التعالي واللا تكبر ما بين رفع الانف وارتداء الموتانتي
مما يثير استغرابي الشديد هو اعتبار سلوك رفع الانف من طرف أي شخص أنه متعالي على من حوله ومتكبر، حيث يوحي للأغلبية ذلك.
لكن التجربة والحقيقة قد تقول غير ذلك اي أن الشخص ليس متعاليا ولا متكبرا وهذه الخاصية النادرة ناتجة عن عدم تعاطي الشخص موضع الوصف بالتكبر ، لأفة السجائر كون المتعاطي للسجائر اي المدخن لا يستطيع رفع انفه من جراء احتياجه المكرر للتعاطي، فهو يحسب الف حساب لساعة لا يجد بها المال الكافي لشراء علبة سيجارة فيضطر او أنه تعود أن يضطر يوما أو مرارا لتجربة طلب (شحاذة ) اللفافة (السبسي) من غيره ممن هم حوله كمدخنين ولا يرفعون انوفهم، وبالتالي لا يمكن ابدا أن يرفع انفه امام من اعطاه السيجارة او المال عند الحاجة، وهكذا تعود امام كل من اعطاه شيئا، وما اكثر المدخنين للسيجارة ،والمدمنين لآفة الحشيش كذلك، وهذا النوع من الدين والاستدان انت لا تستطيع رفع راسك فما بال عينيك وانفك امام من اعطاك سيجارة يوما او لفافة حشيش او مبلغا ماليا في وجود ازمة سيولة وازمة نقدية، وازمة ايجار وازمة جوع أساسه ازمة قيم ومبادي وموروث ثقافي
إذا من كثرة ظاهرة الاحتياج والحاجة لا يستطيع الأغلبية رفع رؤوسهم فما بالك بأنوفهم حيث ينزل (يواطي) الشخص انفه، في حالة روتين معيشي ارتضاه غصبا عن أنفه.
وهذا المشهد أصبح سائدا، فيما عدا عند البعض النادر ومنهم ذاك الشخص الذي هو
حر عصران(يعتمد علي نفسه)، الذي تشرب امثالا موروثة ومنها المثل الذي جاءنا من هجرات اليونان القريت، والذين فروا كفلاحين مثقلين بالدين عند الطبقات الارستقراطية والاقطاعية اليونانية ليمتزجوا بسمان ليبيا ويتصاهروا وينقلوا موروثهم واهم مبادئهم الينا ومنه المثل والذي يقول (اليد التي تعطيك يوما ، هي من تستطيع ضربك واذلالك ) وبالتالي هذا المثل النادر والذي ورثناه مثلا عن ابائنا، والذي حذرونا صغارا به لتوضيح خطورة مسلك الدين والاستيدان الشديدة، والتي تبدأ من تنزيل الانف، ثم الاختفاء عن الدائن او التعنت والتعصب مع مجموعات تتشبع بالقيم الفاسدة
مثال آخر..
كنا عندما نطرق باب منزل استاذنا المصري نهاية السبعينات، بخرج علينا، كمعلم كادح (وكال عيش) وكان ابنه الافطح الأبيضاني من جراء عدم خروجه للشارع واللعب معنا، يخرج مع والده ليستقبلنا وهو في نفس اعمارنا ولا يستطيع فتح عينيه في ضوء الشمس حتى، لان حكومته النامية كانت مثقلة بالديون، الان يخرجون علينا الشباب المصري في الشوارع والطرقات بالبنطلونات القصيرة، أي بالعامي (بالفلاقي) الليبي بـ(الموتنتيات)، ليس برفع الانف فقط!
وبالتالي الشخص، الذي يتسم برفع الانف والذي هو نادر الوجود، بسبب ندرة من لا يدخن ولا يتعطي حشيشا من حولنا هذه الايام.