قراءات

علكة بوشناف والمشروع النهضوي العربي

فوزي عمار

رواية العلكة لمنصور أبوشناف
رواية العلكة لمنصور أبوشناف (الصورة: عن موقع القراءة حول العالم)

اطلعت مؤخرا على رواية العلكة للكاتب الليبي منصور بوشناف ورغم أنى قرأت الرواية في زمن رحلة طائرة في حدود ثلاث ساعات فكانت القراءة أقرب الى المسح منها إلى القراءة النقدية بعمق وذلك لسببين: أولا لجمال السرد عند بوشناف.. سرد مختزل بجمع التاريخ والفلسفة وعلم النفس.. البعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وثانيا النقد الأدبي له أهله من المتخصصين ولست منهم.. لذلك لن اخوض في أحداث الرواية ولا شخوصها.. ولكنى كمشروع قارئ أحببت أن أدلي برأيي بصورة عامة وبسيطة في رواية العلكة لكاتب ليبي اراه من مصاف كتاب وصلوا إلى الانتشار عربيا وربما عالميا مثل الصادق النيهوم واحمد ابراهيم الفقيه وابراهيم الكوني. علما بأن رواية العلكة قد نشرت بترجمتها الانجليزية ايضا.

طالع: قراءة في رواية العلكة للكاتب منصور بوشناف ( رواية العلكة، انتحار ياسوري كاواباتا )

العلكة رمز لتكرار الفعل دون نتائج فهو مجرد مخض الماء دون خروج أي منتج.. مجرد شكل دون مضمون.. قول لا ينتج فعل.. سياسيا العلكة هي العمليات التي لا تتوقف دون مخرجات رغم أنها تستنزف المال والوقت على غرار ميزانيات الدول العربية الضخمة كل سنة التي لم تنقلنا من موقعنا خارج التاريخ منذ سقوط غرناطة. فمضغ العلكة حركة مكررة اشبه بسياسات الحكومة العربية مثلا التي تبدوا مشغولة باللا شيء وأهداف المواطن العربي التي لا تتحقق رغم انتظاره لسنوات… يمر العمر في انتظار الفرج ولا شيء يتغير سوى تكرار الوهم والذهاب والمجيء والوعود التي تتلوها وعود ولا شيء يحدث على الأرض.

يقول الاخوة في سوريا: (حكيك علاك مصدي) اي لا منتج من وراءه. ويقول الاخوة في السودان: (كلام ساكت) اي بدون فائدة.  المشروع النهضوي العربي اغلبه كان (علكة) ولغة اعتباطية وكلام لا يقول اي كلام. فلا المشاريع السياسية سواء ما طرحته أحزاب اليسار او أحزاب اليمين قد انتجت أهداف ذات قيمة ولا مشاريع الاقتصادية ذات قيمة مضافة أدت إلى تراكم الثروة بل مازلت الحكومات غنية والمواطن فقير. لقد فشلت معظم المدارس المستوردة وكانت اشبه بعلكة وتكرار للفشل واستعمال نفس المدخلات التي أنتجت نفس المخرجات البائسة لعقود طويلة.

طالع: سراب الليل، العلكة، التي تتأبّي علي الفهم

علك المثقفون العرب مشاريع الحداثة وما بعد الحداثة ومفرداتها ونقلها قصرا خارج سياقها فأصبحوا مثل السيدة التى ترتدي معطف الفرو في الصحراء الكبري.. وبدل من يقود المثقف الشارع.. أصبح الشارع متقدما على المثقف بل إن المثقف أصبح يتبعه ولا يقوده رغم علكه وتكراره لنفس العلاك لسنوات طويلة.

الإعلام العربي هو علكة ايضا سواء إعلام الحكومة او إعلام الخواص الغرضي الساعي للسلطة من خلال ابتزاز الآخرين واغتيال الشخصية المنافسة. وهي على ذلك من عقود دون إنتاج وعي حقيقي. ويبقي الإعلامي والكاتب العربي يمتلك البلاغة دون تبليغ.

اخيرا اقول: العلكة هي الإيحاء بالحركة بديلا عن الحركة سواء في أهداف الحكومات العربية او أهداف المواطن العربي معا. هذه الزاوية التي نظرت إليها في القراءة السريعة لرواية العلكة للكاتب الليبي منصور بوشناف التي يمكن للبحاث والنقاد إيجاد زوايا نظر كثيرة لما يحتويه النص من أبعاد عده مختزلة بشده داخله.

مقالات ذات علاقة

من أراد أن يقرأ ليبيا فليقرأ رواية “صرا خ الطابق السفلي:للأديبة الليبية د فاطمة سالم الحجى ..

المشرف العام

الحُلم في “زَهرةِ الرِّيح”

يونس شعبان الفنادي

(من حصاد العمر) يكشف رسائل الشيخ عبداللطيف الشويرف إلى العقيد معمر القذافي

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق