قصة

قصص متقاطعة

Elgeddafi_Alfakhri_03

• الضحك بالمجان

حدث هذا فى فترة غابرة. فقيه كلف بالذهاب لارشاد سكان احدى المناطق البعيدة باْمور الدين. شرح لهم.. علمهم الصلاة. وعظهم كثيرا. ذات مرة وهو يتقدم للصلاة بهم فى احد الاوقات. اشار لهم بتسوية الصفوف. كانوا لايلتزمون بذلك. يحصل تقديم وتاْخير فيها وعدم انتظام. رسم لهم خطا حتى لايتجاوزوه ويتم الانتظام… وقت الصلاة قال: استووا يرحمكم الله… صلوا ع الخط. اجابوه بصوت واحد: اللهم صلى وسلم عليه!!

• اين يذهب القمر؟

تنتهى دورته بعد ان يكون قد اضاء الدنيا فى ايام من الشهر. يلوح جميلا. يصغر ثم يكبر. يتغزل فيه الشعراء ويمدحونه. تردده الاغانى. وتفخر به الحسان لانهن صرن قطعة تشبهه فى جماله ايام الشهر. القمر يضىْ.. يظهر فى الدنيا كلها.. على امتداد العالم. يضىْ البيوت والقلوب والشوارع والليل.. وكل شى.. ويشعر بالحزن عندما يقع فى دائرة الخسوف. القمر جميل. القمر فضة تتوهج. عناقيد من الضوء فى الليالى الحالكات. يعطى فرصة للناس من الذوق والضوء والتوهج.. لكنهم يعودون الى الظلام حين يذهب القمر.

• الطوفان.. بداْ من فزان

وتذكر بعض المصادر ان فزان اسم لاْحد ابناء نوح عليه السلام. وان المواصفات الواردة فى القران الكريم عن بلد قوم نوح يمكن ان تنطبق على ليبيا فعلا وان مواصفات التطور الحضارى للشمال الافريقى تثير علامة استفهام كبيرة استنادا على ان استيطان الانسان فى المغرب العربى قديم جدا. وقيل باْنه حين يعرف المؤرخون من اين انطلقت سفينة نوح واين رست وماذا حملت.. وماذا حملت مياه الطوفان معها فاْنهم سيجدون انفسهم امام حقيقة ان الطوفان حمل معه كل التاريخ المغربى ليضعه فى ارض المشرق العربى. لقد فار التنور فى منزل نوح فى فزان او قربها عام 6600 قبل الميلاد ايذانا بالصعود الى الفلك. ان بلاد قوم نوح كانت تقع بين الهقار وبين بحر الرمال العظيم وتتمثل فى فزان او المنطقة المحاذيه لخليج سرت او كليهما معا.. والارجح هو منطقة فزان. بداْ الطوفان من فزان واستقرت السفينة فى فلسطين.. وليس فى الجودى بالعراق… هذا بعض ماورد فى كتاب (روان.. سر الاسرار) لعبدالرحمن محمد غنيم مؤكدا دراسته بكثير من الرسوم والنقوش والحفريات والادلة.. كتاب اعيد قراءته من جديد الان. الطوفان بداْ من فزان.. وقوم نوح كانوا هناك.. والله اعلم.

