قصة

هروب

من أعمال التشكيلي عادل الفورتية
من أعمال التشكيلي عادل الفورتية


أطـــــــلالٌ

طرق الباب برفق، لم يجد جوابا، اكتشف أن الباب غير محكم الإغلاق، قــرر أن يدخل بخطــوات مترددة، صعد سلم الحديقة المؤدي إلى الباب الخشبي للبيت، وجـده مفتُوحاً، لا يُوجدُ أحـدٌ هُـنا، كان هذا البيتُ يوماً يَسْتَوْلِي على مكانةٍ أثيرةٍ في قلبه، تحوَّلت جُدرانُ البيت إلى أطلالٍ مُخبَّأةٍ في ذاكرته، تحملُ كُلٌّ منها قصَّة لمْ تُرْوَى لأحدٍ بعـدُ، عن طفولته وشبابه، عن عذابات عُمرٍ مضى، ولحظـات نزقٍ ذهبت ولن تعُـود، سلَّم على أرواح أهـل البيت جميعاً، قـرأ لهم فاتحة الكتاب، “اقبعُـوا فيه بلا حياةٍ، فقد أخذتُ منهُ كُلَّ ذكرياتي، وحزمتُ أمتعتي مُنذُ زمنٍ، ولم أسـأل أحداً، فعليكُم سـلامُ الله، إلى أنْ تلتقي الأرواحُ.. وتتعـانق شـواهـدُ القبُـور”..   


هُــرُوبٌ

خُطُوبَةٌ تقليديَّةٌ، ومراسمُ زفافٍ نمطيَّةٍ، علت الزَّغاريدُ البَيْتَ، طارت أُمُّهُ فَرَحاً بِعَرُوسَتِهِ الجَمِيلَةِ، بدأ حياته الزَّوْجِيَّةَ بِلاَ تَرْتِيبٍ، لم يكُن مُستعدّاً لنقلةٍ كَهَذِهِ مِنْ قَبْلُ، انهمرت المسؤُوليَّاتُ عليه كزخَّات مَطَرٍ بِلاَ توقُّفٍ، أنجبت زوجتُهُ أوَّل مولُودٍ لهُمَا، استقبلهُ بشكلٍ عاديٍّ، استغرب الجميعُ، بحثُوا عنه في كُلِّ مَكَانٍ، لمْ يجدُوهُ، وسط صُراخ طفله المُتواصل، ودُمُوع زوجته المُنسدلة على خدَّيْهَا بِهُـدُوءٍ ثَائِرٍ.


سُـــــؤالٌ؟

سألتني أمِّي ذات مرَّة عـن “الحُـزن”: ما كُلُّ هذا الحُزن الذي تحملُهُ يا ولدي؟، فأجبتُها دُون تفكيرٍ: صديقٌ قديمٌ زارني مُدَّة ثمَّ غــادر!….

فـرحت أمِّي تلك الليلة، ونامـت سعـيدةً.  

مقالات ذات علاقة

المساء الأخير

خديجة زعبية

حكمة

محمد المسلاتي

تـعـوّد

مفتاح العلواني

اترك تعليق