خليفة احواس
كنا نتأفف طلب قرش من غيرنا ولو كانوا والدينا، كنا نرنو بشوق لتجاوز الصف الرابع لنهجر القلم الرصاص ونعانق قلم الحبر (البيرو)، كنا نخاف والدينا برا وطاعة ونخفض لهم جناح الذل، كنا نعرف بعضنا من أثر الخطى التي نغرسها في تراب هراوة من المدرسة وإليها.
كنا نقول (عفوا يا استاذ) قبل أن نجيب على اي سؤال، كنا نكره الكعك لانه مرتبط عندنا بالرسوب ونحب نغمة الجرس لأنها أيذانا بوقت الاستراحة وبنهاية حصص بعض المواد التي نكرهها.
كان فرحنا جماعياً من القلب، وحزننا جماعياً من القلب، لم نكن قبليين مع أننا نعتز بقبائلنا، لم تجري على ألسنتنا كلمة واسطة ونؤمن يقينا كما علمنا أهلنا أن (الجيدة تطلع بذراعها)، كنا نقول بالعيد سامحنا و نقبل الرأس ولا نعرف التلاطم بالوجوه.
كانت أحلامنا صغيرة ولكنها مكتظة بالرضا عن ذواتنا، لم تكن كأحلام اليوم رغم بونها تخلو من بصيص السعادة، تلك أيام كنّاها، وهي غير أيامنا هذه بسبوتها وسباتها.