• الصحراء والدروب.. احلام العودة

كان ذلك فى اعوام الخمسينيات الماضية عندما شرعت الشركات فى التنقيب عن البترول. معسكرات وحفارات عملاقة واضواء باهنه تبان فى الليل عن بعد. وعمال ينتشرون فى الخيام. وحرارة الشمس ودوامات الغبار والحنين الى الاهل فى الشمال. حكايات واغان من العلم تشق صدر الليل ونجوم تظل عالقة فى السماء… بداْت معالم الصحراء تتغير. اثار العجلات والعلب الصدئه والدروب المتعددة والعطش والمتاهة والسراب. شرعت الشاحنات تنقل من الموانى الانابيب والمواد وصناديق المتفجرات.. وكل شى. وتدوم الرحلة اياما وليال. استراحة واعداد الطعام من قبل المساعدين وبراد شاى ومعالجة غوص السيارات الضخمة فى الرمال. الصحراء بداْت تتغير.. لم تعد بكرا. لكن الخداع والسراب ومراْى الغزلان السارحة من بعيد.. لايتوقف. ثم اختفت وابتعدت.. او انقرضت. كان السائق يجهز لرحلته. يودع اهله. يقبل صغاره.. ويحلم بهم على طول الطريق. ويعدهم بعلب التن وشرائح البولابيف وقطع البسكويت والحلوى. والذهاب والاياب يتميزان بالمشقة والسهر. كان النقل فيما مضى فيه سهولة ويسر رغم التعب. الاغنام والمواشى وحتى.. الحمير نقلت فى سيارات ضخمة الى الشرق.. الى اسواق مطروح والحمام. مجاريد اولاد على. وحكاياتهم. والنزول الى الاسكندرية. كل ذلك سهل. الطريق معبدة رغم ضيقها. اما الان فالصحراء عالم مجهول ومتغير. الكثيرون فقدوا. فقدوا وماتوا من الضياع والعطش. الليبيون دفعوا ثمن الذهب الاسود باْرواحهم فى الدروب والمدقات.. وتحت الحفارات وضوء الشمس.  والخيام والريح والغبار والليالى والحكايات والحنين الى الصغار. عودة او لا عودة. بدايات صعبة. اولئك الرجال عمل اغلبهم سائقا زمن الطليان. وتعلم منهم فنون الصيانة والميكانيكا وافاد الاخرين من تجربته ومعرفته. والصحراء تمتد. حكايات واساطير. شركات واضواء واهنه. مجتمع يتحرك ويتغير. تجذبه الصحراء من انفه. صحراء اضحت حلم الشباب تلك الايام بعد العجائز.. وشاحنات.. واحلام العودة وتكوين بيت.. وعيون الصغار. والاغانى تشق صدر الليل وتضيع فى الصحراء.

• شىْ من المرارة القديمة

كان وحيدا. لكنه يتواصل مع الناس. يشعر بالود نحوهم. يبادلونه ايضا ذلك طوال اليوم. ثمة حب يبرق فى عينيه باْخلاص على الدوام. تكسو وجهه ملامح طيبة رغم تعب الايام والاعوام التى داست كتفيه. عاش ظروفا صعبة.. قتلت الحرب ولده الوحيد وزوجته. لجاْ الى الضواحى ثم بعد الحرب بترت رجله اليمنى اثر ملامسته لغما فى احد شوارع المدينة. كان الموت تحت الاقدام ايضا… فقد الزوجة والولد والرجل اليمنى وصار يسير على عكاز طويل يتاْبطه باْستمرار. لم تبق له الحرب شيئا سوى الحزن والتشويه ومذاق المرارة. لم يرتكب اى فعل يستوجب ذلك. لتكن مشيئة الله.. هكذا يقول. كان لاينقطع عن التواصل مع الناس ومودتهم كانت تطرق بابه كل ليلة… الظروف القاسية والحالكة عليها اللعنة لكنها تزيد البشر اقترابا من بعضهم. هكذا يقول… الحرب تجعل من البشر شيئا اخر. هكذا يهتف فى اعماق نفسه فى الليالى الموحشه…  كان وحيدا سوى من ذكريات الحرب والحزن والفقد.. فقد الزوجة والولد والرجل اليمنى. تمضى السنون بسرعة. الوحدة تاْكله وتسير معه.. والعكاز ايضا شاهد على خطواته الناقصة. لا زوجة. لا اسرة. لا اولاد. لا مؤانسة.. لا شى سوى ود الناس حتى الان. ومع مرور تلك السنوات نسوه.. نسوه فى زحمة انشغالهم. خف الود. قل الاهتمام. لم يعد ذلك كما سبق جزء من حياتهم. ونسوه ونسوا ايضا ذكريات الحرب ومذاق المرارة. نبت لهم ريش. قال بصوت مسموع اخر الليل. اموال وعقارات وعربات فارهه وكفر بالنعمة… كانت كسرة الخبز.. مجرد الكسرة حلما ايام الحرب. الان يدوسون اكوامها وسط الازقة والشوارع باْرجلهم وعجلات سياراتهم.. سيرون ماذا سيحل بهم. سيرون. قال وهو يهرش جلده… ثم انهم لايعلمون ان اخطر شى بعد الحرب هو النسيان.. والموت تحت الاقدام. اعنى الالغام الكافرة. النسيان لما فات اخطر شي بعد الحرب. قد يتكرر من جديد. ثم غاب فى نوم عميق.

• عن كتب التاريخ!!

عاهرة كتب التاريخ
تدفن تحت الانقاض.. الشهداء القديسين
وتبقى اسماء شهود الزور

(عبدالوهاب البياتى – 1984)

____________

نشر بموقع ليبيا المستقبل

مقالات ذات علاقة

انْتِـقــَـــــامٌ

خالد السحاتي

خثارة بلل

آمال العيادي

ايزادورا

المشرف العام

اترك تعليق