

1
السيارة أمام البيت الرخامي ذي الطابقين.. السائق يمسح زوايا الزجاج الأمامي التي لا تطالها المسّاحات.
2
ارتدي بذلته الزرقاء المكوية بعناية.. قال يُحدِّث نفسه:
ــ القميص الأبيض سيكون لائقاً مع البذلة.. خاصة مع رباط العنق الأزرق.. فتبدو اللبسة بهذا التبادل: أزرق..أبيض..أزرق.. فإذا أضفنا الحذاء الأسود اللامع فإنني دونَ شَكّ سأسرق الأضواء هذا اليوم.. يبدو أنّ الأضواء بدورها تتطلَّب سرقة!
فرقع أصابع يديه.. وقف علي مشطَي قدميه وفرقعهما.. ثم فرقع عنقه أيضاً.
ــ لا بأس لو تأخرت.. خَلِّيْهم يَرْجَوا.. فالاجتماع لن يبدأ بدوني علي كل حال.. سيبقي الكرسي علي رأس الطاولة شاغراً.. وهم ينظرون إلي ساعاتهم قلقين.. وعندما أفتح الباب سيلتفتون جميعاً ناحيتي.. يا لها من لحظة!
مسح علي صلعته قبل أن يتقدَّم ناحية المرآة.
ــ للصلعة إيجابياتها.. فهي تُريح من عناء التمشيط.
وقف أمام مرآة المدخل.. مسح عينيه..ضيَّقهما.. مسح المرآة بظاهر يده.. نفث البخارَ علي سطحها.. لكن لا أثر لصورته.
ــ ما هذا؟ ما الذي أصاب هذه المرآة اللعينة؟ كيف تكون ساطعة إلي هذا الحَدّ.. تعكس كل شيء.. الساعة الحائطية..المزهرية.. شجرة الرمّان التي تهتز خارج إطار النافذة.. بل وحتي هذه الذبابة الحقيرة التي حامت حول صلعتي وحطَّت لتوِّها خلفي علي الجدار.. والتي يُفترَض أن أحجبها بكتفَيّ.. لا شك أنها الشفافية التي يتحدثون عنها! ها أنا قد حقَّقتُها دون عناء.
جاء صوت السائق من الشارع:
ــ السيارة جاهزة.
نظر في المرآة نظرة أخيرة..جثا.. نهض مرَّة أخري.. لكن لا جدوي.
كوَّر قبضته وسدَّدها إلي المرآة.. انحني لينظر في الشظايا المبعثرة.. تملَّكه الغضب.. فأخذ يدهس الشظايا التي لم تكن تعكس سوي الثريّا المتدلية من السقف.