>
سالم بوفليقة
sallmosa@yahoo.com
>
مات الطاغية لكن الكثير من أزلامه وأتباعه لازالوا يرتعون بيننا بطرق وأساليب متنوعة ومتعددة يمارسون ألعاب التخفي والتستر بكل حرفنه ويتسلقون بكل رشاقة فالأمر وببساطة شديدة لا يحتاج منهم سوي استبدال قناع بقناع ، وشعار بشعار أخر والغاية معروفة لهم مسبقاً وهي الحفاظ علي مكتسباتهم , من مكانه وسلطة ومال , فمن كانوا من أمناء المؤتمرات واللجان الشعبية , وأعضاء المثابات الثورية ، وغيرها من مكونات منظومة الفساد البائد وأساسيات وجوده وبقائه , إنقلب الكثير منهم بين عشية وضُحاها إلي مناصرين ومؤيدين لثورة فبراير ليس من مُنطلق الإيمان بضرورتها ، بل من مُنطلق الإقرار بحتميتها ، وبكونها أصبحت واقعاً لا مفر منه , فغادروا السفينة الغارقة بسرعة البرق ، وقفزوا بالمركب الجديد !!! لتصدُر الواجهة مرة أخرى فالقناعات الراسخة لا تتغير بين عشية وضُحاها لكنها المطامع والمطامح , وشهوة المال والسلطة , ولا شيء غير ذالك كما أن إعلان الإنشقاق ( قبل سقوط القذافي )لا يعفي من المساءلة والقصَاص والحِساب العسير فالقذافي نفسه وفق هذا النهج كان بإمكانه أن يعلن انشقاقه عن نفسه ونذكر جميعاً تلك الأيام عندما أنتشر خبر الخروج لتظاهر قال إني سأخرج معكم … وكان بالإمكان أن يعلن أنضمامه لثورة فبراير , مبرراً ذلك بأنه كان مغرر به من قبل قوة أجنبية استعمارية وكذلك من قبل أزلامه وأتباعه الذين أوهموه بأنه علي حق وشعبه علي باطل وبأنه لم يُجبرهم علي حمل السلاح , ولا علي ارتكاب جرائم الإغتصاب وانتهاك الأعراض ، فهل يعقل هذا !!! وهل يعقل أيضاً أن من كانوا يتفاخرون بأنهم من قوي الثورة الفاعلة ، المؤمنة بالكتاب الأخضر والنظرية العالمية الثالثة , وبأنهم من الرعيل الأول المؤسس للجان الثورية ، يتباهون بتقادم أرقام عضوياتهم وتعدُدِها في النظام الجماهيري أصبحوا من مؤيدي 17 فبراير ، هكذا وبكل بساطة ..؟ وقد رأينا من كان منهم ذات يوم يقطن شقة بالإيجار ، ويقود سيارة متهالكة ووجد في العمل الثوري الأخضر الطريقة الُمثلى لتغيير نهج حياته ، فتقلب من أمين لجنة شعبية إلي أمين مؤتمر , وغيرها من التكليفات الثورية , وأصبح من أصحاب المنازل الفسيحة والسيارات الحديثة الجديد , ولا بأس من مزرعة وإستراحة لغرض العلاج والأستجمام … ثم وجدناه من قيادات الثوار … ومن قيادات المجالس العسكري .. ويتحدث بإسم ثورة فبراير هو وغيره كثير في كل المجالات لكننا نقول له ولأمثاله من المتسلقين والمنافقين , إننا واعون تماماً ومدركون لكل خُطواتِكم , ونعرف الغاية منها فلن تتطهروا من ماضيكم علي حسابنا ، ولن تغسلوا أدرانكم بدماء شهدائنا وجرحنا وما قد تكونوا قدمتموه من مال أو جهد أو حتى دماء فلا تعتبروه مِنه علينا , فلا حاجة لنا بكم وإنما دفعتموه عن كمد ، كمحاولة أخيرة لتلميع الصورة والتاريخ , الذي لا ينسى الماضي أبداً ، فلن يجدي التستر بالالتحاق بكتائب الثوار , وبطاقة مجاهد لن تمنحكم تأشيرة الغفران , ولن تكون كلمة السر للعبور إلى الضفة الأخرى , كما أن خلع الخِرق الخضراء , وإحراق بطاقات عضوية الكتائب الأمنية , والحرس الثوري الأخضر ” التي طالما تشدقتم بها طويلاً ” لن تنفع في إعادة برمجة أجنداتكم , وتغيير خطط اللعب بأخرى تتماهى وتتماشى مع المتغيرات الجديد ، وللأسف الشديد قد نجح بعضكم في التسلل إلى العديد من المؤسسات , وبحكم ولائهم القديم صاروا يُسربون المعلومات والإجراءات , التي قد تتخذ ضد الأزلام والتُبع وأفراد الطابور الخامس , وإبلاغهم عنها لأخذ الحيطة والحذر هذه الوجوه الكالحة التي تتستر بزخم الثورة , ستسعى للإلتفاف عليها , بفضل الخبرة والحنكة , التي اكتسبوها عبر سنوات الضياع والجهل والتخلف في تدبير وإدارة شؤون التصعيد وتربيطات المرابيع , وجلسات النساء والشواء , رغبة منهم في تدوير آلية الإنتخابات القادمة ، وفرض الوصاية عليها وفق أهوائهم , وفي المرحلة الجديد , علينا أن لا نسمح لهؤلاء بالسيطرة عليها بل نحتاج فيها إلي وجوه وطنية صادقة ، وما أكثرهم دمائهم نقية وأياديهم نظيفة , لم تتطلخ بدماء الشعب ولم تنهب وتسرق المال العام , ولم تتعدى على مقدرات الوطن , ولم تتاجر بالشعارات , ولم تُبحُ حناجرها بسبب الهتاف والصياح وكيل المدائح عبر المنابر الإعلامية , للزعيم والقائد , وجوه تسعى لبناء الوطن ورفعة أبنائه فقط علينا أن نُحسن الاختيار لبناء دولة يحكمها دستور وقانون , لا نظام فاسد جديد , يديره ويرتع فيه , حفنة من الثورجيين السابقين والأوباش .
25/ 1/2012 – طبرق