وائل عقيلة
إذا لم أتمشى بمحاذاة نهر، أو أتعثر صدفة في حب فتاة لا تعرف كيف تحكم على الإنسان من خلال الماضي. إذا لم أشاهد دفعة واحدة حفلة موسيقية كلاسيكية في مسرح آسر، أو أتمشى برفقة أصدقاء لا يفضلون أن يكون لجنونهم حدود. إذا لم أجلس في مقهى وأكتشف أن المشاعر التالفة يمكن أن يعاد تدويرها فيه، أو لم اقرأ كتب أتعلم منها ليس أن تكون مثقفاً بقدر ما أن تكون جديراً بالحياة..
فلماذا أعيش هذه الحياة إذاً؟ في مدينتي الزاخرة بكل ما هو سيء لا يمكن أن تخوض بعض من هذه التجارب. ما يجعلني صابراً ومتمسكاً برغبتي في الحياة هو حبي للقراءة والكتابة والمشاهدة. لا تتوفر في مدينتي مظاهر الحياة التي توحي بأن مستقبلك سيكون أفضل. لا تتوفر فيها التفاصيل التي يبحث عنها الكاتب للكتابة عنها بكل حب. تتوفر فقط تفاصيل مرعبة، فظيعة وتدعوا الكاتب لكي يكتب من أجل أن ينتقد، يشتم، يلعن اللحظة التي فاز فيها في سباقه مع الحيوانات المنوية الأخرى. في مدينتي التي تشبه مسرحاً للصراعات والثورات لم تصل بعد إلى مرحلة الأمان، السلام، لم تصل إلى مرحلة نقول فيها إننا نعيش كما تعيش الشعوب في دول العالم الأول. لم تتاح لي الفرص للرحيل وترك هذه الحياة المحدودة التفاصيل خلفي. لو أتيحت كنت قد رحلت كما يرحل الإنسان البدائي باحثاً عن مكان أفضل.