كحافلة نقل سريع
بدرجة اقتصادية قلبــــــي
بمحطات
و بوابات
و نقاط تفتيش شعور
و حقائب سفر تحمل أسرار أصحابهـا
و عشقكـــ ..
تصطف فيا المقاعد
خلف بعضها البعض
و لكل جالس حكاية عنكـ
تختلف أحداثها عن الأخرى
و مدينتها
و وجهتها
و همومهــــــا ..
حكايات
تقاطعت دروبها في يوم ما معي
شخصا قرر وجوده في طرقها المعبدة
صعد و جلــــــس ..
كــــــانت مقدمة الحافلة
مخصصة لصغار المشاكل و الكوارث النسائية
أما في الخلف
فللعزاب من العاهات الغرامية
الذين لم يجدوا صدرا يستقبل وحدتهــــــم ..
من ركاب قلبي
من كان متجها ليتاجر بأي أحساس
بحثا عن الكسب السريع
لإرضاء نرجسيتــه الهابيلية الأولى ..
و منهم
من تعاطى جرعة مهدئاته
و لا يرغب سوى في قسط من السكينة
و إغفاءة نسيــــــان ..
و منهم
من واصل الثرثرة عن مشكلاته
حاملا بوق الخيبة
كنائحة العــــــزاء ..
و منهم
من نقل ناظريه بين الأحاديث المتبادلة
و الحوارات المنتقاة
كطفل يسترق ذاكرة عمــــــر ..
و منهم
من إلتزم جانب الشرود
و أوصل أفكاره لمتلاحقات الآتي من معالم الطريق راحلا في خيال الإنتظار..
فضفاضة مقاعدي أنا
و تستقبل مختلف فصائل الركاب
دون تمييز لانتمائهم لي
أو لكــــــ..
و رحبة ممراتي
لتستوعب هذا الكم من المشردين منكــــــ..
أذكر ذاك المصروع
من كثرة تناول الكآبة و الشوق
كانت جراحه تقطركــــــ
و ابتسامته تلمعكــــــ
و صوته ينطقكــــــ
و تجيب بإسمكــــــ كل أسئلته
و كان يكابر مدعيا لااستسلامه
لآخر محطة تقف عندها عجلات الفــــــؤاد..
أذكــــــره
كسيرا كعصفور خرشنة جريح
فاتته أسراب الهجرة دون إلتفاتة حنان طريق
أو إيماءة إهتمام مسافر سواه
و بلا آمال الوصول
و كواسر البرية
تسحب غطاء الليل خلفه
لتلتهمه وحيدا ..
أنسى أحيانا
فهي حافلة بدرجة اقتصادية
تقبل الجميع شرط دفع أجرة الراكب
و الأجرة كانت
جزءا من عمري
و قسما من ذاكرة حياتــــــي..
مرت أحداث
و طرق
و بوابات
و تتابعت مدن
و خلت الحافلة إلا مني
و ذاك الأنا الآخر الكسير
و عندما سألت أناي السائق
عن المحطة الأخيرة
أجاب أقود فقط أنا
و لا أدري إلى أين تسوقني الطرق ..