مدينة طلميئة الأثرية.
تاريخ

مدينة طلميثة الأثرية.. تاريخ مثير وغرابة الموقع الجغرافي

مكتب العلاقات العامة والاعلام

مدينة طلميئة الأثرية.
مدينة طلميئة الأثرية.
الصورة: الهيئة العامة للسياحة.

شيدت مدينة طلميثة على شاطيء البحر المتوسط في إقليم (سيرينايكا) شمال شرقي ليبيا، أخصب المناطق الزراعية بسهولها ومراعيها مترامية الأطراف ، وأكثرها انتاجاً للغلال والثمار والحبوب، الأمر الذي أسهم وبشكل كبير في تطور المدينة وازدهارها اقتصادياً وزراعياً وتوسع الأعمال الفلاحية و تربية النحل.

و شكلت المدينة أحد أركان إقليم “البينتابوليس”، أي المدن الخمسة، محل مدينة برقة في مجلس مدن الإقليم، وتعد رسائل الفيلسوف والأديب “سنيسيوس القوريني” الذي عاش في المدينة سنة 370 – 413 للميلاد أهم المصادر التاريخية عن تاريخ طلميثة، جنباً إلى جنب مع مدونات المؤرخ البيزنطي “بروكوبيوس” مؤلف كتابي “التاريخ السري”، ورسالة في البناء”، بالإضافة إلى النقائش، والحفريات الأثرية التي أسفرت عن فرد صفحات كاملة من تاريخ المدينة.

الرحالة الأوائل

استقطب الموقع عدد من الرحالة والمستكشفين منذ بدايات القرن الثامن عشر، حيث زارها الرحالة ” كلود لامير” سنة 1705 – 1706، والرحالة “جرانجير” سنة 1730، و”جيمس بروس” 1768، و “سير فيللي” في العام 1811 – 1812، وخلال القرن التاسع عشر أعد الأخوان “بيتشي” سنة 1828 أول المخططات الأثرية للمدينة، ونشر “جان ريموند باشو” لأول مرة ملاحظات حول الموقع، وكان عالم الآثار البريطاني “جولد تشايلد” أول من أطلق عمليات النشاط الأثري أو الأبحاث العلمية الجادة خلال الفترة من 1959 – 1964، وتشير المراجع التاريخية إلى أن أول عمليات نقل آثار من المدينة تمت سنة 1851 قام بها القنصل الفرنسي في بنغازي “فاتيير دي بورفيل”، بعد أن اقتلع نقش كتابي من أحد جدران مقر القائد أو قصر الدوق يحمل نص قرار “اناستاسيوس” الذي يرقى تاريخه إلى مطلع القرن السادس الميلادي، وتم نقله إلى متحف اللوفر بباريس.

غرابة الموقع

تؤكد عمليات المسح الجغرافي أن موقع طلميثة ، يتميز بشي من الغرابة ، بداية من اختياره ، بإطلالة على ضفاف البحر المتوسط ، وخلفية مرتفعات الجبل الأخضر بمرتفعاتها المنهمرة على المياه الفيروزية، وسط منطقة تتميز بتضاريس صخرية وعرة، وتعرجات ساحلية متواصلة، بين واديان “زوانة ، وخنبش”، ما شكل تحصيناً طبيعياً للمدينة ، فضلاً عن توسطها المسافة بين مدن طرابلس ، والإسكندرية ، وأثينا ، والمقدرة بنحو 1000 كيلومتر، وهي المسافة الفاصلة بين طلميثة، والمدن الثلاثة.

تاريخ طلميثة

برزت طلميثة منتصف القرن السابع قبل الميلاد ضمن المدن الإغريقية ، وميناء لمدينة برقة (المرج) بين عامي 675 – 650 قبل الميلاد وخضعت للأسكندر سنة 331 قبل الميلاد، ووقعت تحت سيطرة الرومان في القرن الأول قبل الميلاد، واندرجت تحت سيف البيزنطيين خلال القرن الخامس للميلاد.

أطلق الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس إسمه عليها بعد زواجه من برنيق ابنة ماجوس ملك قورينا، وشهدت المدينة أوج ازدهارها فى عهده (258- 246 ) ق.م، سيطر عليها الرومان خلال سنة 74 ق.م حيث شهدت المدينة نشاطاً أدى إلى ازدهارهاحتى أضحت عاصمة لاقليم برقة إلى القرن الخامس للميلاد.

مدينة طلميئة الأثرية.
مدينة طلميئة الأثرية.
الصورة: الهيئة العامة للسياحة.

الهندسة الشبكية

تغطي آثار المدينة مساحة المحصورة داخل الأسوار 250 هكتار، تضم بقايا القصور الفخمة والخزانات الكبيرة التى تعد من أكبر صهاريج المياه الرومانية في شمال أفريقيا، كما يظهر في المدينة بشكل واضح نظام الطرق الشبكية، الذي أسسه ( هيبوداموس) المالطي خلال القرن الخامس، مايؤكد الأصول الهيلينستية، ويظهر مخطط المدينة النظام الشبكي القائم على تعامد الطرق، مايجعل تمييز شوارعها بوضوح تام على أنها شبكة من الجزر بمساحة 100 × 500 قدماً بلطمياً أي مايعادل 365 × 36.5 متراً خصصت لإقامة المباني.

استرعى موقع المدينة اهتمام عدد من الرحالة خلال مرورهم إلى مدينة شحات، وكان الرحالة ملود لامير 1705 – 1706، وجرانجير سنة 1730، وجيمس بروس 1768 أبرز من دون الملاحظات حول الموقع، وخلال القرن العشرين الماضى أقام الايطاليون سور حول المدينة يعرف بالسور الايطالي.

طلميثة اليوم

قرية صغيرة هادئة وادعة على ضفاف البحر المتوسط، ذات كثافة سكانية منخفضة، تضم مرفأ صغير يشغله بعض الصيادين ، وبها بعض المحال التجارية ، ومرافق الخدمات العامة، أما المدينة الأثرية الواقعة جنوباً فقد كشفت الحفريات وأعمال التنقيب فيها عن نحو 43 معلماً أثرياً، من قلاع وفلل ومبان عامة، والحصون التي شيدت للدفاع عن المدينة خلال نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس للميلاد، تظهر على مساحة 1450 × 1700 متراً، ويلاحظ ندرة وجود المعابد التي يبدو أنها حورت إلى استخدامات أخرى، أو دفنت إثر الزلازل التي ضربت المنطقة، ويلاحظ اتنشار القلاع والصون مشيدة خلال القرنين الرابع والخامس للميلاد.

كما تضم المدينة متحف يضم أهم اللقى والآثار المكتشفة في المدينة، فيما أظهرت صور الأقمار الصناعية أساسات عدد كبير من المباني ، مايؤكد أن أجزاء واسعة من المدينة لاتزال مدفونة تحت الرمال، كما إن الدراسات متواصلة للكشف عن استخدامات المبان ، بيد أن المعالم المكتشفة تفي بإعطاء لمحة عن تاريخ المدينة.

مقالات ذات علاقة

فى ذكرى الجيش الليبى 1

سالم الكبتي

أطلال مدينة قرزة الأثرية

المشرف العام

مما جاء في وصف طرابلس وأهلها

المشرف العام

اترك تعليق