المقالة

المواساة جوهر الإنسانية

من أعمال التشكيلي علي المنتصر

المواساة هي شطر الدين، بل التطبيق العملي للعبادة الحقيقية فمن عُدمت فيه المواساة لِخَلْقِ الله قد فقد شيئاً جوهرياً في دينه واختل ميزان الإيمان لديه، فالمواساة سلوك ظاهر يعكس جوهر الإنسان وباطنه، ومن الشواهد المبكرة في خُلق المواساة لدى سيد الإِنسانية ونبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى قبل تكليفه بالرسالة ما حدث مع بداية نزول الوحي عليه افضل الصلاة والسلام عندما قال لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فأجابت: رضي الله عنها قائلة:

كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ»

حديث آخر يقف شاهداً على مواساة سيد الإنسانية للبشر وغير البشر بل وقبل صدور المواثيق الدولية وجمعيات الرفق بالحيوان بقرون طويلة، فيروى أن النبي دَخَلَ حَائِطًا (أي بستانا) لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ. فَقَال:َ مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ.. لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ.

فكان صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين دون استثناء يواسي الجميع ويعلم الصحابة الكرام مبادئ المواساة وأنها لا تتجزأ فعلينا أن نواسي البشر وغير البشر والطير وكذلك الشجر، انطلاقاً من مبدأ أن الخلق كلهم عيال الله فأقربنا لله اكثرنا مواساةً ورحمة مع خلقه.

والحديث عن عاطفة المواساة حديث ذو شجن ويطول وهذه العاطفة لا تنبع إلا من النفوس المؤمنة والطيبة والنقية فهو دافع إنساني بالدرجة الأولى، يجعل من الإنسان مندفعاً لمواساة الخلق دون النظر إلى الفروق في الدين أو اللون أو العرق والقوميات المختلفة.

وما أحوجنا اليوم إلى فيض من المواساة وأن نشعر ببعضنا البعض وأن نسلك مسالك الإيمان الحق وأن نتدرج في سُلم الإنسانية، حتى يرحمنا الله برحمته الواسعة ويقينا شر الأنانية والقسوة واللامبالاة مع خلق الله.

مقالات ذات علاقة

حَاجَة مَاجة فِي الشِّكْمَاجَة!!!

رضا محمد جبران

دجاجة نوميدية بالسلفيوم ووصفات من المطبخ الروماني

عبدالمنعم المحجوب

يمكن أن نسأل الجمهور

أحمد بللو

اترك تعليق