها من قوم بني اسرائيل
اعترفوا جميعا:حملتني امي تحت جذع النخلة
هي قالت:قذفت بك مياه النهر غربا و شرقا
ضاقت بك الارض
ارتكبت امك جرما عصيا
قذفك النيل الى مصر القديمة
انت عبرت النهر سباحة
قالوا: انت اسطورة
تركتني امي
لم اجد ابي وامي
قتل فرعون حبيبتي
قتل كل العشاق في ارضي
حرم العشق على اهلي
حرم الصلاة والسلام على الانبياء قبلي وبعدي
عاث فرعون في الارض فسادا
تجبر….تكبر
قال: انا ربكم الاعلى
عاقب كل عاشقة عذراء من نسبي
قتل كل ذكر تسلل من مياه النهر الى ارضي
اختلى بالنساء في أطراف قصري
على ضفاف الانهار و وسط الانهار ….
أراد أن يغتصب جسدي
أراد أن ينهتك عرضي
اعجبه الثقب في قميصي
اعجبه التمر يتدلى في نخلتي
اغوته قطرات الزيت على شفتي
بعد ان حكم العاشق الجلاد مصر لعقود
نشر الرعب في النفوس والقلوب
امر جنوده
اقتلوا كل الذكور
طاردوا كل الصقور
بعد حكاية وسط حكاية
نسي فرعون اخر حكاية
تقول الحكاية:
ترك فرعون كل انثى تعبد الاصنام
هو لا يغار على النساء من تلك الاصنام
هو لا يغادر تلك الاوهام
هو لا يجادل تلك الاوثان
تركني وسط اصنام لا اعبدها لا اعرفها
تركني وسط احلام ما اجملها
تركني وسط النهر اغرق في مياه النهر
جاء يوم المخاض
خافت امي
ذهبت إلى النهر تسأله عني
جاءها صوت وسط صوت
لم تعرف من قال: انا المسيح ابن مريم
قالت: انا مريم العذراء
لم يلمسني بشر
ماكنت فاجرة او عاهرة
انا اعبد ربي
نزل مطر خفيف
رفض فرعون قصتي
رفض كتابي
رفض ولدي
رفض دعوتي ان يسجد الى ربي
قال: انا املك السماء والأرض والنجوم
انا ملك مصر
انا جلاد مصر
حتى النجوم تعبدني
حتى الأمطار تهطل باذني
حتى النجوم تعلقت في السماء باذني
امر جنوده بتعذيبي
رفعوني فوق لوح محفوظ
اندفع الجنود الى تعذيبي
امر جنوده بقتلي
لم يعترف بولد ذكر من صلبي
لم يعترف بحكمي او بضنوتي
تمرد على حكمي
رفض برهاني على ذكر من بطني
رفض معجزاتي
قال: انت فاجرة
انت عاهرة
لم اعترف له باثمي
لم يعترف لي بولد من صلبي
قال: انت عاقرة
امر الجنود بجلدي
سألني احدهم: ما برهانك يا اختي؟
قلت ولد من بطني
لم يصدقني
رفع السوط على جسمي
ظن انه يضربني
ظن انه يعذبني
ظن انه يعشقني
لم يعرف ان السوط لا يضرب جسمي
قال:
من أعطاك ولدا ذكرا؟
من سقى نخلك؟
اعترفت له بمعحزتي : جاءني المخاض تحت جذع النخلة
وقع المكروه
رفض معجزتي
وضع سنان السيف على رقبتي
قلت :
يا ويلي كيف اخرج امام قومي؟
اي الاسماء اختار لك يا ولدي؟
اي الالقاب اختار لك يا معجزتي؟
من سيصدق معجزتي؟
من سيختار عنوانا يحمل اسم قصتي
لم يصدق قصتي…رفض قصتي..
ارجوك ما جاءني المخاض الا بأمر …الا بحب
فجاة
جاءني امر سماوي
ان القي ابنك في النهر
ماكنت لارفض طلبا من ربي
ارضعت ولدي امام النهر وتحت النخل
ثم حملته مياه النهر الى آخر النهر
هربت من اهلي أبحث عن اهلي….
