هاجر الطيار
ها هو يشد رحاله مع بزوغ الفجر يضرب فجاجة الأرض ليكتشف ما وراء الشمس، نار في نفسه يشد أورها تشده نحو الرحيل، كان كل يوم يتوارى مع خياله الجامح حتى تلاشى ظله خلف الافق.
تأخذه الغفلة ,حياة صاخبة ، نهار مُتعب وليل طويل.
أهذا ما كان يحلم به ؟!
قرر أن يرمي كل شييء خلفه ويكون شخصا آخر غير الذي هو عليه ، انطلق مسرعا يسابق خطاه وظن أنه قد تقفل الستار على كل ما مضى ، اغمض عين القمر ،ذهب وماعاد يريد ان يلتفت نحو الوراء .
و يمض عام يتلوه آخر حتى تراكمت السنين دون يتحرك قلبه أو تهفو نفسه ، كان الجميع لا يرى خيطا واحدا من نور قد يعيده ولو على حين غفلة ! إلا هي … بقيت واقفة على أعتاب الانتظار تعانق الذكريات التي باتت تدك عنقها كانت تشعر بالبرد ينبعث من جدران البيت برغم حرقة الغياب.
ها هي تواضب على عاداتها معه … ترتيب سريرة تنظم آثار مكتبته .. تفتح خزانته وتتفقد ما تركه من خلق الثياب .،تشتم بقايا زجاجات عطره ! وعبرات الم ترسم اخاديد على ذلك الوجه العتيق الذي صار يذبل مع كل إشراقة غياب تمد يديها للسماء بضراعة ان يرده الله اليها لعل الروح تدب فيها من جديد.
كان ركنها المفضل حيث كان يحلو له الجلوس تناجيه : أبوابك مشرعة بُني اطرق أيها شئت لن تجد مثلي لن تجد كحضني لن تجد كدفئي فانا لون من الوان نفسك ,سوف تعود يوما مهما طال الغياب .
كانت امطار حنينها العذب تتسلل الى نفسه قطرة قطره و دون أن يشعر بدأت تذيب الجليد الذي كسى قلبه وتلاحقه كل ما حاول أن يلوذ منها بالفرار كانت رياح شوقها توقظ روحه من سباته العميق وما يلبث أن يخامره شعور بأن تنطفئ تلك الشمعة فلا يعود يرى النور من بعدها من جديد .
وذات حلم يطرق مسامعها إيقاع عذب يدغدغ قلبها صوت لطالما عاشت على انفاسه نعم لازال حاضرا حتى الساعة ها هو يعود بعد ان اضناها طول التطلع والتشوق للقاء هاهو يطرق بابها لتذوب كل سنين العذاب ها هو يرصع سماءها بالنجوم ويزينها بالأقمار والكواكب لقد عاد بعد طول غياب نعم قد عاد.