

مصلحة الكُل لا تكمُنُ في مصلحة الجزء بالأساس، مصلحة الكُل تكمُنُ في مصلحة الكُل، بدون أيَّة فوارق بينية في المصلحة العامة للجميع، تنصهر مصلحة الجزء في مصلحة الكُل كما تنصهر مصلحة الفرد في مصلحة المجموع، بذلك نصبح على الوحدة وتوحيد الجهود لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام، للدولة والمجتمع والمؤسسات على حد سواء، تعلو المصلحة العامة للدولة والمجتمع والمؤسسات العامة على كافة المصالح الخاصة بالدولة ولا يمكن للدولة العامة أن تكون دولة خاصة في يوم من الأيام، مصلحة الكل عامة وتحققها الدولة العامة للجميع، بهم وإليهم بالوحدة وتوحيد الجهود في شتى مجالات الأعمال لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام والله ولي التوفيق.
العمل في الدولة المتزنة يكون للصالح العام بالدرجة الأولى وليس للصالح الخاص، الصالح العام مصلحة الكل، والصالح الخاص مصلحة الجزء، ولا يمكن لمصلحة الجزء أن تعلو على مصلحة الكل، فالكل يسود على الجزء وسيادة الجزء على الكل من المحال، وخير الأمثلة على الأنظمة الفكرية التي تشير بوضوح إلى تغول مصلحة الجزء على مصلحة الكل هي بعض الدول التي تعتمد نظرية الرأسمالية التي تتضمن في محتواها عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، كيف لدولة مستقلة ذات سيادة أن لا تتحكم في اقتصادها ؟!، فالدولة التي لا يعمل اقتصادها في ظلها هي دولة لا تملك اقتصادها بالأساس، وإن لم يخدم الاقتصاد الدولة ومجتمعها ومؤسساتها العامة فهو يخدم غيرها، من يملك اقتصادكم يملك دولتكم فلتحرصوا على استقلال الاقتصاد وبقائه اقتصادا عامة في ظل الدولة العامة دون هيمنة خارجية عليه عبر نوافذها في الداخل، فالدولة التي لا تملك اقتصادها هي دولة غير مستقلة سياسيا وإن تظاهرت بذلك في أعياد الاستقلال.
الدولة المتزنة تحفظ الملكيات العامة والخاصة على حد سواء ولكنها تفصل بين رأس المال العام للدولة ورأس المال الخاص، لا أن يتغول الأخير عليه فلا يمكن لرأس المال الخاص أن يسود على رأس المال العام للدولة والمجتمع ومؤسساته العامة، الجزء في ظل الكل ولا ظل للجزء على الكل بتاتا، هنا يكون الجميع سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات على حد سواء، هنا تتحقق المصلحة العامة للدولة والمجتمع والمؤسسات على الصعيدين العام والخاص باتزانية غير قابلة للتجزئة، يتم فيها تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، وهذا ما يجب أن يفهمه الصعيد الخاص في الدولة المتزنة، يجب أن تنصهر مصلحة الجزء في مصلحة الكل كما تنصهر مصلحة الفرد في مصلحة المجموع، هذا يحقق المصلحتين على حد سواء، انصهار مصلحة الجزء في مصلحة الكل يكمن في عمل الجزء لمصلحة الكل، الكل يضع سياسة الجزء لا أن يضع الجزء سياسته على الكل، ولا يمكن انصهار مصلحة الكل في مصلحة الجزء ولا يمكن أن تعمل مصلحة الكل لأجل مصلحة الجزء، فمصلحة الكل لا تنصهر إلا في مصلحة الكل ولا تعمل إلا لمصلحة الكل، هذا ما يَصْلُح وَيُنْشَد لتحقيقه دائمًا وأبدًا، هذا ما يقوله الضمير ونداءات الواجب من الفرد تجاه بني وطنه وأمته، حيث تتلاشى الأنا في ظل الكل ويسود الضمير على الفرد والمجتمع، الضمير الداعي قولا وعملا لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام.
الملكيات العامة للدولة يجب أن تحفظ وتصان كالملكيات الخاصة تماما، هذه هي النقطة الفارقة بين من يعملون لتحقيق مصالحهم الخاصة الضيقة المحدودة المادية وبين من يعملون لتحقيق المصلحة العامة للجميع، كون من يعملون للصالح العام يعلمون جيدا أن مصلحتهم تكمن هناك ومنصهرون بها في مصلحة الكل وهم يعتبرون جزءا لا يتجزأ منه بطبيعة الحال وهم ينشدون المعنى قبل المادة فالمادة تابعة للمعنى ولا يتبع المعنى المادة بتاتا، يُنْشَدُ الْمَعْنَى والمادَّة تَتْبَعُه، عندما يعي المرء ذلك تتحقق مصالحه ومصالح الغير لأنها أصبحت واحدة منصهرة، دولة واحدة للجميع، شعب واحد، مصالح واحدة للجميع دون أية أقلية محتكرة تعمل لصالح الجزء ضد الكل، فلا صالح للجزء دون صالح الكل بالأساس، مصلحة الكل تكمن في مصلحة الكل وهي تحقيق ما فيه الخير للصالح العام، وعندما يعمل الأفراد والمجموعات على تحقيق ذلك نصبح على الوحدة وتوحيد الجهود لتحصيل المصالح المشروعة لجميع مواطني الدولة المتزنة وتكاملها وتعاطل المضار بذات الآلية وإبطالها في شتى مجالات المهن والأعمال العامة والخاصة وفقا لما ينصه دستور الدولة وقانونها ولوائحها وتشريعاتها النافذة تحقيقا لما فيه الخير للصالح العام والله ولي التوفيق.
الأربعاء 28/8/2020 ف