المقالة

ديالكتيكياتي (جدليات فكرية فلسفية) 3

من أعمال الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

جدلية الفوضى والنظام وانقلاب المعايير

عندما تنقلب المبادئ والمفاهيم عقبا فوق رأس ثم تعتاد الاجيال على تطبيقها بطريقة معكوسة جيلا بعد جيل. اذن علينا أن نحتمل انهيار الدولة تدريجيا، وعلينا أن نرضخ لما هو أسوأ من ذلك بكثير، كأن تأتي المنظمات الدولية العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة بحجة الوصايا الدولية لتؤهلنا جذريا وتعيدنا الي النظام اي تعيد الرأس فوق في مكانه والعقب تحت في مكانه الطبيعي كذلك.

وسأستعين بمثالات توضيحيا لمعرفة كم هناك خلطا في حكمنا في بعض المواقف المتكررة وهذا المثال هو عبارة عن قصة قصيرة جدا بعنوان (رغيف)

تقول القصة: 

لم ينتبه أغلب المارة أن أحد الواقفين في طابور مخبز الحي، لا يصل الي شباك المبيعات!

يقف كعادته كل يوم وباحترامه، حاملا كيسا فاخرا، ولا يصل !، لكنه يصر على الاحتجاج بشجاعة وغضب ضد زمرة من المشاغبين النرجسيين والذين لا يعترفون بالنظام، فيخترقون المقدمة بمساعدة كبار الحي، أو بمساعدة نساء الحي، أو بمساعدة صغار الحي، أو بمساعدة فتوة الحي!

 الطابور قصيرا جدا، وبرغم ذلك صاروا يخترقون الصف، ليلتهموا كل الأرغفة، وعندما يصل المحترم وغيره من المحترمين الي شباك مبيعات الخبز يجدونه وقد نفد!

أما المشاغبون الذين وصلوا لمقدمة الطابور، قد برروا وصولهم بأن المحترمين لا يعرفون اللياقة فهم فوضويون يعلون اصواتهم ويسببون الضوضاء، وبالتالي هم لا يستحقون شراء الخبز بنقودهم حتى، كونهم متخلفين غير متحضرين لازالوا متمسكين بالاسم القديم للخبز فهم يصرون على تسميته بالفردة.

انتهت القصة التي اوردناها في السياق كمثال لنبين للقارئ كيف أصبح الانسان المحترم صاحب الكفاءة والذي يملك كل ادواته لا يصل الي هدفه ومبتغاه، وأمسي هو الفوضوي!

وأصبح المتسللون للمقدمة بالواسطة أو الشللية أو الجهوية أو القبلية هم المقررون للمصير.

فهذه الزمرة تمثل المسؤولين وكيف يتحصلون على المناصب بفوضويتهم الصارخة، وكيف هم من يقرر أن المحترمين فوضويين وغير حضاريين لإبعادهم عن حقهم في الرغيف الذي يأتي هنا كرمزية للهدف أو الغاية أو الطموح!

تمت المقاربة.

اذن من جراء هذه المشهدية العبثية التي أصبحت متلازمة مرضية في بلادنا علينا أن نتقبل التدخل الدولي والأممي في بلادنا بداعي الوصايا التي يقرها الفصل السابع في بنود الأمم المتحدة

أن كيفية وصول بعض الاشخاص بطرق فوضوية بدون كفاءة وتناسيهم ذلك واحتكارهم للمسؤولية بطريقة مزمنة وتقييمهم لمن هو أجدر منهم بمعايير معكوسة تتسبب في انهيار النظام..

مقالات ذات علاقة

اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية

مهند سليمان

شجـون لا شواغـل

كميلة بريدان

عام المرأة الليبية الروائية!

فاطمة غندور

اترك تعليق