

أحب الوطن والشعر والنساء ../ أحب المشي على طريق الشط ورؤية البواخر الراسية والأطفال وهم يلعبون تحت السماء الخجولة .
أحب التسكع في أزقة اطرابلس القديمة ، أتوسد العاصفة ، وأنام في المهب . أحب العبث بالنجوم ونواقل الصوت الصاخبة ،
والقصائد التي لا تصلح للإلقاء في القاعات الوقورة .
أحب أشباهي الحمقى وهم يتساقطون الواحد تلو الآخر في شباك النثر غير ملتفتين لنصائح النحاة وخبب المهذارين ..
أجل أحب ارتكاب الحماقات حين يغدو التعقّل عبئا على الحقيقة .
أحب أن أخسر أصدقائي الحميمين وحبيباتي الأثيرات إذا كانت الحقيقة تقتضي حكمة الكذب .
أحب التنصل من عواطفي لحظة أن يوضع الشعر والنباح في سلة واحدة .. وأيضا أحب ركوب القطارات البعيدة فيما حبيبتي تغفو على صدري .
أحب النحاس وخلخلة القوانين عندما يغدو الشك يقينا للضرورة .. لكي أبصر جيدا ترهات السادة وهم يتمخطون على أحلامنا البريئة .
أحب التمعن فوق العادة كلما لاحت لي فكرة غامضة تطفر من شقوق الحقائق البائسة .
أحب شتم الكلمات العاجزة عن استضافة الرؤى وركلها على مؤخراتها .
أحب روايات إبراهيم الكوني ، وأغوتا كريستوف ، وكلّ شيء لا يذكرني بشيخوخة العالم .. وانتظر الضرورة التي تقتضي التبول على
نجوم فنادق ( كازا بلانكا ) التي حرمني حملة الحقائب من قرص أثدائها النافرة .
أحب الهواء المعطر بأنفاس أطفالي وعرق حقائبهم المدرسية وضحكاتهم الطرية وهم ينطون بمرح على رؤوس الأعوام ، محتفلين بتفوقهم
على مدارس الوهم ، أحبهم وأحب بلادي الصغيرة .. وأريدها تلك الأميرة الناعسة في مقهى ساحة جامع الفناء ..
أريد الكثير ، والكثير من التسكع و العواصم والموسيقى والمطر .. وأنا أنظر إلى قساوة الزمن الخؤون وهو يعبر تاركا تجاعيد وجهي على المرايا ..
أجل أحب كل ذلك ، وأنتظر من يحييني: صباح الخير يا عمّي مفتاح ..
صباح الخير أيها الشاعر الكهل المتخفي بعلانية خلف قبعته الجديدة .
أنتظر المطارات الصقيلة وهي ترنو بتوله إلى حذائي .. وأتساءل ما الذي تخفيه أقدامي يا ترى حتى تتعثر بلادي ولا تراني .