بعد ايام عدت الى النهر انتظر عودة ابني
جاء المسيح ابن مريم
قال اهلا بأمي سلام عليك
سلام على قومي
لم يعترف به قومي
امرت فرعون ان يعبد ربي
رفض ان يعترف بحبي
قال مستغربا : ماحجتك يا طفل النهر وسط النهر؟
قلت : انا صبي تكلم في المهد
استطيع احياء الموتى بأمر من ربي
لم يصدق دعوتي
رفض دعوتي
قال مستنكرا:
الم تات امك اثما بغيا؟
الم تلدك امك تحت جذع النخل خفيا؟
اغرب عني انت ساحر لا تملك في الارض نبيا
جاءني امر الله
انقلبت العصا افعى تدافع عن معجزتي نبيا
تكلم الصبي في المهد
قال: انا عيسى بن مريم
جئت الى الارض بأمر من الله عتيا
ارى امام الكنيسة أطيافا وسط أطياف
ارى خيالا وسط خيالات
ارى انوارا وسط انوار
ارى جنودا وسط جنود
نزل المسيح من عرشه فوق عرشه
قال:
يا أطفال الكنيسة
يا أضواء المدينة العتيقة
سلام عليك
سلام على مدينتك
ظلت طفلة الكنيسة تصلي وسط ظلام الكنيسة
وضعت وشمين على الفخذين وراء النهدين
أمسكت ضنوتها بين يديها
كانت الساعة تتراوح بين الفرح والحزن
كانت الامنيات تتراوح بين العقل والقلب
حلقت الاطيار فوق كنائس الصباح
هم:
ما اعترفوا بشعري
ما اعترفوا بحبي
بحثوا في النهر عن ابني
هي:خلصوني من بقعات الزيت في القميص
خلصوني من بقايا الوشم في اليدين او بين النهرين
خلصوني من صريخ الصبي بين نخلتين
خلصتها من السيفين يشقان النهدين
جاء كبير الكهان
هو : تلك عاشقة
صلبوها على اللوح
علقوها في السماء
هو : بم غفر لك؟
هي: خلعت ملابسها في المعبد
أشعلت النار في ثيابها
قالت: انا على طهارة
ارتفعت السنة اللهب
احست بعذابي
اعترفت بعشقك
اعترفت بمعجزتي
طلبت ان تستح في النهر
نعم جاء وقت المغفرة
قالت: اريد الصلاة
دخلت الى الكنيسة
توضات بكوز من ذهب
خلعت اساورها الذهبية
انحنت امام الصليب
انحنت امام الحديد
شربت كاسا او كاسين
طارت مع الحمام وراء الحمام
عادت مع الفجر تبحث عن الفجر
كانت السحب وسط السحب داكنة
كان الطقس يرتدي غيمة وسط غيمة
كانت الدكاكين تستقبل صمتي
كانت المغازات تبيع ما تبقى من فرحي
تمر على قارعة الطريق اضغاث احلام خفيفة
هناك جنوبا اغلقت الحانات ابواب نشوتي
اتسلق نوافذ الحانات شمالا
تظهر عروس تجلس في شرفة
تنثر الورد والعطر
تراقب من يعبر الطريق وسط الطريق
غمزتني بنظرة
ترتدي ملابس انيقة
ترتدي الحزن
ترتدي الفرح
حلقت اسراب النورس فوق يديها
حطت على نهديها
جمعت أشواقي وسط أشواقي
جمعت أحلامي وسط احلامي
سرت في الطريق أبحث عن منتهى الطريق
سرت في منتهى الطريق
سرت في منتهى النشوة
خطر لي خاطر
طلبت منها سيجارة
اعطتني سيجارتين
طلبت منها نظرة
اعطتني نظرتين
طلبت منها قصة
اعطتني قصتين
طلبت منها دمعة
اعطتني دمعتين
طلبت منها زهرة
اعطتني زهرتين
طلبت منها ولاعة
اعطتني ولاعتين
طلبت منها لوحة
اعطتني لوحتين
بدأت ارسم على ضفاف نهرين او بين نهدين
بدأت اكتب على ضفاف نخلتين او بين نخلتين
تنحني النخلات
تطير الحمامات
تطير النحلات فوق النخلات
يصعد الحب الى الشرفات
شدتني ازهارها في الشرفة
شدتني احلامها البرية
الحب زهرة برية
شدتني الوانها البنفسجية
اغوتني نظراتها البرتقالية
اغراني جلوسها تطل من أعلى في الشرفة
رمقتني بنظرة
وعدتني بالحب في اقصى الشرفة
اعطتني التفاح في اقصى جنتها
اعطتني اشجار حديقتها
اعطتني ثمار نشوتها
اعطتني اطيار كنائسها
اعطتني السماء والنجوم والقمر
رباه ما شكل السماء وما لون القمر؟
خلت انها تمتطي خيولي صعود الى القمر
خلت انها كانت تنتظر سقوط نشوتي مع زخات الامطار
علمتها صعود الجبال
علمتها تسلق الاشجار
اكتشفت صعود نشوتي الى اقصى الجبال
اكتشفت سقوط نشوتي وسط الانهار
خلت انها تاهت وراء النجوم في كبد السماء
شدني قميصها الأحمر
شدني كتابها الأحمر
شدني تفتحها الأحمر
تظاهرت انها تقطف الازهار في البستان
تظاهرت انها جاءت تستعير ذلك الفستان
تظاهرت انها تقرأ جرائد المساء
تظاهرت انها كانت تنتظر حافلات المساء
فات موعد الحافلات
عاد كل العشاق
سئمت الانتظار
سئمت الاقلام
اغراني جسدها
اغواني صمتها
فكرت ان اقترب منها
فكرت ان ابتعد عنها
نظرت الى ساعتها
تاخرت ساعة النشوة
تأجل الموعد
تأجل الفراش
توقف القطار
نزل كل المسافرين
نزل كل المدخنين
رجع كل المودعين
لم تكن سعيدة بالوقت
لم تكن تحب التأخير في الوقت
فاضت النشوة
امتطت سيارة تاكسي فاخرة
غادرت الرصيف
تركت رقما ينقصه رقم
تركت عنوانا لا يدل على عنوان….
بنقردان – جنوب تونس