شخصيات

علي الرقيعي…شاعر عاش يتيما ورحل قبل الآوان

الطيوب

الشاعر علي الرقيعي

يتزامن هذا اليوم مع حلول الذكرى الـ55 لرحيل الشاعر الليبي القدير “علي محمد الرقيعي” الذي ذاق قلبه مرارة اليُتم باكرا بوفاة والدته واختطفته المنيّة بغتة جراء حادث سير مروِّع وهو بعد لم يكمل عامه الثالثة والثلاثين عام 1966م من القرن المنصرم، فقد شهدت مدينة طرابلس ميلاده ونشأته وترعرع سنواته الأولى فيها وتحديدا في شارع دنون بمنطقة الظهرة عام 1934م،ولظروف الفاقة والعوز لم يتمكن من استكمال دراسته الثانوية مما دفعه ليخوض درب العصامية ويُثقف نفسه بنفسه متخذا من الكتاب خير خليل له في الأنام، واشتغل محاسبا في وزارة الصحة ثم انخرط لاحقا في العمل بالإذاعة المسموعة ليعد ويقدم باقة من البرامج الثقافية والأدبية من أبرزها (همسات الليل)، كما انتسب بعضويته لنادي الشباب ومارس النشاط الرياضي كلاعب جناح أيسر في فريقي الأهلي طرابلس والطليعة.

وواقع الوطن وقتذاك الملبد بالأوجاع فاقم من مشاعر التمزق والقلق في نفسه ليخرج شعره مبللا بالبحر ومصابا بعطش الرمال، ويُجمع الكثير من المتابعين للمشهد الشعري الليبي أن تجربة الرقيعي الشعرية تميّزت بخصوصية فريدة وكان لها تأثير مفصلي في تاريخ الشعر الليبي المعاصر من خلال ما نشره من دواوين استطاع بها الشاعر أن يُطوِّع من أبجدية اللغة خدمة لقيمه الجمالية فيكتسي قصيده بشجن عال ومزيج قاس بين الوحدة والوجد ليُصنّف على ريادة الشعر الليبي الحديث، وأصدر أول ديوان بعنوان (الحنين الظامئ) عام 1957م تلاها دواوين (الليل والسنون الملعونة) عام 1966م، و(أشواق صغيرة) عام 1966م، ونشر نتاجه الإبداعي في عدة صحف ومجلات منها ، طرابلس الغرب وصوت المربي.  

كتب الشاعر علي الرقيعي

ونقتطف من حديقة شعره أبيات من قصيدة الحنين الظامئ

يا حبيبي يا منى النّفس، ويا رمزَ انشراحي

فجِّرِ البسمة في روحي، وفي عمق جراحي

أنا في شوقي أغنّي لأزاهير الصّباح

للهوى الحالم، للذّكرى بمفتون الصّداح

كلّما هيّجني الوجْد تناسيتُ وجودي

سابحًا في غمرة النّجوى مع الماضي الشّهيدِ

حيثما مرّت بيَ الأطياف في رفقٍ وئيد

أرفع النظرة محزونًا وأرنو في شرودي

عانقت روحيَ أشجانَك في شوقٍ كبيرِ

فسَما بي حبكَ الوالهُ في رحب الأثير

لمغاني الضّوء، للنّور، وللفيء الغزير

واحتوتني نشوةٌ عذراءُ من طُهْر الشّعور

ذوّبي النّشوة في قلبي الّذي حنّ إليكِ

واسكُبي إكسيره الحاني منًى من شفتيك

نخبَ أحلامٍ وآمالٍ رهيناتٍ لديك تنشُد الفرحة

والبِشْرَ الذي في مقلتَيك فهْو روحٌ صاغها الله أزاهير اللحونِ

فتُغنّي خفقة النّجوى وأشواق الحنين

وهو لحنٌ راعش الهمْسة مخمور الفتون

مفعم الشَّدْو، ومطراب الصّدى حلو الشّجون

آهِ كم ألهمْتِني البشرَ الرحيم الشاعريّ !

وربيعي الريّقُ الزاهر ريّانٌ لديّ والمنى واللطف

والأحلام تسبي ناظريّا آهِ لو عادت سويعات اللِّقا العذب إليّ

أنتِ رؤيا من رؤى الفردوس في قلب التَّقيِّ

أنت دوحٌ شعشع الفتنةَ من نورٍ وفَيّ أنت أُغرودة نايٍ مستهامٍ

عبقريّ يمزج الفرحة والنشوة في لحنٍ شجي.ّ

مقالات ذات علاقة

السندباد الذي رقص حافياً

رامز رمضان النويصري

البوري في ذمة الله.. الكلمات لا تكفي في رثاء منصف

شكري السنكي

القوريني

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق